في حديث زكريا ويحيى عليهما السلام

البريد الإلكتروني طباعة

في حديث زكريا ويحيى عليهما السلام

281 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبي ، حدّثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير عن رجل (1) ، عن أبي عبد الله قال : دعا زكريّا ربّه ، فقال : ( هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ) (2) فبشّره الله تعالى بيحيى ، فلم يعلم أنّ ذلك الكلام من عند الله تعالى جلّ ذكره وخاف أن يكون من الشّيطان ، فقال : أنّي يكون لي ولد وقال : ( رَبِّ اجْعَل لِّي آيَةً ) فأُسكت (3) فعلم أنّه من الله تعالى (4).

282 ـ وبهذا الاسناد عن أبان ، عن أبي حمزة ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : لمّا ولد يحيى عليه السلام رفع إلى السّماء فغذّي بأنهار (5) الجنّة حتّى فطم ، ثمّ نزل إلى أبيه وكان يضيء البيت بنوره (6).

283 ـ وبإسناده عن سعد بن عبد الله رفعه ، قال : كان يحيى بن زكريّا يصلّي ويبكي حتّى ذهب لحم خدّه ، وجعل لبداً وألزقه بخدّه حتّى تجري الدّموع عليه ، وكان لا ينام ، فقال أبوه : يا بُنيَّ إنّي سألت الله أن يرزقنيك لأفرح بك وتقرّ عيني ، قم فصلّ ، قال : فقال له يحيى : إنّ جبرئيل حدّثني أنّ أمام النّار مفازة لا يجوزها إلّا البكّاؤون ، فقال : يا بنيَّ فابك وحقّ لك أن تبكي (7).

فصل ـ 1 ـ

284 ـ وباسناده عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن هشام بن سالم (8) ، عن أبي عبد الله عليه السلام قال : إنّ زكريّا كان خائفاً ، فهرب فالتجأ إلى شجرة ، فانفرجت له وقالت : يا زكريّا ادخل فيَّ فجاء حتّى دخل فيها ، فطلبوه فلم يجدوه وأتاهم إبليس وكان رآه فدلّهم عليه فقال لهم : هو في هذه الشّجرة فاقطعوها وقد كانوا يعبدون تلك الشّجرة فقالوا : لا نقطعها ، فلم يزل بهم حتى شقّوها وشقّوا زكريّا عليه السلام (9).

285 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا محمّد بن علي ماجيلويه ، عن عمّه محمّد بن أبي القاسم ، حدّثنا محمّد بن عليّ ، عن عبد الله بن محمّد الحجّال ، عن أبي إسحاق (10) ، عن عبد الله بن هلال ، عن أبي عبد الله عليه السلام ، قال : إنّ ملكاً كان على عهد يحيى ابن زكريّا لم يكفه ما كان عليه من الطّروقة حتّى تناول امرأةً بغيّاً ، فكانت تأتيه حتّى أسنّت ، فلمّا أسنّت هيّأت ابنتها ، ثمّ قالت لها : إنّي أريد أن آتي بك الملك فاذا واقعك فيسألك ما حاجتك فقولي : حاجتي أن تقتل يحيى بن زكريّا عليه السلام فلمّا واقعها سألها عن حاجتها فقالت : قتل يحيى بن زكريا عليه السلام.

[ فقال : ما أنت وهذا الهي عن هذا ، قالت : ما لي حاجة إلّا قتل يحيى ] (11) فلمّا كان في اللّيلة الثّالثة بعث إلى يحيى فجاء به ، فدعا بطشت ذهب فذبحه فيها وصبّوه على الأرض فيرتفع الدّم ويعلو وأقبل النّاس يطرحون عليه التّراب فيعلو عليه الدّم حتّى صار تلّاً عظيماً ومضى ذلك القرن ، فلمّا كان من أمر بخت نصّر ما كان رآى ذلك الدّم ، فسأل عنه فلم يجد أحداً يعرفه حتّى دُلّ على شيخ كبير فسأله ، فقال : أخبرني أبي عن جدّي أنّه كان من قصّة يحيى بن زكريّا كذا وكذا ، وقصّ عليه القصّة والدّم دمه فقال بخت نصّر : لا جرم لأقتلنّ عليه حتّى يسكن. فقتل عليه سبعين ألفاً ، فلمّا وفي عليه سكن الدّم.

وفي خبرٍ آخر : إنّ هذه البغيّ كانت زوجة ملك جبّار قبل هذا الملك وتزوّجها هذا بعده ، فلمّا أسنّت وكانت لها ابنة من الملك الأوّل قالت لهذا الملك : تزوّج أنت بها ، فقال : لا حتّى أسأل يحيى بن زكريّا عن ذلك فان أذن فعلت ، فسأله عنه فقال : لا يجوز فهيّأت بنتها وزيّنتها في حال سكره وعرضتها عليه ، فكان من حال قتل يحيى ما ذكر وكان ما كان (12).

فصل ـ 2 ـ

286 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه (13) ، حدّثنا محمّد بن أبي القاسم ، عن محمّد بن علي الكوفي ، عن أبي عبد الله الخيّاط ، عن عبد الله بن القاسم ، عن عبد الله بن سنان ، قال : قال أبو عبد الله عليه السلام : إنّ الله عزّ وجلّ إذا أراد أن ينتصر لأوليائه انتصر لهم بشرار خلقه ، وإذا أراد أن ينتصر لنفسه انتصر بأوليائه ، ولقد انتصر ليحيى بن زكريّا عليهما السلام ببخت نصّر (14).

287 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان ، حدّثنا محمّد بن سعيد بن أبي شحمة ، حدّثنا أبو محمّد عبد الله بن سعيد بن هاشم القناني البغدادي ، حدّثنا أحمد بن صالح ، حدّثنا أبي صالح ، حدّثنا حسّان (15) بن عبد الله الواسطي ، حدّثنا عبد الله بن لهيعة ، عن أبي قبيل ، عن عبد الله بن عمر قال : قال النّبيّ صلى الله عليه وآله : كان من زهد يحيى بن زكريّا عليهما السّلام أنّه أتى بيت المقدس ، فنظر إلى المجتهدين من الاحبار والرّهبان عليهم مدارع الشّعر ، فلمّا رآهم أتى أمّه ، فقال : انسجي لي مدرعة من صوف حتّى آتي بيت المقدس فأعبد الله مع الأحبار ، فأخبرت زكريّا بذلك ، فقال زكريّا : يا بنيّ ما يدعوك إلى هذا ؟ وإنما أنت صبيّ صغير ، فقال : يا أبت أما رأيت من هو أصغر منّي قد ذاق الموت ؟ قال : بلى ، وقال لأمّه : انسجي له المدرعة ، فأتى بيت المقدس وأخذ يعبد الله تعالى حتّى أكلت مدرعة الشّعر لحمه وجعل يبكي ، وكان زكريّا إذا أراد أن يعظ يلتفت يميناً وشمالاً ، فان رأى يحيى لم يذكر جنّةً ولا ناراً (16).

288 ـ وفي خبرٍ آخر : أنّ عيسى بن مريم عليه السلام بعث يحيى بن زكريّا في اثني عشر من الحواريّين يعلّمون النّاس وينهاهم عن نكاح ابنة الأُخت ، قال : وكان لملكهم بنت أخت تعجبه ، وكان يريد أن يتزوّجها ، فلمّا بلغ أمّها أنّ يحيى نهى عن مثل هذا النّكاح أدخلت بنتها على الملك بزينة ، فلمّا رآها سألها عن حاجتها ، قالت حاجتي أن تذبح يحيى بن زكريّا ، فقال : سلي غير هذا ، فقالت : لا أسألك غير هذا ، فلمّا أبت عليه دعا بطشت ودعا يحيى عليه السلام فذبحه ، فبدرت قطرة من دمه فوقعت على الأرض ، فلم تزل تعلو حتّى بعث الله بخت نصّر عليهم ، فجاءته عجوز من بني إسرائيل فدلّته على ذلك الدّم ، فاُلقي في نفسه أن يقتل على ذلك الدّم منهم حتّى يسكن ، فقتل عليها سبعين ألفاً في سنة واحدة ثمّ سكن (17).

فصل ـ 3 ـ

289 ـ وعن ابن بابويه ، حدّثنا أبو محمّد الحسن بن محمد بن يحيى العلوي ، حدّثنا جدّي يحيى بن الحسن ، حدّثنا محمّد بن إبراهيم التّميمي ، حدّثنا محمّد بن يزيد ، حدّثنا الفضل بن دكين ، حدّثنا عبد الله بن حبيب بن أبي كاتب ، عن أبيه ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس رضي الله عنه ، قال : أوحى الله إلى نبيّه صلّى الله عليه وآله إنّي قتلت بدم يحيى بن زكريّا سبعين ألفاً ، وسأقتل بالحسين (18) عليه السلام سبعين ألفاً وسبعين ألفاً (19).

290 ـ وباسناده عن أحمد بن محمّد بن عيسى ، حدّثنا عثمان بن عيسى ، عن عمرو بن شمر ، عن جابر ، عن أبي عبد الله (20) عليه السلام قال : لا يقتل النّبيّين ولا أولادهم إلّا أولاد الزّنا (21).

291 ـ وعن جابر ، عن أبي جعفر عليه السلام قال : إنّ عاقر ناقة صالح كان أزرق ابن بغيّ ، وكانت ثمود تقول : ما نعرف (22) له فينا أباً ولا نسباً ، وأنّ قاتل الحسين بن علي صلوات الله عليهما ابن بغيّ ، وأنّه لم يقتل الأنبياء ولا أولاد الأنبياء إلّا أولاد البغايا ، وقال في قوله تعالى جلّ ذكره : « لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا » (23) قال : يحيى بن زكريّا لم يكن له سميٌّ قبله ، والحسين بن علي لم يكن له سميٌّ قبله ، وبكت السّماء عليهما أربعين صباحاً ، وكذلك بكت الشّمس عليهما ، وبكاؤها أن تطلع حمراء وتغيب حمراء.

وقيل : أي بكى أهل السّماء وهم الملائكة (24).

292 ـ وعن أبي عبد الله عليه السلام : انّ الحسين بن علي صلوات الله عليهما بكى لقتله السّماء والأرض واحمرّتا ، ولم تبكيا على أحد قطّ (25) إلّا على يحيى بن زكريّا عليهما السلام (26).

293 ـ وعن ابن بابويه ، عن أبيه ، حدّثنا علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن فضّال ، عن أبي جميلة ، عن محمّد بن عليّ الحلبي ، عن أبي عبد الله في قوله تعالى : « فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ » (27) قال : لم تبك السّماء على أحدٍ قبل قتل يحيى بن زكريّا حتّى قتل الحسين عليه السلام فبكت عليه (28).

الهوامش

1. الزيادة من البحار.

2. سورة مريم : (5) ، والصّحيح : فهب لي.

3. اشارة الى قوله تعالى : ( قَالَ آيَتُكَ أَلَّا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إِلَّا رَمْزًا ) سورة آل عمران : (41). ( ثَلَاثَ لَيَالٍ سَوِيًّا ) سورة مريم : (10).

4. بحار الانوار (14 / 180) ، برقم : (18).

5. في ق 1 : بأثمار. وهو الأوفق بقوله : فغذّي.

6. بحار الانوار (14 / 180) ، برقم : (17).

7. بحار الانوار (70 / 388) ، برقم : (54).

8. كذا في جميع النّسخ والبحار. وهو غلط لأنّ رواية ابن هاشم عن هشام بن سالم غير ممكن لاختلاف الطّبقة فبينهما سقط والسّاقط هنا إمّا ابن أبي عمير أو الحسن بن محبوب لكثرة روايته عنهما وكثرة روايتهما عن هشام بن سالم. والشّكّ يلحق المشكوك بالاعم الاغلب.

9. بحار الانوار (14 / 181) ، برقم : (22).

10. هو ثعلبة بن ميمون يروي عنه عبد الله بن محمّد الحجّال ، لا عليّ بن عبد الله بن محمّد الحجّال ، كما في أكثر نسخ القصص. فانّه غلط على ما هو الظّاهر على الممارس.

11. ما بين المعقوفتين من ق 3 فقط.

12. بحار الانوار (14 / 180 ـ 181) ، برقم : (20 و 21).

13. الزّيادة من البحار ، وهو الصّحيح.

14. بحار الانوار (45 / 339) ، برقم : (4) و (14 / 181) ، برقم : (23).

15. في البحار والامالي : أحمد بن صالح عن حسان.

16. بحار الانوار (14 / 165 ـ 166) ، برقم : (4) عن أمالي الصّدوق مع اختلاف في السّند وزيادة في المتن وراجع الامالي المجلس الثّامن ، برقم : (3).

17. بحار الانوار (14 / 182) ، برقم : (24).

18. في البحار : وأقتل بابن بنتك.

19. بحار الانوار (45 / 298) ، برقم : (10) عن مناقب ابن شهر آشوب بأسانيد مختلفة عن ابن عباس وراجع المناقب (4 / 81) وتاريخ بغداد (1 / 142).

20. في البحار : عن أبي جعفر عليه السلام. وهو المناسب لاحاديث جابر.

21. بحار الانوار (27 / 240) ، برقم : (3).

22. في البحار : أزرق ابن بغي وأنّ قاتل علي صلوات الله عليه ابن بغي وكانت مراد تقول : ما نعرف.

23. سورة مريم : (7).

24. بحار الانوار (14 / 182) ، برقم : (25) وأورد صدره الى قوله : أولاد البغايا في الجزء (27 / 240) ، برقم : (4). وفي (42 / 303) ، برقم : (3). وأورد ذيله من قوله تعالى في الجزء (45 / 218) ، برقم : (45).

25. في ق 1 : قبله.

26. بحار الانوار (14 / 183) ، برقم : (26). و (45 / 219) ، برقم : (46).

27. سورة الدخان : (29).

28. بحار الانوار (14 / 183) ، برقم : (27). و (45 / 210) ، برقم : (20).

مقتبس من كتاب : [ قصص الأنبياء ] / الصفحة : 216 ـ 221

 

أضف تعليق

الأنبياء عليهم السلام

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية