من أسماء وألقاب أمير المؤمنين عليه السلام : « أعلم الأُمّة »

البريد الإلكتروني طباعة

أعلم الأمّة

قال رسول الله صلى الله عليه وآله : أنا مدينة العلم وعلي بابها

جاء في أوصافه عليه السلام أنّه أعلم الأمّة ، وأعلم النّاس بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وأكثر الأمّة علماً ، ووارث علم رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ووارث علم النبيّين ، والبطين من العلم ، والعالم الزاهد ، ومعدن العلم وفوّاره ، ومرشد العلماء ، ومفقّه الفقهاء ، وأعلم القرّاء ، والعالم ، والعلم ، وبحر العلم ، ووعاء الحكمة والحلم ، والعالي علمه على أهل الزمان ، ودقّق في علومه وحقّق ، وأعظمهم علماً وحِلماً وبياناً ، والمحيط بعلمه ، وقد جنيت ثمار النصر من علمه، والتقطت جواهر العلم من قلمه. (1)

وكان أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب عليه السلام هو الحاوي للعلوم بأسرها ، وهو المبين للجّتها والمعدن لها بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فوصل فيها إلى الغاية القصوى وإلى مرتبة لا يمكن لأحد من جميع المخلوقات من الملائكة والبشر الوصول إليها سوى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، وإنّ العلوم الإسلاميّة كلّها قد انتشرت في البلاد الإسلاميّة بواسطة عليّ بن أبي طالب عليه السلام ، وتلامذته من كبار الصّحابة.

وكان عليّ عليه السلام أعلم الأمّة في جميع العلوم ، ويكفي للدّلالة على ذلك مطلقاً حديث « أنا مدينة العلم وعليّ بابها ، وأنا دار الحكمة وعليّ بابها ».

عن الفسويّ ، بإسناده عن مسروق قال : انتهى العلم إلى ثلاثة : عالِم بالمدينة ، وعالِم بالشام ، وعالِم بالعراق : فعالم بالمدينة عليّ بن أبي طالب ، وعالم الكوفة عبد الله بن مسعود ، وعالم الشام أبو الدرداء ، فإذا التَقَوا سأل عالِمُ الشام وعالمُ العراق عالِمَ المدينة ولم يسألهم. (2)

وعن محمّد بن طلحة الشّافعيّ ، قال : نقل القاضي أبو محمّد البغويّ في كتابه الموسوم بالمصابيح أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال : أنا مدينة العلم وعليّ بابها. وقال : لمّا كان العلم أوسع أنواعاً وأبسط فنوناً وأكثر شُعَباً وأغزر فائدة وأعمّ نفعاً من الحكمة خُصّص الأعمّ بالأكبر والأخصّ بالأصغر.

وفي قول النّبيّ صلّى الله عليه وآله ذلك إشارة إلى كون عليّ عليه السلام نازلاً من العلم والحكمة منزلة الباب من المدينة والباب من الدّار ، لكون الباب حافظاً لما هو داخل المدينة وداخل الدّار من تطرّق الضياع والاعتداء والذهاب عليه.

ولأنّ معنى الحديث أنّ عليّاً عليه السلام حافظ للعلم والحكمة ، فلا يتطرّق إليهما ضياع ولا يُخشى عليهما ذهاب ، فوَصَفَ عليّاً بأنّه حافظ للعلم والحكمة.

ويكفي عليّ عليه السلام علوّاً في مقام العلم والفضيلة أن جعله رسول الله صلّى الله عليه وآله حافظاً للعلم والحكمة. (3)

وقال الثعلبيّ بإسناده عن زاذان ، قال : سمعت عليّاً يقول : والذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ، لو ثُنِيَت لي وسادة ، فأُجلست عليها ، لَحكمتُ بين أهل التوراة بتوراتهم ، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم ، وبين أهل الزبور بزبورهم ، وبين أهل الفرقان بفرقانهم. والذي فلق الحبّة وبرأ النّسمة ، ما من رجل من قريش جَرَت عليه المَواسي ، إلّا وأنا أعرَف به يساق إلى جنّة ، أو يقاد إلى نار. فقام رجل فقال : ما آيتك يا أمير المؤمنين الّتي نزلت فيك ؟ قال : ( أَفَمَن كَانَ عَلَىٰ بَيِّنَةٍ مِّن رَّبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِّنْهُ ) (4). وفي هذا القول إشارة إلى علمه عليه السلام بهذه الكتب المنزلة. (5)

وقال عليّ بن عيسى الإربليّ : وأمّا تفصيل العلوم فمنه ابتداؤها وإليه تُنسب. أمّا علم الكلام فالقائم بها الأشاعرة والمعتزلة والشيعة والخوارج ، هؤلاء أشهر فرقهم ، وأئمّة هذه الطوائف إليه عليه السلام يَعتَزُون. أمّا المعتزلة فينسبون أنفسهم إليه ، وأمّا الأشاعرة فإمامهم أبو الحسن كان تلميذاً لأبي عليّ الجُبّائيّ وكان الجبّائيّ نسب إليه. وأمّا الشيعة فانتسابهم إليه ظاهر. وأمّا الخوارج فأكابرهم ورؤساؤهم تلامذة له ، فإذا كان علماء الإسلام وأئمّة علم الأصول ينتسبون إليه ، كفى ذلك دليلاً على غزارة علمه.

وأقصى المطالب في علم الأصول علم التوحيد ، والعلم بالقضاء والقدر ، والعلم بالنبوّة ، والعلم بالمعاد والبعث والآخرة ، وكلامه عليه السلام يشهد بمكانه من هذه العلوم ومعرفته بها وبلوغه فيها ما تعجز عنه الأوائل والأواخر ؛ فمن تدبّر معاني كلامه وعرف مواقعه علم أنّه البحر الذي لا يُساحَل ، والحبر الذي لا يُطاوَل. (6)

وقال : عليه السلام أيضاً : لو شئت لَأوقرتُ من تفسير الفاتحة سبعين بعيراً. (7)

وعن الأصبغ بن نباتة ، قال : لمّا قَدِم عليّ بن أبي طالب الكوفةَ صلّى بالناس أربعين صباحاً يقرأ ( سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى ) فعابه بعض ، فقال : إنّي لَأعرف ناسخه ومنسوخه ، ومحكمه ومتشابهه ، وما حَرفٌ نزل إلّا وأنا أعرف فيمن أُنزل ، وفي أيّ يوم وأيّ موضع أُنزل ، أما تقرؤون : ( إِنَّ هَٰذَا لَفِي الصُّحُفِ الْأُولَىٰ * صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَىٰ ) ، واللهِ هي عندي ، وَرِثتُها من حبيبي رسول الله صلّى الله عليه وآله وإبراهيم وموسى عليهما السلام. واللهِ أنا الذي أنزل فيّ ( وَتَعِيَهَا أُذُنٌ وَاعِيَةٌ ) فإنّا كنّا عند رسول الله صلّى الله عليه وآله فيخبرنا بالوحي فأعِيهِ ويفوتهم ، فإذا خرجنا قالوا : ماذا قال آنفاً ؟! (8)

وقال أيضاً : سَلُوني عن طرق السّماء ، أو قال : سلوني عن كتاب الله ، أو قال : سلوني قبل أن تفقدوني. (9) ولم يكن أحد من الصّحابة يقول : « سلوني » إلّا عليّ ابن أبي طالب. وكان أبو بكر وعمر بن الخطّاب يرجعان إلى رأي عليّ بن أبي طالب عليه السلام ويشاورانه. وكان كلّ الصّحابة مفتقرين إلى علمه. وكان عمر يقول مراراً : أعوذ بالله من معضلة ليس لها أبو الحسن. (10)

وقال القندوزيّ : وفي الدرّ المنظم : إعلم ، أنّ جميع أسرار الكتب السماويّة في القرآن ، وجميع ما في القرآن في الفاتحة ، وجميع ما في الفاتحة في البسملة وجميع ما في البسملة في باء البسملة ، وجميع ما في باء البسملة في النقطة الّتي هي تحت الباء ، قال الإمام عليّ كرّم الله وجهه : أنا النقطة الّتي تحت الباء. (11)

وقال ابن عبّاس ، يشرح لنا عليّ عليه السلام نقطة الباء من « بسم الله الرحمٰن الرحيم » ليلة ، فانفلق عمود الصبح وهو بَعدُ لم يفرغ ، فرايت نفسي في جنبه كالفوّارة في جنب البحر المُثعَنجِر. (12)

وفي حديث عليّ عليه السلام « يَحْمِلها الأخضر المُثْعَنجر » هو أكثر موضع البحر ماء ، والميم زائدتان. ومنه حديث ابن عبّاس « فإذا علمي بالقرآن في علم عليّ عليه السلام كالقرارة في المُثعَنجر » القرارة : الغدير الصغير. (13)

الهوامش

1. مناقب آل أبي طالب 3 / 321 ـ 326 ، 329 ـ 334 ؛ المناقب للخوارزميّ 42.

2. المعرفة والتاريخ ، 1 / 236.

3. مطالب السؤول 98.

4. هود / 17.

5. تفسير الثعلبيّ 5 / 162 ؛ المناقب للخوارزميّ 91 ؛ المناقب لابن المغازليّ 270 ؛ مختصر تاريخ دمشق 17 / 378 ؛ الرياض النضرة 2 / 196 ؛ فرائد السمطين 1 /؛ كفاية الطالب 180 ؛ شواهد التنزيل 1 / 366 ؛ تذكرة الخواصّ 16 ؛ مطالب السؤول 111 ؛ حلية الأولياء 1 / 67 ؛ تهذيب التهذيب 7 / 337 ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 6 / 136.

6. كشف الغمّة 1 / 175.

7. تذكرة الخواصّ 4.

8. بصائر الدرجات 3 / 135 ، باب 10 رقم 3.

9. مطالب السؤول 111 ؛ ذخائر العقبى 83 ؛ الصواعق المحرقة 127 ، 128 ؛ غرر الحكم 403 ؛ نهج الإيمان 271 ؛ المناقب للخوارزميّ 94 ؛ نهج البلاغة ، الخطبة 189 ؛ فرائد السمطين 1 / 340 رقم 263.

10. المنتظم 5 / 68 ؛ كفاية الطالب 189.

11. ينابيع المودّة 1 / 213.

12. نفس المصدر 1 / 216.

13. النهاية 1 / 216 ، 212.

مقتبس من كتاب : أسماء وألقاب أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام / الصفحة : 48 ـ 52

 

أضف تعليق

الإمام علي عليه السلام

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية