إنجيل « برنابا » والتبشير بالنبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم

البريد الإلكتروني طباعة

إنجيل « برنابا » والتبشير بالنبي الأكرم صلّى الله عليه وآله وسلّم

إنّ الكتاب الذي جاء به المسيح ( عليه السلام ) كان كتاباً واحداً و هو عبارة عن هديه والأحكام التي جاء بها وبشارته بمن يجيء بعده ، وإنّما كثرت الأناجيل لأنّ كل من كتب سيرته سمّاه إنجيلاً لاشتماله على ما بشّر وهدى به الناس ، ومن تلك الأناجيل ، إنجيل برنابا ، و « برنابا » حواري من أنصار المسيح الذين يلقّبهم رجال الكنيسة بالرسل ، صحبه بولس زمناً بل هو الذي عرّف التلاميذ ببولس بعد ما اهتدى بولس ورجع إلى اُورشليم و لم يكن من هذا الإنجيل أثر في المجتمع المسيحي حتى عُثِرَ في اُروبا على نسخة منه منذ قرابة ثلاثة قرون وهذا هو الإنجيل الذي حرّم قرائته. « جلاسيوس الأوّل في أواخر القرن الخامس للميلاد » وهذا الإنجيل يباين الأناجيل الأربعة في النقاط التالية :

1 ـ ينكر الوهية المسيح وكونه ابن الله.

2 ـ يعرّف الذبيح بأنّه إسماعيل لا إسحاق.

3 ـ وإنّ المسيح المنتظر هو محمّد ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وقد ذكر محمداً باللفظ الصريح في فصول وافية الذيول.

4 ـ إنّ المسيح لم يصلب بل حمل إلى السماء وإنّ الذي صلب إنّما كان « يهوذا » الخائن فجاء مطابقاً للقرآن ، قد قام بترجمته من الإنجليزية إلى العربية الدكتور خليل سعادة وقدّم له مقدّمة نافعة وطبع في مطبعة المنار بتقديم السيد محمد رشيد رضا عام 1326 هـ ق.

روى البيهقي : قال أبو زكريا : ولنبيّنا ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) خمسة أسماء في القرآن : محمد ، وأحمد ، وعبدالله ، وطه ، ويس.

قال الله عزّ وجلّ في ذكر محمّد : ( مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّـهِ ... ) وقال : ( وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ ... ) وقال الله عزّ وجلّ في ذكر عبدالله : ( وَأَنَّهُ لَمَّا قَامَ عَبْدُ اللَّـهِ يَدْعُوهُ ) ـ يعني النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ليلة الجن ـ ( كَادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَدًا ) ( الجن / 19 ).

و إنّما كانوا يقعون بعضهم على بعض ، كما أنّ اللبد يتّخذ من الصوف ، فيوضع بعضه على بعض فيصير لبداً ، وقال عزّ وجلّ : ( طه * مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَىٰ ) ( طه / 1 و 2 ) والقرآن إنّما نزل على رسول الله دون غيره ، و قال عزّ و جلّ : ( يس ) يعني يا إنسان والإنسان هنا العاقل وهو محمد ، إنّك لمن المرسلين.

ثمّ قال : قلت وزاد غيره من أهل العلم ، فقال : سمّاه الله تعالى في القرآن : رسولاً ، نبيّاً ، اُمّيّاً. وسمّاه : شاهداً ، و مبشّراً ، و نذيراً ، و داعياً إلى الله باذنه ، وسراجاً منيراً. وسمّاه : رؤوفاً رحيماً. وسمّاه : نذيراً مبيناً. وسمّاه : مذكّراً ، وجعله رحمة ، ونعمة ، وهادياً. وسمّاه : عبداً ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) كثيراً (1).

أقول : والمراد من الإسم هنا أعم من الوصف ، فإنّ كثيراً منها صفاته ـ صلوات الله عليه ـ لا اسمه بمعنى العلم.

وروى أيضاً بسنده عن محمّد بن جبير بن مطعم ، عن أبيه قال : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يقول : إنّ لي أسماء.

أنا محمد ، أنا أحمد ، وأنا الماحي الذي يمحو بي الكفر ، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد (2).

قال العلماء : « كثرة الأسماء دالّة على عظم المسمّىٰ ورفعته وذلك للعناية به وبشأنه ولذلك ترى المسمّيات في كلام العرب أكثرها محاولة واعتناء ».

قال النواوي : وغالب هذه الأسماء التي ذكروها انّما هي صفات كالعاقب والحاشر ، فإطلاق الإسم عليها مجاز ، ونقل الغزالي : « الإتّفاق على أنّه لايجوز أن نسمّي رسول الله باسم لم يسمّه به أبوه ولاسمّا به نفسه الشريفة » أقرّه الحافظ ابن حجر في « الفتح » على ذلك (3).

قلت : ما ادعاه من الاتّفاق غير ثابت ، والمسألة غير معنونة في كلام الكثير فكيف يمكن ادّعاء الاتّفاق عليه ، وكلّ صفة تنبثق عن تكريمه وتوقيره وكان ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) واجداً لمبدئها فيصحّ توصيفه به.

روى البيهقي عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : « إنّ الله عزّ وجلّ قسّم الخلق قسمين ، فجعلني في خيرهما قسماً ، وذلك قوله : ( وَأَصْحَابُ الْيَمِينِ ) و ( أَصْحَابُ الشِّمَالِ ) فأنا من أصحاب اليمين وأنا خير أصحاب اليمين. ثم جعل القسمين ثلاثاً ، فجعلني في خيرها ثلثاً ، فذلك قوله تعالى : ( فَأَصْحَابُ الْمَيْمَنَةِ ) ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ ) فأنا من السابقين ، وأنا خير السابقين. ثمّ جعل الأثلاث : قبائل ، فجعلني في خيرها قبيلة ، وذلك قول الله تعالى : ( وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ ) وأنا أتقى ولد آدم ، وأكرمهم على الله ولافخر ، ثمّ جعل القبائل بيوتاً ، فجعلني في خيرها بيتاً ، وذلك قوله عزّ وجلّ : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّـهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) فأنا وأهل بيتي مطهّرون من الذنوب (4).

الهوامش

1. دلائل النبوّة ج 1 ص 159 ـ 160.

2. دلائل النبوّة ج 1 ص 152. وأخرجه البخاري كما في التعليقة في كتاب المناقب ، باب ما جاء في أسماء رسول الله.

3. دلائل النبوّة ج 1 ص 155 ، في التعليقة : إنّ جماعة أفردوا أسماء رسول الله بالتصنيف منهم بدر الدين البلقيني ، وكانت قصيدته الميميّة بديعة لم ينسج على منوالها ناسج ، ورتّب السيوطي أسماءه على حروف المعجم في كتابه « الرياض الأنيقة في شرح أسماء خير الخليقة ».

4. دلائل النبوّة ج 1 ص 170 و 171.

مقتبس من كتاب : [ مفاهيم القرآن ] / المجلّد : 7 / الصفحة : 74 ـ 77

 

أضف تعليق

النبوة

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية