مواقف سنمّارية من بعض الصحابة مع عثمان

البريد الإلكتروني طباعة

مواقف سنمّارية من بعض الصحابة

لقد كان من أسباب السخط على عثمان عزله كبار الصحابة عن مراكزهم القيادية ، وتوليتها أحداث بني أمية ، فنقم الناس ذلك عليه ، وزاد في الكراهية انقطاع درّ الحلوبة عمّن كانوا يرتضعونها حيث وفرة العطاء والإقطاع على حساب المسلمين ، ولمّا كان إحسان عثمان لمن أغدق عليهم في غير محلّه ، لذلك انقلب الحباء والعطاء إلى سخط وجفاء ، فقوبل على ذلك بعدم الوفاء وهكذا تكون الخدمات مهدورة ، ما دامت الصحبة على غير تقى.

والآن إلى معرفة من حباهم وأعطاهم ، ثمّ قلاهم وبتعبير أصحّ هم كافئوه شرّ مكافأة :

أوّلاً ـ أبناء عمر بن الخطاب ( عبيد الله ـ عبد الله ـ حفصة ) :

ذكر ابن سعد في الطبقات : « فلمّا ظن ـ عمر ـ أنّه الموت قال : يا عبد الله ابن عمر أنظر كم عليّ من الدين ؟ قال : فحسبه ، فوجده ستة وثمانين ألف درهم ، قال : يا عبد الله إن وفّى لها مال آل عمر فأدّها عني من أموالهم ، وإن لم تف أموالهم فاسأل فيها بني عدي بن كعب ، فان لم تفِ من أموالهم فاسأل فيها قريشاً ولا تعدهم إلى غيرهم » (1).

وكان عمر إذا احتاج إلى صاحب بيت المال فأستقرضه فربما أعسر فيأتيه صاحب بيت المال يتقاضاه فيلزمه فيحتال له عمر ، وربما خرج عطاؤه فقضاه (2).

فهذه الديون الّتي استدانها وأوصى ابنه بوفائها ، لم يذكر أن ابنه وفاها إلى بيت المال ، بل المذكور في المصادر ذكر وصية عمر بها ، أمّا الوفاء فبقي في الخفاء ، ولا أظن إلّا أنّ عثمان أغضى عن المطالبة ، فإنّ من يغضي عن دم عبيد الله بن عمر يهون عليه الإغضاء عن مال بذمة عمر. مع ان عمر ـ كما في الفتوح لابن أعثم ـ قال لابنه : « واجعل ذلك في بيت المال ، فإن سألك الخليفة من بعدي أن لا تأتيه بذلك المال فلا تفعل فإن وهبه لك فلا تقبل واذهب به حتى تضعه في بيت المال كما أخذته منه » (3).

لقد مرّ بنا في أوّل مخالفات عثمان لأحكام الشريعة ، درؤه الحد عن عبيد الله بن عمر ، ومرّ بنا استنكار المسلمين لذلك فلم يعبأ عثمان بذلك ولم يكتف بدرء الحد عنه ، بل أنزله الكوفة وأقطعه داراً عرفت باسم ( كويفة بن عمر ) وفي ظني أن هناك تزوج بحرية بنت هاني المرادي ، الّتي كانت معه حتى في صفين يوم قتل ، وهي الّتي استوهبت من جيش الإمام جثته ، فأعطوها وحملتها إلى معاوية فصلّى عليها ودفنها.

فعثمان بعد أن كان من أشدّ المنكرين لجريمة عبيد الله لم يعاقبه ثمّ لم يرضَ بذلك حتى أكرمه بإقطاعه في الكوفة ومع هذا الإحسان فلم نسمع عنه حضوراً فاعلاً في الكوفة أو في المدينة نفع به عثمان. فأين كان ؟ ولماذا سكت ؟

أمّا أخوه عبد الله بن عمر فهذا كان مع عثمان حتى يوم الدار ، ولكنه لم يغن عنه شيئاً ، إذ لم يعرف المصلحة على حقيقتها ـ على أحسن تقدير ـ إذ غشه ـ على أسوء تقدير ـ حين استشاره فيما أشار به المغيرة بن الأخنس ، وإليك حديثه يقول : « قال لي عثمان وهو محصور في الدار : ما ترى فيما أشار به عليَّ المغيرة بن الأخنس ؟ قال : قلت : وما أشار به عليك ؟ قال : قال : إن هؤلاء القوم يريدون خلعي ، فان خَلعتُ تركوني ، وإن لم أخلع قتلوني.

قال : قلت : أرأيت إن خلعت تترك مخلداً في الدنيا ؟ قال : لا ، قال : فهل يملكون الجنة والنار ؟ قال : لا : قال : فقلت : ارأيت ان لم تخلع هل يزيدون على قتلك ؟ قال : لا.

قال : فقلت : فلا أرى أن تسنّ هذه السنّة في الإسلام ، فكلّما سخط قوم أميرهم خلعوه. لا تخلع قميصاً قمّصكه الله ... اهـ » (4).

ولولا أنّ ابن عمر لقّن عثمان حجة قميص الله ، لمّا كان في التاريخ قميص عثمان. فلو أنّه أخذ برأي المغيرة ـ وكان له من الناصحين ـ فخلع نفسه لتفادى القتل ، وجنّب المسلمين ما حاق بهم من شرور الفتنة الكبرى. ولتغير وجه التاريخ. غير ان ابن عمر أشار عليه أن لا يخلع نفسه ولقّنه حجته لا تخلع قميصاً قمّصكه الله ، فكان عثمان يقول : « لا أنزع قميصاً ألبسنيه الله عزوجل » (5).

وليتني كنت أدري كيف لم يعِ قول أبيه في قتل الحاكم إذا جنف ! روى الطبري بسنده عن موسى بن عقبة يحدّث أن رهطاً أتوا عمر فقالوا : « كثر العيال واشتدت المؤونة فزدنا في أعطائنا قال : فعلتموها ، جمعتم بين الضرائر ، واتخذتم الخدم في مال الله عزوجل ! أما والله لوددت أنّي وإياكم في سفينة في لجة البحر ، تذهب بنا شرقاً وغرباً ، فلن يُعجز الناس أن يولوا رجلاً منهم ، فان استقام اتبعوه وإن جنَفَ قتلوه ، فقال طلحة : وما عليك لو قلت : إن تعوّج عزلوه ! فقال : لا ، القتل أنكل لمن بعده.

احذروا فتى قريش وابن كريمها الّذي لا ينام إلّا على الرضا ، ويضحك عند الغضب ، وهو يتناول مَن فوقه ومَن تحته » (6).

روى الذهبي قال : « ودخل ابن عمر على عثمان وهو محصور فقال : ما ترى ؟ قال : أرى أن تعطيهم ما سألوك من وراء عتبة بابك غير أن لا تخلع نفسك فقال : دونك عطاءَكَ ـ وكان واجداً عليه ـ فقال : ليس هذا يوم ذاك ، ثمّ خرج ابن عمر إليهم ـ الثوار ـ فقال : إياكم وقتل هذا الشيخ ... ولقد رأيتنا وأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم متوافرون نقول : أبو بكر ثمّ عمر ثمّ عثمان » (7).

وهكذا بدأ ابن عمر يحتل مكانة عند الأمويين فينفحونه بعطاياهم وينفحهم هو على بلاياهم. ألم يرسل إليه معاوية مائة الف لما أراد البيعة لابنه يزيد (8) ، فكانت هذه النفحة من معاوية هي الّتي أخرجت النفحة من ابن عمر فقال في بيعة يزيد : « إن كان خيراً رضينا وإن كان بلاءً صبرنا » (9).

وزاد في نفحته حين دعا بنيه وجمعهم وذلك عند خلع أهل المدينة ليزيد فقال : « إنا بايعنا هذا الرجل ـ ويعني به يزيد ـ ... فلا يخلعنّ أحدٌ منكم يزيد ولا يسرعنّ أحدٌ منكم في هذا الأمر ، فتكون الصيلم بيني وبينه » (10).

إذن فابن عمر لم ينصر عثمان بما ينفعه يوم الدار فينجيه من القتل ، بل على أحسن تقدير كانت مشورته على عثمان بأن لا يخلع نفسه هي الّتي أودت بحياة عثمان ، ولا يبعد سيء الظن به في التقدير ، لو قال إنّه غشه في ذلك التدبير.

وأمّا أختهما حفصة بنت عمر فحسبنا أن نعرف أنّها كانت المحرّضة لأخيها عبيد الله على قتل الهرمزان وجفينة كما مرّ في مخالفات أحكام الشريعة ، ثمّ إنّها هي الّتي أنكرت على عثمان ما كان منه من مخالفات.

فقد روى عبد الرزاق في المصنف من حديث أبي كعب الحارثي وهو ذو الأداوة (11) قال : « ثمّ أقيمت الصلاة فتقدم عثمان فصلّى فلمّا كبّر قامت امرأة من حجرتها فقالت : أيها الناس اسمعوا : قال : ثمّ تكلّمت فذكرت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وما بعثه الله به ، ثمّ قالت تركتم أمر الله وخالفتم رسوله. أو نحو هذا. قال : ثمّ صمتت. فتكلمت أخرى مثل ذلك ، فإذا هي عائشة وحفصة قال : فلمّا سلم عثمان اقبل على الناس فقال : إن هاتان الفتآنتان فتنتا الناس في صلاتهم ، وإلّا تنتهيان أو لأسبنّكما ما حلّ لي السباب وإنّي لأصلِكما لعالِم. فقال له سعد بن أبي وقاص أتقول هذا لحبائب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ قال : وفيما أنت وما ها هنا ؟ ... الخ » (12).

ثانياً ـ الزبير بن العوام :

كان حيناً من الدهر من أصهار عثمان على أخته لأمه اُم كلثوم بنت عقبة ابن أبي معيط وتعدّ هذه من المردفات من قريش ، وإليك حديث هذه المصاهرة فهو غير معروف لدى كثير من الباحثين ، فضلاً عن غيرهم.

قال المدائني : « تزوّجها ـ أم كلثوم ـ زيد بن حارثة ، ثمّ خلف عليها الزبير ابن العوام فحملت ، وكان الزبير شديداً على النساء ، فأقام عندها سبعة أيام ، فولدت له ابنة ، وقالت له حين ضربها المخاض ، طيّب نفسي بتطليقة فطلّقها وخرج إلى الصلاة ، فلحقه رجل فقال : قد ولدت أم كلثوم ، فقال : خدعتني خدَعَها الله : ولم يكن له عليها رجعة ، وخطبها فأبت أن تزوّجه ، ويقال : أتى النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فأخبره ، فقال : قد مضى فيه القرآن ، ولكن إن شئت خطبتها إلى نفسها. قال : لا ترجع إليَّ أبداً.

قال المدائني وابنتها من الزبير : زينب » (13).

هذا بعض حديث المصاهرة ممّا يتعلق بالزبير وسيأتي تمامه في عبد الرحمن بن عوف وعمرو بن العاص.

وإذ عرفنا انّ الزبير كان حيناً من الدهر من أصهار عثمان فلا غرابة إذا قرأنا إنّ عثمان قضى له في خصومة له مع رافع بن خديج في مواليه اشترى الزبير أباهم ثمّ أعتقه ليخرج أبناءه من مال رافع ويجعلهم في ماله ، فاختصم إلى عثمان فقضى له بولائهم (14).

ولا غرابة أيضاً لو قرأنا أن عثمان نفحه أيام خلافته بستمائة ألف فنزل على أخواله بني كاهل فقال : أيّ المال أجود ؟ فقالوا : مال اصبهان قال : أعطوني من مال أصبهان (15). فلا غرابة في ذلك فقد كان عثمان سخياً مع أقربائه وأنسبائه ، كما لا غرابة في تصديقه له ولصهره الآخر عبد الرحمن بن عوف في زعمه أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا.

وقد اشترى الزبير نصيب آل عمر فقال عثمان : عبد الرحمن بن عوف جائز الشهادة له وعليه (16).

ذكر الذهبي في سير أعلام النبلاء : « انّ الزبير قدم الكوفة وعليها سعيد بن العاص فبعث إلى الزبير سبعمائة ألف فقبلها ، ولكن سرعان ما انقلبت الأحوال حتى آلت إلى شر مآل » (17).

فقد روى البلاذري في أنساب الأشراف عن ابن عباس قال : « تدارأ (18) عثمان والزبير في شيء ، فقال الزبير : أنا ابن صفية.

فقال عثمان : هي أدنتك من الظل ولولا هي كنت ضاحياً » (19).

وروى أيضاً أنّ عثمان نازع الزبير فقال الزبير : « إن شئت تقاذفنا. فقال عثمان : بماذا ؟ بالبعر يا أبا عبد الله.

قال : لا والله ولكن بطبع خبّاب وريش المقعد.

قال : وكان خبّاب يطبع السيوف ، وكان المقعد يريش السهام » (20).

وروى أيضاً : « انّ الزبير جاء إلى عثمان فقال له : أنّ في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم جماعة يمنعون من ظلمك ويأخذونك بالحقّ ، فاخرج فخاصم القوم إلى أزواج النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم ، فخرج معه ، فوثب الناس عليه بالسلاح.

فقال : يا زبير ما أرى أحداً يأخذ بحقّ ولا يمنع من ظلم. ودخل ومضى الزبير إلى منزله » (21).

وكانت للزبير مواقف في خذلان عثمان وتأليب الناس عليه لعل من آخرها وأقساها قوله يوم الدار للثوار : « اقتلوه فقد بدّل دينكم. فقالوا : إن ابنك يحامي عنه بالباب. فقال : ما أكره أن يقتل عثمان ولو بدئ بابني ، إنّ عثمان لجيفة على الصراط غداً » (22).

ثالثاً ـ طلحة بن عبيد الله :

1 ـ روى البلاذري عن موسى بن طلحة قال : « أعطى عثمان طلحة في خلافته مائتي ألف دينار » (23).

2 ـ وعن موسى بن طلحة أيضاً قال : « كان لعثمان على طلحة خمسون ألفاً ، فخرج عثمان يوماً إلى المسجد فقال له طلحة قد تهيأ مالك فاقبضه قال : هو لك يا أبا محمّد معونة لك على مروءتك » (24) ، وفي ذيل هذا عند ابن أبي الحديد نقلاً عن الطبري : « فكان عثمان يقول وهو محصور : جزاء سنمار ».

3 ـ روى البلاذري بإسناده قال : « ولم يزل عثمان مكرماً لطلحة حتى حصر فكان طلحة أشد الناس عليه » (25).

4 ـ روى الطبري بسنده عن حكيم بن جابر قال : « قال عليّ لطلحة : أنشدك الله إلّا رددت الناس عن عثمان ، قال : لا والله حتى تعطي بنو أمية الحقّ من أنفسها » (26).

5 ـ وفي حديث أبي مخنف بإسناده قال أشرف عثمان على الناس فسمع بعضهم يقول : « لا نقتله ولكن نعزله. فقال : أمّا عزلي فلا ، وأمّا قتلي فعسى ، وسلّم على جماعة فيهم طلحة فلم يردّوا عليه فقال : يا طلحة ما كنت أرى أنّي أعيش إلى أن أسلّم عليك فلا ترد عليَّ السلام » (27).

6 ـ روى البلاذري ان مجمّع بن جارية الأنصاري مرّ بطلحة بن عبيد الله فقال : « يا مجمّع ما فَعَل صاحبك ؟ قال : أظنكم والله قاتليه ، فقال طلحة : فإن قتل فلا ملك مقرب ولا نبيّ مرسل » (28).

7 ـ روى عبد الله بن أحمد بن حنبل في زيادات مسند أبيه بسنده عن زيد ابن أسلم عن أبيه قال : « شهدت عثمان يوم حوصر في موضع الجنائز. ولو ألقي حجر لم يقع إلّا على رأس رجل ، فرأيت عثمان أشرف من الخوخة الّتي تلي مقام جبريل عليه السلام فقال أيها الناس ، أفيكم طلحة ؟ فسكتوا ، ثمّ قال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟ فسكتوا ، ثمّ قال : أيها الناس أفيكم طلحة ؟ فقام طلحة بن عبيد الله فقال له عثمان : ألا أراك ههنا ؟ ما كنت أرى أنّك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثمّ لا تجيبني ... » (29).

8 ـ وقال ابن أبي الحديد : « وكان طلحة من أشد الناس تحريضاً عليه ، وكان الزبير دونه في ذلك. روي ان عثمان قال : ويلي على ابن الحضرمية ـ يعني طلحة ـ أعطيته كذا وكذا بهاراً ذهباً وهو يروم دمي يحرّض على نفسي اللّهم لا تمتّعه به ولقّه عواقب بغيه » (30).

9 ـ وروى الناس الذين صنفوا في واقعة الدار : « إنّ طلحة كان يوم قتل عثمان مقنّعاً بثوب قد استتر به عن أعين الناس يرمي الدار بالسهام » (31).

10 ـ وروى البلاذري في حديث له قول عثمان لطلحة : « يا بن الحضرمية ألّبت عليّ الناس ودعوتهم إلى قتلي حتى إذا فاتك ما تريد جئت معتذراً ؟ لا قبل الله ممّن قبل عذرك » (32).

11 ـ وروى المدائني بسنده عن ابن سيرين قال : « لم يكن أحد من أصحاب النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم أشدّ على عثمان من طلحة » (33).

12 ـ وروى الطبري في تاريخه بسنده عن ابن عيّاش المخزومي قال : « دخلت على عثمان فتحدثت عنده ساعة فقال : يا بن عيّاش تعال فأخذ بيدي فاسمعني كلام من على باب عثمان ، فسمعنا كلاماً منهم من يقول ما تنتظرون به ؟ ومنهم من يقول : انظروا عسى أن يراجع ، فبينا أنا وهو واقفان إذ مرّ طلحة بن عبيد الله فوقف فقال أين ابن عُديس ؟ فقيل : ها هو ذا ، قال فجاءه ابن عديس فناجاه بشيء ثمّ رجع ابن عديس فقال لأصحابه : لا تتركوا أحداً يدخل على هذا الرجل ولا يخرج من عنده : قال فقال لي عثمان : هذا ما أمر به طلحة بن عبيد الله ثمّ قال عثمان : اللّهمّ أكفني طلحة بن عبيد الله ، فإنّه حمل عليّ هؤلاء وألّبهم ، والله إنّي لأرجو أن يكون منها ـ الخلافة ـ صفراً وأن يُسفك دمه ، انّه انتهك مني ما لا يحلّ له ... » (34).

13 ـ وروى الواقدي بسنده عن محمّد بن زيد في حديث له قال : « ولم يزل عثمان مكرماً لطلحة حتى حصر ، فكان طلحة أشدّ الناس عليه » (35).

14 ـ وفي حديث الطبري بسنده عن ابن الزبير جاء في آخره : « فحصروه أربعين ليلة وطلحة يصلي بالناس » (36).

15 ـ وفي حديث آخر عنده بسنده عن عبد الرحمن بن ابزي قال : « فوالله ما نسينا أن خرج سودان بن حمران فأسمعه يقول : أين طلحة بن عبيد الله ؟ قد قتلنا ابن عفان » (37).

رابعاً ـ عبد الرحمن بن عوف :

وهو صهر عثمان على اُخته لاُمه اُم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط خلف عليها بعد الزبير فولدت له محمّد وإبراهيم وحميد وإسماعيل (38) وهو واهب الخلافة لعثمان ليليها من بعده على ما جاء في قول الإمام عليّ له. إنما آثرته بها لتنالها بعده ، فلنقرأ ما رواه الشعبي وهو غير متهم على عبد الرحمن ولا عثمان وقد كان من المنحرفين عن الإمام.

فقد روى الشعبي في كتاب الشورى ومقتل عثمان قال : « فلمّا بايع ـ عليّ عثماناً ـ أتاه عبد الرحمن بن عوف فاعتذر إليه وقال : إن عثمان أعطانا يده ويمينه ولم تفعل أنت ، فأحببت أن أتوثق للمسلمين فجعلتها له. فقال : إيهاً عنك إنّما آثرته بها لتنالها بعده ، دقّ الله بينكما عطر منشم (39) » (40).

وهذا ما حصل فعلاً ، حيث استجيبت دعوة الإمام ، كما تكشّف المكنون من السرّ المصون في تداول الخلافة فقد ذكر اليعقوبي في تاريخه : « ان عثمان اعتل علة اشتدت به ، وكتب عهداً لمن بعده ، وترك موضع الاسم. ثمّ كتب بيده : عبد الرحمن بن عوف ، وربطه وبعث به إلى اُم حبيبة بنت أبي سفيان ، فقرأه حمران في الطريق ، فأتى عبد الرحمن فأخبره.

فقال عبد الرحمن : وغضب غضباً شديداً : استعمله علانية ويستعملني سراً. ونمى الخبر وانتشر بذلك في المدينة ، وغضب بنو أمية ، فدعا عثمان بحمران مولاه فضربه مائة سوط وسيّره إلى البصرة. فكان سبب العداوة بينه وبين عبد الرحمن بن عوف. ووجّه إليه عبد الرحمن بابنه فقال : قل له : والله لقد بايعتك وإنّ فيَّ ثلاث خصال أفضلك بهنّ ، إنّي حضرت بدراً ولم تحضرها. وحضرت بيعة الرضوان ولم تحضرها ، وثبتّ يوم أحد وانهزمت.

فلمّا أدى ابنه الرسالة قال : قل له : أمّا غيبتي عن بدر فإنّي أقمت على بنت رسول الله صلّى الله عليه (وآله) وسلّم فضرب لي رسول الله سهمي وأجري ، وأمّا بيعة الرضوان فقد صفق لي رسول الله بيمينه على شماله ، فشمال رسول الله خير من أيمانكم ، وأمّا يوم أحد فقد كان ما ذكرت ، إلّا ان الله قد عفا عني ، ولقد فعلنا أفعالاً لا ندري أغفرها الله أم لا ؟ » (41) وفي هذا الخبر نقرأ اعتراف خطير ، وتعيير لا يحتاج إلى تفسير ، وثَمّ اعتذار بعد إقرار. ثمّ ختامٌ يدين صاحبه بالملام. وأهم ما فيه عقدة النقص الّتي كانت تساور عثمان حين يعيّرونه بأنه ليس من البدريين الّذي اطّلع الله عليهم فقال لهم اعملوا ما شئتم ـ هكذا يزعمون من يفخّمون ـ وقد كان عثمان مصرّاً على زجّ نفسه معهم.

فقد روى المحبّ الطبري في الرياض النضرة : « أن عبد الرحمن بن عوف مرض فأوصى بثلث ماله فصحّ فتصدق بذلك بيد نفسه. ثمّ قال يا أصحاب رسول الله كلّ من كان من أهل بدر له عليّ أربعمائة دينار فقام عثمان وذهب مع الناس فقيل له يا أبا عمر ألست غنيّاً ؟ قال هذه وصلة من عبد الرحمن لا صدقة ... اهـ » (42).

وقد تفسر على أنّ تلهفه كان ليحسب من أهل بدر ، وهذا ما كان يشعره بمركب النقص بين الصحابة ومع ذلك فلم يجده نفعاً ، فقد بقي ابن عوف يعيّر عثمان بذلك كلما سنحت له الفرصة ! فقد روى البزار ـ بإسناد جيد ـ : « انّه ـ عثمان ـ عاتب عبد الرحمن بن عوف فقال له : لم ترفع صوتك عليّ ؟ فذكر الأمور الثلاثة. فأجابه عثمان بنحو ما مرّ » (43).

قال طه حسين : « ويقول الرواة : إنّ عبد الرحمن بن عوف كان أوّل من اجترأ على عثمان ، فألفى بعض أمره وأطمع الناس فيه وذلك أن بعض السعاة أقبلوا بإبل الصدقة ، فوهبها عثمان لبعض أهل الحكم ، فلمّا بلغ ذلك عبد الرحمن دعا بعض أصحاب النبيّ وأرسلهم فأستردّوا له الإبل وقسّمها بين الناس ، وعثمان في الدار لم ينكر ذلك ولم يغيّره ، بل لم يكلّم فيه عبد الرحمن وأصحابه ...

وقد جعل الناس بعد ذلك يظهرون إنكارهم لما يكرهون من سياسة عثمان ...

ثمّ لم يتحرج بعضهم من أن يواجه عثمان بالمعارضة على ملأ من الناس.

ولم يتحرج بعضهم الآخر من أن يعصي أمر عثمان إذا صدر اليه » (44).

أقول : ولم يتحرج جبلة بن عمرو الساعدي. من الأنصار. أن يقوم إلى عثمان وهو على المنبر في المسجد فيقول له : « إنزل ندرّعك عباءة ونحملك على شارف من الإبل إلى جبل الدخان » (45).

ولم يتحرّج جهجاه بن سعيد الغفاري ، أن يثب إلى عثمان وهو على المنبر في المسجد فيأخذ العصا الّتي كانت بيده فيكسرها على ركبته فما ردّ أحدٌ عليه ولا منعه (46) ، ( ويقول علماء التفخيم : أصابت ركبته أكلة منذ ذلك اليوم ).

ولم يتحرّج المسلمون يومئذ أن يثوروا بعثمان وبني أمية فتحاصبوا وحُصب عثمان حتى صرع وحمل مغشياً عليه ...(47).

إذن فليتحمل عبد الرحمن بن عوف وزر تولية عثمان الخلافة ، وليتحمّل وزر ما لحق به من نكير لسوء التدبير ، وليجنِ ثمار ما صنعت يداه.

فقد رووا : « أن عثمان لمّا بنى داره بالزوراء وصنع طعاماً دعا الناس إليه ومنهم عبد الرحمن بن عوف ، فلمّا نظر إلى البناء والطعام قال : يا بن عفان لقد صدّقنا عليك ما كنا نكذّب فيك ، وإنّي أستعيذ بالله من بيعتك.

فغضب عثمان وقال : أخرجه عني يا غلام ، فأخرجوه وأمر الناس أن لا يجالسوه فلم يكن يأتيه أحد إلّا ابن عباس كان يأتيه فيتعلم منه القرآن والفرائض ، ومرض عبد الرحمن فعاده عثمان وكلمه فلم يكلمه حتى مات » (48).

وروى ابن أبي شيبة في المصنف بسنده عن عمرو بن دينار قال : « لمّا ذكروا من شأن عثمان الّذي ذكروا ، أقبل عبد الرحمن بن عوف في نفر من أصحابه حتى دخلوا على عبد الله بن عمر فقالوا : يا أبا عبد الرحمن. ألا ترى ما قد أحدث هذا الرجل فقال : بخٍ بخ فما تأمروني ؟ تريدون أن تكونوا مثل الروم وفارس إذا غضبوا على ملك قتلوه ، قد ولاه الله الّذي ولّاه فهو أعلم ، لستُ بقائل في شأنه شيئاً » (49).

وحاول الوليد بن عقبة التقريب بين الرجلين لكنه لم يفلح فقد جاء في مسند أحمد عن شقيق قال : « لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد مالي أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان ؟

فقال له عبد الرحمن : أبلغه أنّي لم أفرّ يوم عينيين. قال عاصم يقول : يوم أحد. ولم أتخلف يوم بدر ، ولم أترك سنّة عمر.

فانطلق فخبّر ذلك عثمان فرد عليه بنحو ما مرّ في الأوليين ، ثمّ قال : إنّي لم أترك سنّة عمر فإني لا أطيقها ولا هو فأتِه فحدّثه بذلك » (50).

وليس مزيد نكير على عثمان من قول عبد الرحمن بن عوف بعد وفاة أبي ذر بالربذة فتذاكر هو وعليّ في فعل عثمان فقال عليّ : « هذا عملك. فقال عبد الرحمن : إذا شئت فخذ سيفك وآخذ سيفي ، إنّه قد خالف ما أعطاني » (51). وثمة كلمة للإمام أمير المؤمنين عليه السلام قالها لعبد الرحمن بن عوف تصلح أن تكون جواباً له على ما مرّ ، فقد قال له : « يا بن عوف كيف رأيتَ صنيعَك مع عثمان ؟ ربّ واثق خَجِلَ ، ومن لم يتوخّ بعمله وجه الله عاد مادحه من الناس له ذامّاً » (52).

وليس بدون ذلك قوله ـ وقد ذكر عنده عثمان ـ في مرضه الّذي توفى فيه : « عاجلوه قبل أن يتمادى ملكه ، فبلغ ذلك عثمان فبعث إلى بئر كان يسقى منها نَعَم عبد الرحمن بن عوف ، فمنعه إياها ، فقال عبد الرحمن : اللّهمّ اجعل ماءها غوراً ، فما وجدت فيها » (53).

وأخيراً حلف أن لا يكلّم عثمان ، وأوصى أن لا يصلي عليه ، فصلّى عليه الزبير أو سعد بن أبي وقاص (54). وقد يفاجأ القارئ بالمفارقة الكبرى إذا أخبرته أنّ عبد الله بن عوف أخا عبد الرحمن بقي مع عثمان يوم الدار ودافع عنه حتى قتل كما في أنساب الأشراف (55) ، وكلا الأخوين أسرف في أمر عثمان ، ولكن عبد الله أسرف من أخيه. وقد خلّف من الأموال القناطير المقنطرة بأرقام خيالية كماً وكيفاً ، وحسب القارئ أن يقرأ ما قاله المسعودي في مروج الذهب : « وفي أيام عثمان اقتنى جماعة من الصحابة الضياع والدور منهم ...

وكذلك عبد الرحمن بن عوف الزهري ، ابتنى داره ووسّعها ، وكان على مربطه مائة فرس ، وله ألف بعير وعشرة آلاف شاة من الغنم ، وبلغ ربع ثمن ماله : أربعة وثمانين ألفاً » (56).

وقال ابن سعد في الطبقات : « وكان يزرع بالجرف على عشرين ناضحاً.

وقال : وكان فيما خلّفه ذهب قطّع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال منه » (57).

ومع هذا الثراء العجيب الغريب فقد وقف على رأسه سائل وبين يديه طبق فيه عنب فأعطاه عنبة ، فقيل له : أنّى تقع هذه منه ؟ فقال : فيها مثاقيل ذرّ كثير (58) ، وليتني أدري كيف نصدّق بعد هذا ما يرويه له علماء التفخيم من أحاديث سخائه الحاتمي ؟!

خامساً ـ سعد بن أبي وقاص :

ولّاه عثمان الكوفة ست سنين فعمل له سنة وأشهراً ثمّ عزله لأنّه استقرض مالاً من بيت المال ولم يؤده ، فطالبه ابن مسعود وكان على بيت المال ، وجرى بينهما كلام تسابّا فيه ، ووصل الخبر إلى عثمان فعزله وولّى أخاه لاُمه الوليد بن عقبة الفاسق بنص القرآن المجيد ، وذلك في سنة 26.

وقد روى البلاذري في فتوح البلدان : « أن عثمان أقطع سعداً قرية هرمز » (59).

وروى ابن زنجويه في كتاب الأموال عن موسى بن طلحة قال : « أقطع عثمان سعد بن مالك وعدّ نفراً آخرين » (60).

وروى ابن سعد في الطبقات عن عائشة بنت سعد قالت : « أرسل سعد بن أبي وقاص إلى مروان بن الحكم بزكاة عين ماله خمسة آلاف درهم وترك سعد يوم مات مائتي ألف وخمسين ألف درهم » (61).

على أنّ عمر كان قد قاسم سعد ماله حين عزله عن العراق (62) ، وإنّما تنامى ماله في عهد عثمان الّذي أقطعه مع آخرين الاقطاعات وحباه بجزيل الهبات. ومع ذلك المال الوفير كان على شفا جرف هارِ من البخل فانهار به. فقد وقف عليه سائل وبين يديه طبق عليه تمر ، فأعطاه تمرة فقبض يده فقال : إنّ الله تعالى يقبل منّا الذرة والخردلة ، فكان في هذه ـ التمرة ـ مثاقيل ذرّ (63).

أمّا موقفه من عثمان فقد كان من الخاذلين ، فقد مرّ ذكر اسمه فيمن كتب كتاب الأحداث الّتي مارسها عثمان فأنكر الصحابة عليه ذلك. كما أنّه ورد ذكره في حديث أبي كعب الحارثي وقد مرّ جزء منه فيما يتعلق بإنكار عائشة وحفصة في أوّل موقف عثمان من الصحابة ، فقد جاء فيه قول عثمان لعائشة وحفصة بعد أن أنكر عليه وأسمعا المسلمين استنكارهما ، وسماهما بالفتّانتين فقال مهدداً لهما : « وإلّا تنتهيان أو لأسبنّكما ما حلّ لي السباب ، وإنّي لأصلكما لعالِم. فقال له سعد بن أبي وقاص : أتقول هذا لحبائب رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم ؟ قال : وفيما أنت وما هاهنا ؟ قال : ثمّ أقبل على سعد عامداً إليه ليضربه قال : وانسلّ سعد فخرج من المسجد فاتبعه عثمان فلقي عليّاً بباب المسجد ، فقال له عليّ : أين تريد ؟ قال : أريد هذا الّذي كذا وكذا ـ يعني سعداً ـ فشتمه.

فقال له عليّ : أيّها الرجل دع هذا عنك ». وستأتي بقية الحديث في موقف عثمان من بني هاشم (64).

وقد روى الطبري حديث دخوله على عثمان يوم قتل ثمّ خرج وهو يسترجع ممّا يرى على الباب فقال له مروان : « الآن تندم أنت أشهرته (65) ... » (66).

ولم يكن ينكر ذلك فقد كتب إليه عمرو بن العاص يسأله عن قتل عثمان ومن قتله وتولى كبره ، فكتب إليه سعد : « إنّك سألتني من قتل عثمان وإنّي أخبرك إنّه قتل بسيف سلّته عائشة ، وصقله طلحة ، وسمّه ابن أبي طالب وسكت الزبير وأشار بيده ، وأمسكنا نحن ، ولو شئنا دفعناه عنه ، ولكن عثمان غيّر وتغيّر وأحسن وأساء ، فإن كنا أحسنّا فقد أحسنا ، وإن كنا أسأنا فنستغفر الله » (67).

سادساً ـ عمرو بن العاص :

وقد كان صهراً لعثمان على أخته أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط. وهذه المصاهرة ، قد لا يعلمها كثير من الباحثين فضلاً عن سائر القرّاء. وقد مرّت منا الإشارة إلى أنّ أم كلثوم هذه من المردفات من قريش (68).

قال المدائني : « ثمّ تزوجها عمرو بن العاص فأخرجها معه إلى مصر ، فقالت يوماً لخبّاز عمرو : لا تهيء له اليوم طعاماً فإنّي قد هيأت له غداءه ، ودعا عمرو بالغداء ، فقال الخبّاز : أرسلت إليّ أم كلثوم : لا تكلّف شيئاً فقد هيأت له غداءه.

قال : فغدّتنا ، فتغدّى ، فلمّا فرغوا وخرج من حضر قال لأم كلثوم : لا تعودي ، فإني لم أتزوّجك لتطعميني ، وإنما تزوّجتك لأطعمك. فماتت عنده » (69) ، وسيأتي في آخر حديث عند الطبري : ففارقها حين عزله ـ يعني عثمان ـ.

ومهما يكن فلم تنفع هذه المصاهرة عثمان شيئاً ، فكلّ أصهاره ـ هؤلاء ـ كانوا له أوّلاً أولياء ثمّ صاروا عليه أخيراً من الأعداء ، وقد مرت بعض مواقف الزبير وابن عوف معه.

أمّا عمرو بن العاص فهو الّذي أوجد لعثمان مخرجاً من تبعة قتل عبيد الله ابن عمر حين قتل الهرمزان فلقّنه الحجة وقال له : « يا أمير المؤمنين إن هذا الأمر قد كان قبل أن يكون لك سلطان على الناس فأعرض عنه » (70).

ومرت بنا كلمات الإدانة والخيانة الّتي رواها ابن سعد. وفيها ، فلفته ـ عمرو ـ عن رأيه ، وفيها : لكن عمرو بن العاص كلّم عثمان حتى تركه. حتى كان موقف عثمان الخانع المائع بعد تصلبه مثار عجب الراوي فقال : عجبت لعثمان حين ولي كيف تركه ، ولكن عرفت أنّ عمرو بن العاص كان دخل في ذلك فلفته عن رأيه.

فعمرو بن العاص فتح للخليفة باباً للخلاص من العتاب ، كما فتح باباً للمجرمين للإفلات من العقاب ، ما دامت الجناية وقعت في زمان الحاكم السابق ، ولم يتخذ إجراء العقوبة في حينه لموت الحاكم ، فلا إصر على الحاكم اللاحق لو عفا عن المجرمين إنها حجة غريبة وعجيبة تفتقت عنها ذهنية ابن النابغة ، لتبرئة عثمان من تبعة قتل عبيد الله بن عمر بالهرمزان وبقية الدماء البريئة.

وما أدري كيف تبدّل بالمنطق المعكوس ما أحتج به ولقنه لعثمان. فصار بعد ذلك يدين الإمام بدم عثمان لأنه لم يقتص من قتلته في حين كان قتله يوم لا سلطان للإمام ، ولكنّ ازدواجية ابن النابغة والأنتهازية بلا حدود جعلته في مرابع الضلال يغدو ويروح.

والآن إلى بعض مواقفه من عثمان :

فلنقرأ ما ذكره الطبري من حديث الواقدي عن أبي عون مولى المسور قال : « كان عمرو بن العاص على مصر عاملاً لعثمان ، فعزله عن الخراج واستعمله على الصلاة ، واستعمل عبد الله بن سعد على الخراج ، ثمّ جمعهما لعبد الله بن سعد ، فلمّا قدم عمرو بن العاص المدينة جعل يطعن على عثمان فأرسل إليه يوما عثمان خالياً به. قال : يا بن النابغة ما أسرع ما قمِل جرُّبان جبّتك ؟ إنما عهدك بالعمل عاماً أوّل ، أتطعن عليّ وتأتيني بوجه وتذهب عني بآخر. والله لولا أكلةٌ ما فعلتَ ذلك.

قال : فقال عمرو : إنّ كثيراً ممّا يقول الناس وينقلون إلى ولاتهم باطل ، فاتّق الله يا أمير المؤمنين في رعيّتك.

فقال عثمان : والله لقد استعملتك على ظَلَعِكَ وكثرة المقالة فيك.

فقال عمرو : قد كنت عاملاً لعمر بن الخطاب ، ففارقني وهو عني راض.

قال : فقال عثمان : وأنا والله لو آخذتك بما آخذك به عمر لأستقمت. ولكني لنتُ عليك فاجترأت عليّ ، أما والله لأنا أعزّ منك نفراً في الجاهلية ، وقبل أن ألي هذا السلطان.

فقال عمرو : دع عنك هذا ، فالحمد لله الّذي اكرمنا بمحمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم وهدانا به. قد رأيتَ العاص بن وائل ورأيت أباك عفّان ، فوالله للعاصُ كان أشرف من أبيك.

قال : فانكسر عثمان. وقال : ما لنا ولذكر الجاهلية.

قال : وخرج عمرو ودخل مروان ، فقال : يا أمير المؤمنين وقد بلغتَ مبلغاً يذكر عمرو بن العاص أباك ، فقال عثمان : دع هذا عنك ، مَن ذكر آباء الرجال ذكروا أباه.

قال : فخرج عمرو من عند عثمان وهو محتقد عليه ، يأتي عليّاً مرة فيؤلّبه على عثمان ، ويأتي الزبير مرة فيؤلّبه على عثمان ، ويأتي طلحة مرة فيؤلّبه على عثمان. ويعترض الحاجّ فيخبرهم بما أحدث عثمان فلمّا كان حصر عثمان الأوّل خرج من المدينة ، حتى انتهى إلى أرض له بفلسطين يقال لها السبع ، فنزل في قصر له يقال له العجلان وهو يقول : العجب ما يأتينا عن ابن عفان.

قال : فبينا هو جالس في قصره ذلك ومعه ابناه محمّد وعبد الله وسلامة بن روح الجذامي ، إذ مرّ بهم راكب فناداه عمرو : من أين قدم الرجل ؟ فقال من المدينة ، قال : ما فعل الرجل ؟ يعني عثمان. قال : تركته محصوراً شديد الحصار. قال عمرو : أنا أبو عبد الله ، قد يضرط العير والمكواة في النار (71).

فلم يبرح مجلسه ذلك حتى مرّ به راكب آخر. فناداه عمرو ما فعل الرجل ؟ يعني عثمان. قال : قُتل. قال : أنا أبو عبد الله إذا حككت قرحة نكأتها ، إن كنتُ لأحرّض عليه ، حتى إنّي لأحرّض عليه الراعي في غنمه في رأس الجبل.

فقال له سلامة بن روح : يا معشر قريش إنّه كان بينكم وبين العرب باب وثيق فكسرتموه ، فما حملكم على ذلك ؟ فقال : أردنا ان نخرج الحقّ من حافرة الباطل ، وأن يكون الناس في الحقّ شرعاً سواء. وكانت عند عمرو أخت عثمان لأمه ، أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط ، ففارقها حين عزله » (72).

ذكر اليعقوبي في تاريخه في أحداث عثمان : « وقدم عليه أهل البلدان فتكلموا. وبلغ عثمان إنّ أهل مصر قدموا عليهم بالسلاح ، فوجّه إليهم عمرو بن العاص وكلّمهم ، فقال لهم : انّه يرجع إلى ماتحبون ، ثمّ كتب لهم بذلك وانصرفوا فقال لعمرو بن العاص : أخرج فأعذرني عند الناس ، فخرج عمرو وصعد المنبر ونادى الصلاة جامعة فلمّا اجتمع الناس حمد الله وأثنى عليه ثمّ ذكر محمداً بما هو أهله وقال : بعثه الله رأفةً ورحمة فبلّغ الرسالة ونصح الأمة وجاهد في سبيل الله بالحكمة والموعظة الحسنة ، أفليس ذلك كذلك ؟ قالوا : بلى فجزاه الله خير ما جزى نبيّاً عن أمته.

ثمّ قال : وولي من بعده رجل عدَلَ في الرعية وحكم بالحقّ ، أفليس ذلك كذلك ؟ قالوا : بلى فجزاه الله خيراً.

قال : ثمّ ولي الأعسر الأحول ابن حنتمة فأبدت له الأرض أفلاذ كبدها ، وأظهرت له مكنون كنوزها فخرج من الدنيا وما أنبل عصاه ، أفليس ذلك كذلك ؟ قالوا بلى فجزاه الله خيراً.

قال : ثمّ ولي عثمان فقلتم وقال ، تلومونه ويعذر نفسه ، أفليس ذلك كذلك ؟ قالوا : بلى.

قال : فاصبروا لله فان الصغير يكبر ، والهزيل يسمن ، ولعل تأخير أمر خير من تقديمه. ثمّ نزل.

فدخل أهل عثمان عليه ، فقالوا له هل عابك أحد بمثل ما عابك به عمرو. فلمّا دخل عليه عمرو قال : يا بن النابغة والله ما زدتَ أن حرّضت الناس عليّ ، قال : والله لقد قلت فيك أحسن ما علمت ، ولقد ركبت من الناس وركبوها منك فأعتزل ان لم تعتدل ، فقال : يا بن النابغة ، قمل درعُك مذ عزلتك عن مصر » (73).

وفي تاريخ الطبري : « انّ عمرو بن العاص قال ذلك حين استشاره عثمان فيمن استشار من ولاته وقد جمعهم عنده فقال له ما رأيك ؟ قال : أرى أنّك قد ركبت الناس بما يكرهون ، فأعتزم أن تعتدل ، فإن أبيت فاعتزم أن تعتدل ، فإن أبيت فاعتزم أن تعتزل فإن أبيت فاعتزم عزماً وأمضِ قدماً. فقال عثمان : مالك قمل فرُوك ؟ أهذا الجدّ منك ؟ فأسكت عنه دهراً. حتى إذا تفرّق القوم قال عمرو : لا والله يا أمير المؤمنين ، لأنت أعزّ عليّ من ذلك ولكن قد علمت أن سيبلغ الناس قول كلّ رجل منا ، فأردت أن يبلغهم قولي فيثقوا بي ، فأقود إليك خيراً ، أو ادفع عنك شراً ... اهـ » (74).

ولقد كذب فإنه كان مراوغاً في أمر عثمان وحسبنا ما كان يُعيّر به في ذلك.

فقد قال له الإمام الحسن السبط عليه السلام في حديث طويل جاء فيه : « وأمّا ما ذكرت من أمر عثمان فأنتَ سعّرت عليه الدنيا ناراً ثمّ لحقت بفلسطين ، فلمّا أتاك قتله قلتَ : أنا أبو عبد الله إذا نكأت قرحة أدميتها ، ثمّ ... وبالله ما نصرتَ عثمان حياً ، ولا غضبتَ له مقتولا » (75).

سابعاً ـ أبو موسى الأشعري :

روى البلاذري في فتوح البلدان : « انّ عمر أوصى القائم بالخلافة بتولية سعد الكوفة ، وتولية أبي موسى البصرة ، فولاهما ثمّ عزلهما » (76).

روى ابن سعد في الطبقات بسنده عن أبي بريدة قال : « لمّا قدم أبو موسى الأشعري لقي أبا ذر فجعل أبو موسى يلزمه. ويقول أبو ذر إليك عني ، ويقول الأشعري مرحباً بأخي ، ويدفعه أبو ذر ويقول : لست بأخيك ، إنما كنت أخاك قبل أن تُستعمل. ولأبي ذر قول مثل ذلك مع أبي هريرة حين ألتزمه ، فقال له أبو ذر إليك عني هل كنتَ عملتَ لهؤلاء ؟ قال نعم ... » (77).

روى المحب الطبري في الرياض النضرة عن أبي موسى قال : « كنت إذا أتيت عمر بالمال والحلية من الذهب والفضة لم يلبث أن يقسمه بين المسلمين حتى لا يبقى منه شيء ، فلمّا ولي عثمان أتيت به فكان يبعث به إلى نسائه وبناته فلمّا رأيت ذلك أرسلت دمعي وبكيت. فقال لي ما يبكيك ؟ فذكرت له صنيعه وصنيع عمر فقال : رحم الله عمر كان حسنة وأنا حسنة ، ولكل ما أكتسب. قال أبو موسى : ان عمر كان ينزع الدرهم الفرد من الصبي من أولاده فيرده في مال الله ويقسمه بين المسلمين ، فأراك قد أعطيت إحدى بناتك مجمراً من ذهب مكللاً باللؤلؤ والياقوت ، وأعطيت الأخرى درّتين لا يُعرف كم قيمتهما. فقال : ان عمر عمل برأيه ولا يألو عن الخير ، وأنا أعمل برأي ولا آلو عن الخير ، وقد أوصاني الله تعالى بذوي قراباتي ، وأنا مستوص بهم أبرّهم » (78).

وروى البلاذري في حديث أبي مخنف قال : « أنكر الناس على عثمان مع ما أُنكر أن حمى الحمى وأن أعطى زيد بن ثابت مائة ألف درهم من ألف ألف درهم حملها أبو موسى الأشعري وقال له هذا حقّك » (79).

ولم يحمد له معاوية موقفه من عثمان ، فقد قدم عليه ودخل عليه برنس أسود فلمّا خرج من عنده قال : « قدم الشيخ لأولّيه والله لا وليتَه » (80).

ثامناً ـ أبو هريرة الدوسي :

روى ابن كثير في البداية والنهاية قال : « لمّا نسخ عثمان المصاحف دخل عليه أبو هريرة فقال : أصبت ووفقت. أشهد لسمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم يقول : ( إن أشد أمتي حباً لي قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني ، يعملون بما في الورق المعلق ) ، فقلت : أي ورق ؟ حتى رأيت المصاحف. قال : فأعجب ذلك عثمان وأمر لأبي هريرة بعشرة آلاف وقال : والله ما علمت أنّك لتحبس علينا حديث نبيّنا صلّى الله عليه وآله وسلّم » (81).

وهنا استشعر أبو هريرة الضوء الأخضر بزخّ الأحاديث من جرابه المنفوخ بعشرات الالآف ، فكان يزعم لنفسه مقاماً يوم الدار في نصرة عثمان ، فقد روى ابن سعد عنه قال : « دخلت على عثمان يوم الدار فقلت يا أمير المؤمنين طابٌ أم ضربٌ ؟ فقال : يا أبا هريرة أيسرّك أن تقتل الناس جميعاً وإياي ؟ قال : قلت : لا ، قال : فإنك والله ان قتلتَ رجلاً واحداً فكأنما قُتل الناس جميعاً. قال : فرجعتُ ولم أقاتل » (82) هذا موقفه في نصرته بروايته وليتني أدري كيف فقد سيفه يومئذ ؟ وكيف أنقطع مزوده المعلق بحقوه ما دام قد رجع ولم يقاتل (83).

تاسعاً ـ زيد بن ثابت الأنصاري :

قال أبو عمر : « كان عثمان يحب زيد بن ثابت وكان زيد عثمانياً » (84). ولعله المدافع الوحيد عن عثمان من الأنصار ولقد مرّ بنا أن عثمان أعطاه مائة ألف من مال أتى به أبو موسى الأشعري ، ولقد ذكر الطبري في تاريخه موقفه يوم الجمعة حين رجع المصريون ومعهم غلام عثمان والكتاب الّذي فيه قتلهم : « وخرج عثمان للصلاة وخطب مندّداً بالثوار ، ومستشهداً على ذلك من حضر. فقام محمّد بن مسلمة فقال : أنا أشهد بذلك فأخذه حكيم بن جبلة فأقعده ، فقام زيد بن ثابت فقال : أبغني الكتاب ، فثار إليه من ناحية أخرى محمّد بن أبي قتيرة فأقعده وقال : فأفظع ... وحصبوا عثمان حتى صُرع عن المنبر » (85).

وقد روى البلاذري من حديث أبي مخنف : « انّه أجتمع عليه الأنصار فقالوا : ماذا ترى يا أبا سعيد ؟ فقال : أتطيعوني ؟ قالوا : نعم ان شاء الله ، فقال : إنكم نصرتم الله ونبيّه فانصروا خليفته ، فأجابه قوم منهم.

فقال سهل بن حنيف : يا زيد أشبعك عثمان من عضدات المدينة ـ العضيدة نخلة قصيرة يُنال حملها ـ فقال زيد : لا تقتلوا الشيخ ودعوه يموت فما أقرب أجله.

فقال الحجاج بن غزية الأنصاري ـ أحد بني النجار ـ : والله لو لم يبق من عمره إلّا ما بين الظهر والعصر لتقرّبنا إلى الله بدمه » (86).

وفي حديث الواقدي : « أنّ زيد بن ثابت أجتمع عليه عصابة من الأنصار وهو يدعوهم إلى نصرة عثمان فوقف عليه جبلّة بن عمرو بن حبّة المازني فقال له : وما يمنعك يا زيد أن تذبّ عنه ؟ أعطاك عشرة آلاف دينار وحدائق من نخل لم ترث عن أبيك بمثل حديقة منها » (87).

وروى البلاذري عن رجاله قالوا : « لمّا أعطى عثمان مروان بن الحكم ما أعطاه وأعطى الحارث بن الحكم بن أبي العاص ثلثمائة ألف درهم ، وأعطى زيد ابن ثابت الأنصاري مائة ألف درهم. جعل أبو ذر يقول : بشّر الكافرين بعذابٍ أليم ... ».

وروى ابن أعثم في الفتوح : « انّ زيد بن ثابت كان إلى جانب عثمان يوم أشرف على الناس وكلمهم ، فلمّا سكت عثمان تكلم زيد بن ثابت فقال : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إلى اللَّهِ ) (88) فصاح به الناس يا زيد انّ عثمان قد أشبعك من أموال الأرامل ولابدّ لك من نصره » (89).

وروى المسعودي عن سعيد بن المسيب : « أنّ زيد بن ثابت حين مات خلّف من الذهب والفضة ما كان يكسّر بالفؤوس ، غير ما خلّف من الأموال والضَياع بقيمة مائة ألف دينار » (90).

ولم لا يخلّف ذلك وقد كان خازن بيت المال ولّاه عثمان بعد عزل عبد الله ابن الأرقم وقال له يوماً ، وقد فضل في بيت المال فضلة خذها فهي لك فأخذها زيد فكانت أكثر من مائة ألف ، فكم من فضلة حواها بلا كدّ ولا نصَب وقس على زيد بن ثابت حسان بن ثابت الّذي كان عثمان محسناً إليه. كما يقول المسعودي في المروج (91). وكان إحسان عثمان إلى حسّان قد غمره حتى صيّره عثمانياً منحرفاً عن غيره ، وهو القائل فيمن تخلّف عن عثمان وخذله من الأنصار وغيرهم ، وأعان عليه وعلى قتله :

خذلته الأنصار إذ حضر المو

 

ت وكانت ثقاته الأنصار

أين أين الوفاء إذ مُنع الما

 

ء فدته النفوس والأبصار

مَن عذيري من الزبير ومن طلحة

 

هاجا له أمراً له إعصار

ثم قالا أراد يستبدل الدين

 

اعتذرا وللأمور قرار

فتولى محمد بن أبي بكـ

 

ر جهاراً وبعده عمّار ... الخ.

وهذه الأبيات ذكرها ابن أعثم في الفتوح (92) ، وورد منها الأوّل والثالث والخامس في مروج الذهب (93) ، ولم ترد في ديوان حسان المطبوع.

فحسان لم ينصر عثمان بسوى اللسان ، لأنه كان الجبان ، ويكفيه شاهداً يوم الأحزاب حيث كان في أطم مع النساء والصبيان (94).

الهوامش

1. راجع طبقات ابن سعد 3 ق 1 / 244 ، تاريخ اليعقوبي 2 / 137 ط الغري ، سير أعلام النبلاء 2 / 528 ط دار الفكر بيروت ، وتاريخ الخلفاء للسيوطي / 91 ط المنيرية وغيرها ، وشرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 3 / ط مصر الأُولى ، والفتوح لابن أعثم 2 / 91.

2. تاريخ ابن الأثير 3 / 24 ط بولاق.

3. الفتوح 2 / 91.

4. طبقات ابن سعد 3 ق 1 / 45.

5. تاريخ الطبري 4 / 375 ط دار المعارف.

6. نفس المصدر 4 / 213.

7. سير أعلام النبلاء 3 / 604 ط دار الفكر.

8. أُنظر طبقات ابن سعد 4 ق 1 / 134.

9. نفس المصدر.

10. نفس المصدر.

11. تاريخ الطبري 4 / 375 ط دار المعارف.

12. المصنف لعبد الرزاق 11 / 355 هكذا النص والصواب : هاتين الفتّانتين ... إن لا تنتهيا ، وقارن شرح النهج لابن أبي الحديد 2 / 394 ط مصر الأُولى ففيه إنّ هاتين لفتانتان.

13. نوادر المخطوطات. كتاب المردفات من قريش للمدائني 1 / 61 تحـ عبد السلام هارون ط مصر سنة 1370 الأُولى.

14. المصنف لعبد الرزاق 9 / 41.

15. طبقات ابن سعد 3 ق 1 / 75 ط أفست ليدن.

16. الرياض النضرة للطبري 2 / 285 نقلاً عن أحمد.

17. سير أعلام النبلاء 4 / 519 ط دار الفكر.

18. تدارأ القوم تدارأوا تدافعوا في الخصومة واختلفوا ( قطر المحيط ـ درأ ).

19. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 488 تحـ إحسان عباس.

20. نفس المصدر / 499.

21. نفس المصدر / 567.

22. شرح النهج لابن أبي الحديد 2 / 404 ط مصر الأولى.

23. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 490 تحـ إحسان عباس.

24. تاريخ الطبري 4 / 405.

25. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 506 تحـ إحسان عباس.

26. تاريخ الطبري 4 / 405 ط محققة ، ومصنف ابن أبي شيبة 15 / 210 ط باكستان.

27. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 567 تحـ إحسان عباس.

28. نفس المصدر / 565.

29. زيادات مسند أحمد 2 / 12 تحـ أحمد محمّد شاكر ، وقارن مجمع الزوائد 7 / 227 ـ 228 و 9 / 91 ، ومستدرك الحاكم 3 / 97 ـ 98.

30. شرح النهج لابن أبي الحديد 2 / 404.

31. نفس المصدر / 220 ـ 404.

32. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 569 تحـ احسان عباس.

33. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 572 ، والعقد الفريد 4 / 299 ط محققة.

34. تاريخ الطبري 4 / 379 ط محققة.

35. أنساب الاشراف 1 ق 4 / 506.

36. الطبري 4 / 371 ط محققة.

37. نفس المصدر / 379.

38. كتاب المردفات من قريش للمدائني. نوادر المخطوطات 1 / 61 تحـ عبد السلام هارون ط مصر.

39. شرح النهج لابن أبي الحديد 2 / 411 ط مصر الأولى.

40. مثل يضرب للشر. قال الأصمعي هي ـ منشم ـ امرأة كانت تبيع العطر وكانوا إذا قصدوا الحرب غمسوا أيديهم في طيبها وتحالفوا عليه. وقال ابن السكيت : العرب تكني عن الحرب بثلاثة أشياء : عطر منشم وثوب محارب ، وبرد فاخر جمهرة الأمثال لأبي هلال العسكري 1 / 445 تحـ محمّد أبو الفضل إبراهيم وعبد المجيد قطامش ط الأولى بمصر سنة 1384 هـ.

وقال أبو هلال العسكري في كتاب الأوائل : استجيبت دعوة عليّ في عثمان وعبد الرحمن ، فما ماتا إلّا متهاجرين متعاديين.

41. تاريخ اليعقوبي 2 / 146 ط الغري سنة 1358 هـ.

42. الرياض النضرة 2 / 288.

43. فتح الباري 8 / 60 ط مصطفى البابي الحلبي وأولاده بمصر سنة 1378 هـ.

44. الفتنة الكبرى طه حسين 1 / 201.

45. نفس المصدر / 211.

46. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 537 و 582 تحـ احسان عباس.

47. الكامل لابن الأثير 3 / 67 ط بولاق.

48. شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 65 ـ 66.

49. المصنف لابن أبي شيبة 1 / 223.

50. مسند أحمد 1 / 241 تحـ أحمد محمّد شاكر.

51. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 546.

52. شرح النهج لابن أبي الحديد 4 / 558 ط مصر الأُولى.

53. نفس المصدر / 547.

54. نفس المصدر.

55. اُنظر أنساب الأشراف 1 ق 4 / 571.

56. مروج الذهب 2 / 342 ط السعادة بمصر تحـ محمّد محي الدين عبد الحميد.

57. طبقات ابن سعد 3 / 96.

58. راجع كتاب الأموال لابن زنجويه / 770 تحـ د شاكر ذيب فياض.

59. فتوح البلدان / 282.

60. الأموال / 626.

61. طبقات ابن سعد 3 ق 1 / 105.

62. طبقات ابن سعد 3 ق 1 / 105 ، روى البلاذري في فتوح البلدان / 286 من حديث محمّد بن إسحاق قال : اتخذ سعد بن أبي وقاص باباً مبوباً من خشب وخصّ على قصره خصاً من قصب ، فبعث عمر بن الخطاب محمّد بن سلمة الأنصاري حتى أحرق الباب والخصّ.

63. كتاب الأموال لابن زنجويه تحـ شاكر ذيب فياض ط مركز الملك فيصل للبحوث.

64. المصنف لعبد الرزاق 11 / 355 و 356.

65. أي شهرته بالقول حتى صار كالبدنة الّتي يشعر جنبها علامة لها وكلّ ما ألصقته بشيء فقد أشهرته.

66. تاريخ الطبري 4 / 377 ط دار المعارف.

67. الإمامة والسياسة لابن قتيبة 1 ق 1 / 43.

68. راجع رقم (2) الزبير ، ورقم (4) عبد الرحمن بن عوف من ( مواقف سنمّارية من بعض الصحابة ).

69. اُنظر كتاب المردفات من قريش ( نوادر المخطوطات 1 / 61 تحـ عبد السلام محمّد هارون ).

70. طبقات ابن سعد 5 / 10 ط أفست ليدن.

71. مثل يضرب للرجل يخاف الأمر فيجزع قبل وقوعه. مجمع الأمثال 2 / 95.

72. تاريخ الطبري 4 / 356 ـ 357 ط دار المعارف بمصر سنة 1970 م.

73. تاريخ اليعقوبي 2 / 151 ط الغري ، وشرح النهج 2 / 103 ، وجمهرة خطب العرب 3 / 21.

74. تاريخ الطبري 4 / 334 ط دار المعارف.

75. رواه الزبير بن بكار في الموفقيات / 496 ـ 497 ط الأوقاف بغداد بتفاوت يسير.

76. فتوح البلدان / 334.

77. طبقات ابن سعد 4 ق 1 / 169.

78. الرياض النضرة 2 / 138 ط النعساني بمصر.

79. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 546.

80. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 43.

81. البداية والنهاية 7 / 216 ط السعادة بمصر.

82. طبقات ابن سعد 3 ق 1 / 48 ، وتاريخ خليفة بن خياط / 129 ، وسير أعلام النبلاء 3 / 608 ط دار الفكر.

83. وحديث المزود لا يخلو من طرافة للتسلي فقد رواه الذهبي في سير أعلام النبلاء 4 / 205 ط دار الفكر : عن أبي هريرة قال : أتيت رسول الله بتمرات فقلت أدع لي فيهنّ يا رسول الله بالبركة ، فقبضهنّ ثمّ دعا فيهنّ بالبركة ثمّ قال : خذهنّ فاجعلهنّ في مزود ، فإذا أردت أن تأخذ منهنّ ، فأدخل يدك فخذ ولا تنثرهنّ نثراً. فقال : فحملت من ذلك التمر كذا وكذا وسقا في سبيل الله ، وكنا نأكل ونُطعِم وكان المزود معلقاً بحقوي ، لا يفارق حقوي ، فلمّا قتل عثمان انقطع.

وهذا أخرجه أحمد في المسند 16 / 258 تحـ أحمد محمّد شاكر والترمذي في سننه في المناقب باب مناقب لأبي هريرة وقال : هذا حديث حسن غريب. ونحن لا يهمّنا ذكر مخرّجيه ، بقدر ما يهمنا معرفة مصدّقيه. فان أبا هريرة أسلم عام سبعة للهجرة بعد فتح خيبر ، ولا شك أنّه لم يأت في ذلك التاريخ بتمراته من اليمن يطلب لها البركة. وهو قد خرج إلى البحرين مع العلاء الحضرمي عام ثمان ولم يعد إلى ان أستدعاه عمر للشهادة على قدامة بن مظعون عام / 20 أو 21. فلابد أن تكون التمرات المباركات أتى بهنّ فيما بين سنة إسلامه وسنة خروجه إلى البحرين ، واذا عرفنا أن البركة في مزوده المبارك دامت حتى قتل عثمان سنة / 35 فتكون سنيّ البركة 28 سنة أو أزيد من ذلك ، وإذا نظرنا إلى بركة التمر حتى أخذ منه أكثر من 200 وسق كما في رواية أبي رية في شيخ المضيرة / 224 ط الثالثة دار المعارف بمصر ، وثمة تحقيق حول رواية أبي هريرة لمنقبة المزود ، لكنه لم يحاسبه على الأوساق فإن الوسق ستون صاعاً أو حمل بعير ، وقيل الوسق عند أهل الحجاز / 320 رطلاً وعند أهل العراق / 480 رطلاً. ( قطر المحيط ).

فإذا أردنا حساب ذلك يكون ما أخذه منه في كلّ عام أكثر من 2240 رطلا بحساب أهل الحجاز كما نفترض ذلك لأن المباركة حجازية وحصة اليوم الواحد من تلك البركة في حدود / 75 رطلاً يا سلام. فما دامت البركة معلّقة بحقوه فلا تفارقه حضراً وسفراً لماذا إذن كان يخدم عثمان وأبنة غزوان على طعام بطنه ، ولماذا يقول : كانت لي خمس عشرة تمرة فأفطرت على خمس وتسحرت بخمس وأبقيت خمساً لفطري ( تاريخ ابن كثير 1 / 112 ( ولماذا ولماذا ؟ فأين عنه المزود ، فأقرأ ولك أن لا تصدّق المزايدة بالمزود ولكن لا شك أنّه بعد مقتل عثمان حسنت حاله وكثر ماله فقد أخرج ابن سعد في الطبقات 4 ق 2 / 53 ط أفست ليدن : بسنده عن محمّد قال : تمخط أبو هريرة وعليه ثوب من كتان ممشّق ، فتمخّط فيه ، فقال : بخ بخ يتمخط أبو هريرة في الكتان ، لقد رأيتني أخرّ فيما بين منبر رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وحجرة عائشة يجيء الجائي يرى أن بي جنوناً وما بي إلّا الجوع ، ولقد رأيتني واني لأجير لابن عفّان وابنة غزوان بطعام بطني وعقبة رحلي أسوق بهم إذا أرتحلوا ، وأخدمهم إذا نزلوا. فقالت يوماً : لتردّنه حافياً ولتركبّنه قائماً ـ تعني البعير ـ قال : فزوجنيها الله بعد ذلك فقلت لها : لتردّنه حافية ، ولتركِبنّه قائمة. ويبدو أنّه بصص بعينيه الأميرة يوم كان يخدمها فأعجبته وتمناها فصارت إليه ولكنه لم يخف تشفّيه منها.

روى البلاذري قال : وخلف أبو هريرة على فاختة بنت غزوان وهي بسرة فكان يقول كنت أجير ابن عفان بطعام بطني وعقبة رحلي ، أخدمهم إذا نزلوا وأسوق بهم إذا ركبوا ، فغضب عليّ يوماً فقال : لتمشينّ حافياً ، ثمّ تزوجت أمرأته ( أنساب الأشراف 1 ق 4 / 593 ).

ولا تخفى لغة التشفي عند أبي هريرة بالرغم من إحسان الزوجين عثمان وأبنة غزوان إليه فلم يكن وفياً لهما ولا للأمويين بقدر ما كانوا هم له في حياته كما مرّ ، وحتى بعد وفاته. فقد كان ولد عثمان هم الذين يحملون سريره ـ عند موته ـ ومن قصره بالعقيق حتى بلغوا البقيع حفظاً لحقه بما كان من رأيه في عثمان ( طبقات ابن سعد 4 ق 2 / 63 ) وكتب الوليد بن عتبة إلى معاوية يخبره بموت أبي هريرة ، فكتب إليه أنظر من ترك فأدفع إلى ورثته عشرة آلاف درهم وأحسن جوارهم ، وأفعل إليهم معروفاً ، فإنه كان ممن نصر عثمان وكان معه في الدار فرحمه الله ( طبقات ابن سعد 4 ق 2 / 63 ). وكلّ إناء بالذي فيه ينضح.

84. الاستيعاب بهامش الإصابة 1 / 534.

85. تاريخ الطبري 4 / 353 ط دار المعارف.

86. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 569 تحـ إحسان عباس.

87. شرح النهج لابن أبي الحديد 1 / 225 ط مصر الأُولى.

88. الأنعام / 159.

89. أنساب الأشراف 1 ق 4 / 541 تحـ إحسان عباس.

90. مروج الذهب 2 / 342 ط 3 تحـ محمّد محي الدين عبد الحميد بمصر.

91. المصدر السابق 2 / 356.

92. الفتوح 2 / 239.

93. مروج الذهب 2 / 355 و 356 بتفاوت.

94. ذكر الذهبي في ترجمة حسان في كتابه سير أعلام النبلاء 4 / 135 ط دار الفكر قال : لما خلّف رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم نساءه في حصن فارع وفيهن صفية بنت عبد المطلب وخلّف فيهنّ حسان ، فأقبل رجل من المشركين ليدخل عليهن فقالت صفية لحسان عليك الرجل ، فجبن وأبى عليها فتناولت السيف فضربت به المشرك حتى قتلته ، فقطعت رأسه ، وقالت لحسان قم فأطرحه على اليهود وهم تحت الحصن قال : والله ما ذلك فيّ ، فأخذت هي رأسه فرمت به عليهم ، فقالوا : قد علمنا والله ، ان هذا لم يكن ليترك أهله خلوفاً ليس معهم أحد فتفرقوا. وذكر أيضاً أن صفية قالت لحسان قم فأسلبه فإني امرأة وهو رجل ، فقال : ما لي بسلبه يا بنت عبد المطلب من حاجة. وهذا مروي في سيرة ابن هشام ومستدرك الحاكم وتاريخ دمشق وغيرها. ولا عَجَبَ ، إنما العجَبَ من الذهبي أن يذكره في سير أعلام النبلاء ، وكان عليه أن يجعله في ( سير أعلام الجبناء ) ولعل الرجل لم يجد لحسان ثانياً في الجُبن.

مقتبس من كتاب : [ موسوعة عبدالله بن عبّاس ] / المجلّد : 2 / الصفحة : 217 ـ 247

 

أضف تعليق

عثمان بن عفان

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية