سؤالات حول الإمام المهدي عجّل الله تعالى فرجه الشريف

البريد الإلكتروني طباعة

سؤالات

السؤال الأول : مسألة طول العمر ؟

السؤال الثاني : لماذا هذه الغيبة ؟

السؤال الثالث : ما الفائدة من إمام غائب ؟

السؤال الرابع : أين يعيش المهدي ؟

السؤال الخامس : متى يظهر ؟

السؤال السادس : ما هو تكليف المؤمنين تجاهه وتجاه الأحكام الشرعيّة في زمن الغيبة ؟

السؤال السابع : ما هي الحوادث الكائنة عند ظهوره وبعد ظهوره ؟

السؤال الثامن : مسألة الرجعة ؟

وقد تكون هناك أسئلة أُخرى.

ولابدّ من الإجابة على هذه الأسئلة ولو بنحو الإجمال ، لئلّا يبقى البحث ناقصاً.

أقرأ لكم عبارة السعد التفتازاني أوّلاً ، وندخل في البحث ونشرع في الجواب عن هذه الأسئلة ولو بنحو الإجمال كما ذكرت.

يقول السعد التفتازاني (1) : زعمت الإماميّة من الشيعة أنّ محمّد بن الحسن العسكري اختفى عن الناس خوفاً من الأعداء ، ولا استحالة في طول عمره كنوح ولقمان والخضر عليه السلام ـ هذا رأي الشيعة ـ وأنكر ذلك سائر الفرق ، لأنّه ادّعاء أمر مستبعد جدّاً ، ولأنّ اختفاء إمام هذا القدر من الأنام بحيث لا يذكر منه إلّا الإسم بعيد جدّاً ، ولأنّ بعثه مع هذا الاختفاء عبث ، ولو سلّم فكان ينبغي أنْ يكون ظاهراً ، فما قيل أو فما يقال : إنّ عيسى يقتدي بالمهدي أو بالعكس شيء لا مستند له ، فلا ينبغي أنْ يعوّل عليه.

هذا غاية ما توصّل إليه متكلّمهم سعد الدين التفتازاني.

أقول : إن تطرح هذه الأسئلة كبحوث علميّة ومناقشات ، فلا مانع ، ويا حبّذا لو تطرح كذلك ويلتزم فيها بالآداب والأخلاق والمتانة ، ولا يكون هناك شتم وسبّ وتهجّم وتهريج واستهزاء ، وهكذا فعل بعض العلماء وبعض الكتّاب المعاصرين.

إلّا أنّنا إذا راجعنا « منهاج السنّة » وجدناه في فصل البحث عن المهدي قد ملأ كتابه حقداً وبغضاً وعناداً وسبّاً وشتماً وتهريجاً وتكذيباً للحقائق !!! بحيث لو أنّكم أخرجتم من كتاب منهاج السنّة ما يتعلّق بالمهدي وما اشتمل عليه من السبّ والشتم لجاء كتاباً مستقلّاً.

وقد تبعه أولياؤه في هذا المنهج من كتّاب زماننا وفي خصوص المهدي سلام الله عليه واعتقاد الشيعة في المهدي ، تراهم يتهجّمون ويسبّون وينسبون إلينا الأكاذيب ، ويخرجون عن حدود الآداب ، ومع الأسف يكون لكتبهم قرّاء ومن يروّج لها في بعض الأوساط.

والحقيقة ، إنّه تارةً يشكّ الباحث في أحاديث المهدي ، أو يُناقش في أحاديث « الأئمّة الإثنا عشر » ، أو لا يرتضي حديث « من مات ولم يعرف إمام زمانه » ، فهذا له وجه ، بمعنى أنّه يقول : بأنّي لا أُوافق على صحّة هذه الأحاديث ، فيبقى على رأيه ، ولا يتكلّم معه إن لم يقتنع بما في الكتب ، لا سيّما بروايات أبناء مذهبه.

وأمّا بناء على أنّ هذه الأحاديث مخرّجة في الصحاح ، وفي السنن ، والمسانيد ، والكتب المعتبرة ، وأنّها أحاديث متّفق عليها بين المسلمين ، وأنّ الإعتقاد بالمهدي عليه السلام أو الإعتقاد بالإمام في كلّ زمان واجب ، وأنّ المهدي هو الثاني عشر في الحديث المعروف المتّفق عليه ، فيكون البحث بنحو آخر ، لأنّه إنْ كان الباحث موافقاً على هذه الأحاديث ، وعلى ما ورد من أنّ المهدي ابن الحسن العسكري ، فلا محالة يكون معتقداً بولادة المهدي عليه السلام ، كما اعتقدوا ، وذكرنا أسماء كثيرين منهم.

نعم منهم من يستبعد طول العمر ، بأنْ يبقى الإنسان هذه المدّة في هذا العالم ، وهذا مستبعد كما عبّر السعد التفتازاني ، فإن التفتازاني لم يكذّب ولادة المهدي من الحسن العسكري سلام الله عليه ، وإنّما استبعد أن يكون الإمام باقياً هذه المدّة من الزمان ، ولذا نرى بعضهم يعترف بولادة الإمام عليه السلام ثمّ يقول : « مات » ، يعترف بولادته بمقتضى الأدلّة الموجودة ، لكنّه يقول بموته ، لعدم تعقّله بقاء الإنسان في هذا العالم هذا المقدار من العمر ، لكن هذا يتنافى مع « من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهليّة » حيث قرّرنا أنّ هذا الحديث يدلّ على وجود إمام في كلّ زمان.

ولذا نرى البعض الآخر منهم يلتفت إلى هذه النواحي ، فلا يقول مات ، بل يقول : « لا ندري ما صار » ، ولد ، إلّا أنّه لا ندري ما صار ، ما وقع عليه ، لا يعترف ببقائه ، لأنّه يستبعد البقاء هذه المدّة ، ولا ينفي البقاء لأنّه يتنافى مع الأحاديث ، يعترف بالولادة فيقول : لا ندري ما صار ، وأين صار ، وما وقع عليه ، ممّا يظهر أنّهم ملتزمون بهذه الأحاديث ، ومن التزم بهذه الأحاديث لابدّ وأن يلتزم بولادة المهدي عليه السلام ووجوده.

ثمّ الإستبعاد دائماً وفي كلّ شيء ، وفي كلّ أمر من الاُمور ، الإستبعاد يزول إنْ حدث له نظير ، لو أنّك تيقّنت عدم شيء أو عدم إمكان شيء ، فوقع فرد واحد ومصداق واحد لذلك الشيء ، ذلك الإعتقاد بالعدم الذي كنت تجزم به مائة بالمائة سيكون تسعين بالمائة ، لوقوع فرد واحد ، فإذا وقع فرد آخر ، وإذا وقع فرد ثالث ، ومصداق رابع ، هذا الإعتقاد الذي كان مائة بالمائة ثمّ أصبح تسعين بالمائة ، ينزل على ثمانين ، وسبعين ، و و ، إلى خمسين وتحت الخمسين ، فحينئذ ، نقول للسعد التفتازاني :

إنّ الله سبحانه وتعالى أمكنه أنْ يعمّر نوحاً هذا العمر ، أمكنه أن يبقي خضراً في هذا العالم هذه المدّة ، أمكنه سبحانه وتعالى أنْ يبقي عيسى في العالم الآخر هذه المدّة ، الذي هو من ضروريّات عقائد المسلمين ، ومن يمكنه أنْ ينكر وجود عيسى ؟! وأيضاً : في رواياتهم هم يثبتون وجود الدجال الآن ، يقولون بوجوده منذ ذلك الزمان ، فإذا تعدّدت الأفراد ، وتعدّدت المصاديق ، وتعدّدت الشواهد ، يقلّ الإستبعاد يوماً فيوماً ، وهذه الإكتشافات والإختراعات التي ترونها يوماً فيوماً تبدل المستحيلات إلى ممكنات ، فحينئذ ليس لسعد التفتازاني وغيره إلّا الإستبعاد ، وقد ذكرنا أنّ الإستبعاد يزول شيئاً فشيئاً.

يمثّل بعض علمائنا ويقول : لو أنّ أحداً ادّعى تمكّنه من المشي على الماء ، يكذّبه الحاضرون ، وكلّ من يسمع هذه الدعوى يقول : هذا غير ممكن ، فإذا مشى على الماء وعبر النهر مرّةً يزول الاستغراب أو الإستبعاد من السامعين بمقدار هذه المرّة ، فإذا كرّر هذا الفعل وكرّره وكرّره أصبح هذا الفعل أمراً طبيعيّاً وسهل القبول للجميع ، حينئذ هذا الإستبعاد يزول بوجود نظائر ذلك.

إلّا أنّ ابن تيميّة ملتفت إلى هذه الناحية ، فيكذّب أصل حياة الخضر ويقول : بأنّ أكثر العلماء يقولون بأنّ الخضر قد مات ، فيضطرّ إلى هذه الدعوى ، لأن هذه النظائر إذا ارتفعت رجع الإستبعاد مرّة أُخرى.

لكنّك إذا رجعت مثلاً إلى الإصابة لابن حجر العسقلاني (2) لرأيته يذكر الخضر من جملة الصحابة ، ولو رجعت إلى كتاب تهذيب الأسماء واللغات للحافظ النووي (3) الذي هو من علماء القرن السادس أو السابع يصرّح بأنّ جمهور العلماء على أنّ الخضر حيّ ، فكان الخضر حيّاً إلى زمن النووي ، وإذا نزلت شيئاً فشيئاً تصل إلى مثل القاري في المرقاة (4) وتصل إلى مثل شارح المواهب اللدنيّة ، هناك يصرّحون كلّهم ببقاء الخضر إلى زمانهم ، وحتّى أنّهم ينقلون قصصاً وحكايات ممّن التقى بالخضر وسمع منه الأخبار والروايات ، فحينئذ تكذيب وجود الخضر من قبل ابن تيميّة إنّما هو لعلّةٍ ولحساب ، وهو يعلم بأنّ وجود الخضر خير دليل على أنّ هذا الإستبعاد ليس في محلّه.

على أنّ الله سبحانه وتعالى إذا اقتضت الحكمة أنْ يبقي أحداً في هذا العالم آلاف السنين ، إذا اقتضت الحكمة ، فقدرته سبحانه وتعالى تطبّق تلك الإرادة ، ومشيّته تطبَّق ، وهو قادر على كلّ شيء.

فمسألة طول العمر أصبحت الآن مسألة بسيطة الحلّ ، وصار الجواب عن هذا السؤال سهلاً جدّاً في مثل زماننا.

وأمّا أنّ الإمام عليه السلام متى يظهر ، وأنّه سلام الله عليه كيف يستفاد منه في زمن الغيبة ؟

يقول ابن تيميّة وأيضاً يقول السعد التفتازاني : بأنّ المهدي لم يبق منه إلّا الإسم ، ولم ينتفع منه أحد حتّى القائلون بوجوده.

وهؤلاء لا يعلمون ، لأن هذه الاُمور لا يتوصّلون إليها ولا يمكنهم الإطّلاع عليها ، إنّ الثقات من أبناء هذه الطائفة من علماء وغير علماء ، لهم قضايا وحوادث وقصص وحكايات ، تلك القضايا الثابتة المرويّة عن طرق الثقات مدوّنة في الكتب المعنيّة ، وكم من قضيّة رجع الشيعة ، عموم الشيعة ، أو في قضايا شخصيّة ، رجعوا إلى الإمام عليه السلام وأخذوا منه حلّ تلك القضيّة ورفع تلك المشكلة ، إلّا أنّ أعداء الأئمّة سلام الله عليهم والمنافقين لا يوافقون على مثل هذه الأخبار ، وطبيعي أن لا يوافقوا ، ومن حقّهم أن لا يعتقدوا.

مضافاً ، إلى أنّ الله سبحانه وتعالى إنّما ينصب الإمام في كلّ أُمّة ، ويرسل الرسول إلى كلّ أُمّة ، ليتمّ به الحجّة ، وكم من نبي قتلوه في أوّل يوم من نبوّته ودعوته ، وكم من رسول صلبوه في اليوم الأوّل من رسالته ، وكم من الأنبياء حاربوهم وشرّدوهم وطردوهم ، أيمكن أن يقال لله سبحانه وتعالى : بأنّ إرسالك هؤلاء الرسل والأنبياء كان عبثاً !!

وأمّا أين يعيش ؟

فأين يعيش الخضر ؟ نحن نسأل القائلين ببقاء الخضر وغير الخضر ممّن يعتقدون بحسب رواياتهم بقاءهم ، هؤلاء أين يعيشون ؟ وهذه ليست مسألة ، إنّ الإمام أين يعيش !

وأمّا الحوادث الكائنة عند ظهوره وبعد ظهوره.

فتلك حوادث وقضايا مستقبليّة وردت بها أخبار ، وتلك الأخبار مدوّنة في الكتب المعنية.

والشيء الذي أراه مهمّاً من الناحية الإعتقاديّة والعمليّة ، وأرجو أنْ تلتفتوا إليه ، فلربّما لا تجدونه مكتوباً ولا تسمعونه كما أقوله لكم :

لاحظوا إذا كانت غيبة الإمام عليه السلام لمصلحة أو لسبب ، ذلك السبب إمّا وجود المانع وإمّا عدم المقتضي ، غيبة الإمام عليه السلام إمّا هي لعدم المقتضي لظهوره أيّ لعدم وجود الأرضيّة المناسبة لظهوره ، أو لوجود الموانع عن ظهوره.

وجود الموانع وعدم المقتضي كان السبب في غيبة الإمام عليه السلام ، هذا واضح.

إنّا لا نعلم أنّ المانع متى يرتفع ، ولا نعلم أنّ المقتضي متى يتحقّق ويحصل ، ولذا ورد في الروايات : « إنّما أمرنا بغتة ».

فظهور الإمام عليه السلام متى يكون ؟

حيث لا يكون مانع وتتمّ المقدّمات والأرضيّة المناسبة لظهوره.

وهذا متى يكون ؟

العلم عند الله سبحانه وتعالى ، فيمكن أن يكون غداً ، ويمكن أن يكون بعد غد ، وهكذا ، فهذه نقطة.

والنقطة الثانية : إنّ في رواياتنا أنّ حكومة المهدي ستكون حكومة داود عليه السلام ، إنّه يحكم بحكم داود عليه السلام ، رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والإيمان وبعضكم ألحن بحجّته من بعض ، وأيّما رجل قطعت له قطعة فإنّما أقطع له قطعة من نار » (5).

أوضّح لكم هذه الرواية : رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كان إذا تخاصم إليه رجلان على كتاب مثلاً ، على دار ، أو على أيّ شيء آخر ، يطلب من المدّعي البيّنة ، وحينئذ إنْ أقام البيّنة أخذ الكتاب من المدّعى عليه وسلّمه إلى المدّعي ، وهذا الحكم يكون على أساس البيّنة ، يقول رسول الله إنّما أقضي عليكم إنّما أقضي بينكم بالبيّنة ، أمّا إذا كانت البيّنة كاذبة والمدعي أقامها وعن هذا الطريق تملّك الكتاب ، فليعلم بأنّ الكتاب هذا قطعة من النار ، أنا وظيفتي أنْ أحكم بينكم بحسب البيّنة ، وأنت أيّها المدّعي إنْ كنت تعلم بينك وبين ربّك أنّ الكتاب ليس لك ، فلا يجوز لك أخذ هذا الكتاب.

إذن ، يكون حكم رسول الله والحكم الإسلامي على أساس القواعد المقرّرة ، وهذه هي الأدلّة الظاهريّة المعمول بها.

فإذا جاء المهدي سلام الله عليه ، لا يأخذ بهذه القواعد والأحكام الظاهريّة ، وإنّما يحكم طبق الواقع ، فإذا جاء ورأى أنّ الكتاب الذي بيدي هذا الكتاب الذي بحوزتي هو لزيد ، أخذه منّي وأرجعه إلى زيد ، وإذا علم أنّ هذه الدار التي أسكنها ملك لعمرو أخذها منّي وأرجعها إلى عمرو ، فكلّ حقّ يرجع إلى صاحبه بحسب الواقع.

وعلى هذا ، إذا كان الإمام عليه السلام ظهوره بغتة ، وكان حكمه بحسب الواقع ، فنحن ماذا يكون تكليفنا فيما يتعلّق بنا في شؤوننا الداخليّة والشخصيّة ؟ في أُمورنا الإجتماعيّة ؟ في حقوق الله سبحانه وتعالى علينا ؟ وفي حقوق الآخرين علينا ؟ ماذا يكون تكليفنا وفي كلّ لحظة نحتمل ظهور الإمام عليه السلام ، وفي تلك اللحظة نعتقد بأنّ حكومته ستكون طبق الواقع لا على أساس القواعد الظاهريّة ؟ حينئذ ماذا يكون تكليف كلّ فرد منّا ؟

وهذا معنى « أفضل الأعمال انتظار الفرج ».

وهذا معنى ما ورد في الروايات من أنّ الأئمّة سلام الله عليهم كانوا ينهون الأصحاب عن الإستعجال بظهور الإمام عليه السلام ، إنّما كانوا يأمرون ويؤكّدون على إطاعة الإنسان لربّه وأن يكون مستعدّاً لظهور الإمام عليه السلام.

وبعبارة أُخرى : مسألة الإنتظار ، ومسألة ترقب الحكومة الحقّة ، هذه المسألة خير وسيلة لإصلاح الفرد والمجتمع ، وإذا صَلُحنا فقد مهّدنا الطريق لظهور الإمام عليه السلام ، ولأن نكون من أعوانه وأنصاره.

ولذا أمرونا بكثرة الدعاء لفرجهم ، ولذا أمرونا بالإنتظار لظهورهم ، هذا الإنتظار معناه أن يعكس الإنسان في نفسه ويطبّق على نفسه ما يقتضيه الواقع ، قبل أن يأتي الإمام عليه السلام ويكون هو المطبِّق ، ولربّما يكون هناك شخص يواجه الإمام عليه السلام ويأخذ الإمام منه كلّ شيء ، لأن كلّ الأشياء التي بحوزته ليست له ، وهذا ممكن.

فإذا راقبنا أنفسنا وطبّقنا عقائدنا ومعتقداتنا في سلوكنا الشخصي والإجتماعي ، نكون ممهّدين ومساعدين ومعاونين على تحقّق الأرضيّة المناسبة لظهور الإمام عليه السلام.

وتبقى كلمة سجّلتها عن الإمام أمير المؤمنين عليه السلام بهذه المناسبة ، يقول الإمام عليه السلام ـ كما في نهج البلاغة ـ : « ولا تستعجلوا بما لم يعجّله الله لكم ، فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حقّ ربّه وحقّ رسوله وأهل بيته ، مات شهيداً » (6).

وعندنا في الروايات : أنّ من كان كذا ومات قبل مجيء الإمام عليه السلام مات وله أجر من كان في خدمته وضرب بالسيف تحت رايته.

يقول الإمام عليه السلام : « فإنّه من مات منكم على فراشه وهو على معرفة حقّ ربّه وحقّ رسوله وأهل بيته مات شهيداً ، ووقع أجره على الله ، واستوجب ثواب ما نوى من صالح عمله ، وقامت النيّة مقام إصلاته لسيفه ، فإنّ لكلّ شيء مدّة وأجلاً » (7).

ففي نفس الوقت الذي نحن مأمورون بالدعاء بتعجيل الفرج ، فنحن مأمورون أيضاً لتهيئة أنفسنا ، وللاستعداد الكامل لأن نكون بخدمته ، وإذا عمل كلّ فرد منّا بوظائفه ، وعرف حقّ ربّه عزّ وجلّ وحقّ رسوله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحقّ أهل بيته عليهم السلام ، فقد تمّت الأرضيّة المناسبة لظهوره عليه السلام ، ولا أقلّ من أنّا أدّينا تكاليفنا ووظائفنا تجاه الإمام عليه السلام.

وكنت أقصد أن أُلخّص البحث في بعض الجهات الاُخرى حتّى أُوفّر وقتاً لهذه النقطة الأخيرة التي بيّنتها لكم ، وذكرت لكم الدليل البرهاني العقلي والروائي على وجوب الإلتزام العملي على كلّ واحد منّا بوظائفه تجاه ربّه وتجاه رسوله وتجاه أهل بيت الرسول عليهم السلام.

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يعرّفنا حقّه ، أن يعرّفنا حقّ رسوله ، أن يعرّفنا حقّ الأئمّة الأطهار ، أن يعرّفنا حقّ إمامنا ، وأنْ يوفّقنا لأداء الوظائف والتكاليف الملقاة على عواتقنا.

وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين.

الهوامش

1. شرح المقاصد ٥ / ٣١٣.

2. الإصابة ٢ / ١١٤ ـ ١١٥ ـ دار الكتب العلميّة ـ بيروت.

3. تهذيب الإسماء واللغات ١ / ١٧٦ رقم ١٤٧ ـ دار الكتب العلميّة ـ بيروت.

4. مرقاة المفاتيح للقاري ٩ / ٦٩٢ كتاب الفتن.

5. الكافي ٧ / ٤١٤ رقم ١ ، باختلاف بالألفاظ.

6. نهج البلاغة ٢ / ١٥٦ خطبة ١٨٥.

7. تأويل الآيات : ٦٤٢ ، البحار ٥٢ / ١٤٤ ح ٦٣.

مقتبس من كتاب : [ الإمام المهدي عليه السلام ] / الصفحة : 27 ـ 37

 

أضف تعليق

الإمام المهدي عليه السلام

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية