الإنسان عبدٌ لله فقط ، فلماذا تقولون عبد الحسين ؟

البريد الإلكتروني طباعة

الإنسان عبدٌ لله فقط ، فلماذا تقولون عبد الحسين ؟

الجواب : للعبوديّة معان مختلفة :

1 ـ العبوديّة في مقابل الالوهيّة : وهي بهذا الاستعمال بمعنى المملوكيّة وهي تشمل جميع عباد الله ، حيث إنّ منشأ مملوكيّة الإنسان هو كون الله تعالى خالقاً ، والإنسان مخلوقاً ، فيكون وصف العبوديّة التي هي رمز المملوكيّة ، لا يضاف إلّا إلى الله تعالى فقط ، فيُقال « عبد الله » لأنّه : ( إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّموَاتِ وَالاَْرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْداً ) (1).

وينقل القرآن عن المسيح عيسى بن مريم عليهما السلام قوله : ( إِنِّي عَبْدُ اللهِ آتَانِي الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيّاً ) (2).

2 ـ العبوديّة الوضعيّة : وهي ناشئة من الانتصار والغلبة في ميدان القتال والحرب ، حيث إنّ الإسلام يقبل هذا النوع من العبوديّة وفقاً لشروط خاصّة مبيّنة في الفقه ، حيث يتمّ اختيار الأشخاص الذين وقعوا أسرى في أيدي المسلمين ، فيرجع أمرهم إلى الحاكم الشرعي الذي يستطيع اختيار أحد الطرق الثلاث في شأنهم :

إمّا إطلاق سراحهم بدون أخذ أيّ غرامة ، أو إطلاق سراحهم مع أخذ غرامة منهم ، أو إبقاءهم أسرى. وفي الصورة الأخيرة يعدّ الشخص الأسير عبداً للمسلمين ، والدليل على ذلك أنّه يوجد في الكتب الفقهيّة باب يسمّى «باب العبيد والإماء ».

ولنأخذ مثالاً على ذلك من القرآن الكريم في قوله تعالى : ( وَأَنكِحُوا الاَْيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ ) (3).

ففي هذه الآية يصف الله تعالى أسرى الحرب بالعبيد والإماء في قوله : ( مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ ) فجاء العبد هنا مضافاً إلى غير الله تعالى.

3 ـ العبوديّة بمعنى الطاعة والعمل بالأوامر : وقد جاء هذا المعنى في الكتب اللّغويّة (4).

لذلك فإنّ معنى أمثال « عبد الرسول » و « عبد الحسين » هي ناظرة إلى المعنى الثالث ، حيث إنّ عبد الرسول وعبد الحسين بمعنى مطيع الرسول ومطيع الحسين ، ولا شكّ أنّ هذه الطاعة للرسول صلّى الله عليه وآله ولأُولي الأمر من بعده هي طاعةٌ واجبة ، وكلّ مسلم مطيع لله والرسول وأُولي الأمر ، قال تعالى : ( أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الاَْمْرِ مِنْكُمْ ) (5).

فانطلاقاً من هذه الآية الكريمة فإنّ القرآن يعتبر النبيّ « مُطاعاً » والمسلمين « مطيعين ». فإذا اتّخذ شخص نفس هذا المعنى في تسمية ولده ، فلن يكون ذلك سبباً لذمّه ، بل سيكون مدعاةً لمدحه والثناء عليه.

ونحنُ نفتخر أنّنا مطيعون لرسول صلّى الله عليه وآله والأئمة من بعده ونعمل بأوامرهم . ومن المؤكّد أنّه لا منافاة بين كون الشخص عبداً لله وعبداً للرسول صلّى الله عليه وآله ; إذ المعنى أنّه عبد لله ومطيعٌ للرسول . ولأنّنا نعلم أنّ العبوديّة لله هي عبوديّة تكوينيّة ناشئة من خالقيّته تعالى ، أمّا العبوديّة للرسول صلّى الله عليه وآله فهي عبوديّة تشريعيّة ناشئة من الأمر الإلهي القاضي بطاعة الرسول ونعته بالمُطاع ، فبين المعنيين فرقٌ كبير  وبون شاسع.


الهوامش

1. مريم : 93.

2. مريم : 30.

3. النور : 32.

4. كتاب لسان العرب والقاموس المحيط ، مادّة ( عبد ).

5. النساء : 59.

 

مقتبس من كتاب الأجوبة الهادية إلى سواء السبيل

 

أضف تعليق

التوحيد

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية