أقوال الباحثين في فارسية التشيع

البريد الإلكتروني طباعة


 

المصدر : هويّة التشيّع ، تأليف : الشيخ أحمد الوائلي ، ص 62 ـ 71
 

________________________________________ الصفحة 62  ________________________________________

الفصل الثاني
 

أقوال الباحثين في فارسية التشيع

     إنّ نسبة التشيع الى الفارسية نشأت في عصور متأخرة ولأسباب وظروف سياسية خاصة أهمها: أنّ

الفرس لما كانوا ولأسباب سنشرحها غير مرغوبين من قبل العرب ولما كان الشيعة فئة معارضة للحكم

طيلة العهود الثلاثة الصدر الأول والأموي والعباسي، وكوجه من وجوه محاصرة التشيع أرادوا رمي التشيع

بما هو مكروه عند العرب وهذه الدعوى هي واحدة من مجموعة دعاوى سترد علينا ولا تتعدى هذا الهدف

بل هي جزء من المخطط. أما الأسباب التي أدت إلى النفرة بين القوميتين العربية والفارسية فهي:

     1 ـ أنّ الفرس ما كانوا يفرقون بين الإِسلام والعروبة وحيث أنّ الإِسلام قضى على دولتهم واجتاحهم

فإنّهم بعد إسلامهم كانوا ينزعون لا سترداد مجدهم باُسلوبين أحدهما سليم إيجابي والآخر سلبي حتى

إذا جاء دور الأمويين استعان الحكام بهم لتنظيم شؤون الدولة نظراً لخلفيتهم الحضارية وللإِستعانة بهم

أحياناً لدعم جناح مقابل جناح، ولا ستيلاء جماعة منهم على مناصب هامة في العهدين مما مكنهم من فرض

نفوذهم كل ذلك أدى إلى احتكاك شديد بين العرب والفرس، إذ رأى العرب أنهم حملة الإِسلام والسبب

في هداية الاُمم وهم العمد الذي قام الإِسلام عليه فلماذا يزاحمهم غيرهم، ويقدم عليهم ويلمع نجمه

ويحتل مناصب كبيرة، ورأى الفرس أنّهم أبناء حضارة عريقة وأنّهم أكثر علماً ودراية بسياسة العرب وإدارة

شؤون الحكم فلماذا يقدم عليهم من لا يملك هذه
 

________________________________________ الصفحة 63  ________________________________________

المؤهلات. فأدّى ذلك كله للإِحتكاك ونجمت عنه ظاهرة الشعوبية وترك خزيناً كبيراً من الحقد في تاريخ

القوميتين كما أدى إلى مواقف سلبية متبادلة.

     2 ـ أنّ فتح الثغرة التي دخل منها الفرس أدى إلى دخول عناصر غير عربية اُخرى مثل الترك وغيرهم

ممّا كان له بعد ذلك آثاره السلبية الفظيعة وقد عصب كسر النطاق هذا بالفرس لأنّهم أول من فتح هذا

الباب وأدى إلى تدمير الخلافة بعد ذلك.

    3 ـ لعب الإِستعمار دوراً بارزاً فيما خلقه من النفخ بالأبواق التي يحسن صنعها وذلك لتحقيق مصالحه

عن طريق فتح أمثال هذه الفجوات واختلاف خصائص للجنسين زعم أنّها تصطدم مع بعضها وآراء لا تتلاقى

وتأثر بهذه الآراء فريق من هؤلاء وفريق من هؤلاء ممن عاش على موائد المستشرقين ولم يتفطن إلى

أهدافهم وغرّته الصبغة العلمية الظاهرية في أمثال هذه المزاعم فنسج على منوال هؤلاء وكان صدى لهم

وسلاحاً بأيدي هؤلاء لضرب أبناء دينه ولهدم عقيدته حتى خلقت من ذلك تركة كبيرة تحتاج إلى جهد كبير

لإِزالة هذا التراكم.

     إنّ أسباب الكره استغلت لينتزع منها كما ذكرت سبباً من الأسباب التي تبغض التشيع وتنفر النفوس منه.

ولذلك لا نرى هذه التهمة عند أوائل السنة وأسلافهم فيما قدّموه من قوائم الأسباب التي ينعت بها

التشيع لأنّ أسبابها لم تكن قائمة آنذاك.

     ومن الغريب أنّ الألسن السليطة التي تشتم الشيعة هي ألسنة السنة الفرس كما سيرد ذلك قريباً.

إنّ أصحاب الغرض الأصلي في الضرب على هذا الوتر كثيرون ومن أكثرهم حماساً في ذلك المستشرقون

وتلاميذهم حيث يستهدف المستشرقون مصالح لا تخفى ويضرب تلاميذهم على نفس الطبول ولمختلف

الغايات والأهداف وبالإِضافة إلى من يهتز على هذا الإِيقاع وإليك آراء بعضهم:
 

________________________________________ الصفحة 64  ________________________________________


     1 ـ المستشرق دوزي :

     لقد قرر المستشرق دوزي أنّ أصل المذهب الشيعي نزعة فارسية وذلك لأنّ العرب تدين بالحرية

والفرس تدين بالملك والوراثة ولا يعرفون معنى الإِنتخاب ولما كان النبي صلى الله عليه وآله وسلّم قد

انتقل إلى الرفيق الأعلى ولم يترك ولداً فعليّ أولى بالخلافة من بعده(1).

     2 ـ المستشرق فان فلوتن :

     ذهب هذا المستشرق إلى نفس الرأي في كتابه اسيادة العربية ولكنّه رجح أخذ الشيعة من آراء

اليهود أكثر من أخذهم من رأي الفرس ومبادئهم(2).

     3 ـ المستشرق براون :

     قال إنّه لم تعتنق نظرية الحق الإِلهي بقوة كما اعتنقت في فارس ولمح إلى أخذ الشيعة منهم(3).

     4 ـ المستشرق ولهوزن :

     إنّ هذا المستشرق أشار إلى فارسية قسم كبير من الشيعة ضمناً حيث ذكر أنّ أكثر من نصف سكان

الكوفة من الموالي ولما كان معظمهم شيعة فقسم كبير منهم من الفرس(4).

     5 ـ المستشرق بروكلمان :

     الذي يقول وحزب الشيعة الذي أصبح فيما بعد ملتقى جميع النزعات المناوئة للعرب واليوم لا يزال

ضريح الحسين في كربلا أقدس محجة عند الشيعة وبخاصة الفرس الذين مابرحوا يعتبرون الثواء الأخير في

جواره غاية مايطمعون
 

____________

     (1) تاريخ المذاهب الإِسلامية لأبي زهرة 1/41.

     (2) نفس المصدر السابق والصفحة.

     (3) فجر الإِسلام ص111.

     (4) فجر الإِسلام ص92.
 

 

________________________________________ الصفحة 65  ________________________________________

 

فيه(1). وبالجملة فإنّ مراجعة أي بحث للمستشرقين في هذا الموضوع يظهر منه أنّ كثيراً منهم يذهبون

إلى هذا الرأي ولأسباب لا تخفى.

     وقد ربطوا بفارسية التشيع أثراً آخر يكون بمثابة النتيجة للسبب وذلك الأثر هو أنه لما كان أكثر الفرس

شيعة وكانوا يسمون بالموالي وحيث أنّهم يرون أنّ العرب انتزعوا دولتهم منهم ولما كانت الدولة الأموية

يتجسد فيها المظهر العربي فقد زحف عليها الموالي وأسقطوها وأعلنوا بدلها دولة العباسيين التي

دعمت الفرس والتي زحف معها بالتالي الفكر الشيعي فتغلغل أيام العباسيين، وأنت واجد هذه الأفكار عند

معظم من كتب في العصور الإِسلامية وخصوصاً الكتّاب المصريين ويتلخص من هذه المقتطفة ثلاثة اُمور:

     1 ـ تصوير الزحف الذي جاء من خراسان للقضاء على الدولة الاُموية بأنّه زحف دوافعه قومية وليست

دوافع اجتماعية أو إنسانية وقد اجتمعت فيه أكثر من قومية واحدة وبذلك يطمس الهدف الإِجتماعي الذي

كان من وراء تلك الحملة.

     2 ـ أنّ العنصر الرئيسي في الحملة والفاعل هم الفرس وبذلك تكون الحملة إنتقامية تستهدف إعادة

مجد الفرس الذي قضى عليه العرب، وبذلك يطمس الدور الرئيسي الذي قام به العرب في الحملة وتولوا

فيه القيادة.

     3 ـ أنّ الفكر الشيعي زحف بزحف هؤلاء وانتصر في العهد العباسي؛ إنّ كل هذه الاُمور غير مسلم بها

ولم تقم على واقع بل هي تغطية في محاولة مكشوفة.
 

____________

     (1) تاريخ الشعوب الإِسلامية ص128.
 

 

________________________________________ الصفحة 66  ________________________________________

 

     تعقيب على الأقوال
 

 

     أما الزعم الأول : 

     فيبطله أن القادة الذين قادوا الحملة إنّما قادوها لتخليص الناس من جور الاُمويين وبإمكان أي قارئ أن

يستبين الحقيقة باستقراء أحوال الحكم الاُموي الذي سايره الجور والظلم من أيامه الاُولى حتى سقط أيام

مروان بن محمد آخر حكام الاُمويين ومن الخطأ أن نورد شاهداً أو شاهدين للتدليل على ذلك محاولة إضاح

الظلم والجور فإن كل أيامهم كانت مليئة بالظلم والجور وإنّي لاُحيل القارئ إلى تتبع التاريخ من أيام معاوية

الأول حتى نهاية الدولة وفي كتب كل المسلمين لا الشيعة وحدهم فربما يقال إنّ الشيعة خصوم الاُمويين

وهم يحقدون عليهم وهذه كتب الطبري وابن الأثير وابن كثير وابن خلدون وما شئت فخذ لترى إلى أين

وصلت الحالة حتى بلغ الأمر حداً يوجزه أحد الشعراء بقوله:
 

 

واحربا يا آل حرب منكم * يا آل حرب منكم واحربا
منكم وفيكم وإليكم وبكم * ما لو شرحناه فضحنا الكتبا

 

 

     وأما الزعم الثاني :


     فيبطله أنّ قادة الحملة ووجوهها هم العرب وقد أفاض في ذلك الجاحظ برسالته المسماة مناقب

الأتراك، وقد ذكر من قادة الحملة، قحطبة بن شبيب الطائي، وسليمان بن كثير الخزاعي، ومالك بن الهيثم

الخزاعي، وخالد بن إبراهيم الذهلي، ولاهز بن طريف المزني، وموسى بن كعب المزني، والقاسم ابن

مجاشع المزني، كما نص المؤرخون على أسماء القبائل العربية التي كانت مقيمة في خراسان والتي

كونت الزحف في معظمه وهم خزاعة وتميم، وطي، وربيعة، ومزينة وغيرها من القبائل العربية وللتوسع

في معرفة أسماء القادة والقبائل العربية التي جاءت في الحملة للقضاء على الحكم الاُموي يراجع كتاب

ابن الفوطي مؤرخ العراق لمحمد رضا الشبيبي فقد توسع في إيراد النصوص التاريخية من
 

 

________________________________________ الصفحة 67  ________________________________________

 

اُمهات الكتب وشرح أهداف الحملة ونوعية الجيش والأقطاب الذين اشتركوا بالحملة وبالجملة بكل

ملابسات الموضوع (1).

     والشق الثاني الوارد في الزعم وهو أن العناصر غير العربية أرادت الإِنتقام لأنّها كانت محرومة من

الإِشراك بالمناصب فهو بالجملة غير صحيح لأنّ كثيراً من العناصر الأجنبية والموالي شغلوا مناصب كبيرة

في العهد الأموي على امتداد هذا العهد ولم يكن وضعهم أيام العباسيين يختلف كثيراً عن وضعهم أيام

الاُمويين وقد أشار لذلك الدكتور أحمد أمين بقوله: فسلطة العنصر الفارسي كانت تنمو في الحكم الاُموي

وعلى الأخص في آخر ولو لم يتح لها فرصة الدولة العباسية لاُتيحت فرص اُخرى مختلفة الأشكال (2).

لقد تولى جماعة من غير العرب مناصب هامة ومنهم سرجون بن منصور كان مستشاراً لمعاوية ورئيس

ديوان الرسائل ورئيس ديوان الخراج، ومرداس مولى زياد كان رئيس ديوان الرسائل، وزاذا نفروخ كان

رئيس خراج العراق، ومحمد بن يزيد مولى الأنصار كان والياً على مصر من قبل عمر بن عبدالعزيز، ويزيد بن

مسلم مولى ثقيف كان والياً على مصر، وكان منه القضاة والولاة ورؤساء دواوين الخراج وقد تغلغلوا في

أبعاد الدولة وشعبها بصورة واسعة(3).

     هذا من ناحية ومن ناحية اُخرى إنّ وضع العرب لم يكن يستأثر باهتمام الاُمويين إلا بمقدار ما يحقق

مصالح الاُمويين أنفسهم فإذا اقتضت مصالحهم أن يضربوا العرب بعضهم ببعض فعلوا كما حدث ذلك أكثر

من مرة في حكم الاُمويين فراجع(4). وقد تعرض الدكتور أحمد أمين إلى ذلك وشرحه مفصلاً وبينّ كيف

كان العرب يضرب بعضهم بعضاً إذا اقتضى الأمر ذلك فراجع(5).
 

 

____________

     (1) مؤرخ العراق ابن الفوطي 1/36 و37.

     (2) ضحى الإِسلام ج ص3.

     (3) راجع الإِمام الصادق لأسد حيدر 1/344.

     (4) مروج الذهب ج2.

     (5) ضحى الإِسلام 1/20.

 


________________________________________ الصفحة 68  ________________________________________

 


     وأما الزعم الثالث :

     وهو انتشار الفكر الشيعي عن طريق الموالي وتعاظم نفوذهم وامتداده تبعاً لذلك فيكذبه أنّ هذا

المضمون بجملته غير صحيح فقد نكب الفرس أيام العباسيين وضرب نفوذهم أكثر من مرة، ومن أمثلة ذلك

القضاء على أبي مسلم وأتباعه أيام المنصور والقضاء على البرامكة أيام الرشيد، والقضاء على آل سهل

أيام المأمون وهكذا، يبقى أنّ الموالي لمعوا في ميادين اُخرى فذلك صحيح بالجملة، وتصور نفوذ الفرس

إنما هو من أيام السفاح حتى أيام المأمون وهي كما ترى لا تثبت للفرس والموالي نفوذاً خارج دائرة

العباسيين وإنّما ضمن دائرتهم بحيث يستطيعون احتواءهم في أي وقت. أما الفترة التي تبدأ من عصر

المتوكل حتى نهاية الحكم العباسي فإنّ الحكم العباسي ضعف نفوذه حتى انقض عليه حكام الأطراف. ولا

يعني ذلك استشراء نفوذ الفرس فقط بل هو شأن الكيان الضعيف الذي ينهشه كل طامع. إنّ العوامل التي

أدت إلى ضعف الحكم العباسي أشبعها الباحثون بالتفصيل.

إنّ التصوير نفوذ الفرس بالشكل الذي أورده بعضهم ونفوذ الموالي مبالغ فيه غاية المبالغة فإذا كانت

الشعوبية قد وجدت أيام العباسيين فإنّها امتداد لنزعة الشعوبية منذ أيام الأمويين وإذا كان للفرس نفوذ

فلم يصل إلى الحد الذي ينتزع نفوذ العرب، بل كان ذلك النفوذ ملحوضاً من قبل الدولة ومسموحاً به

لأهداف كثيرة استهدفها العباسيون من السماح بذلك ـ.

     يقول فلهوزن عن نفوذ الفرس في العصر العباسي: أما أنّ النفوذ الفارسي كان هو الراجح فهو أمر غير

مؤكد(1).

     أما الشق الثاني من هذا الزعم وهو تنفس التشيع أيام العباسيين فهو غير صحيح بل العكس هو

الصحيح فإنّ العباسيين أولعوا بدم الشيعة وأئمتهم
 

 

____________

     (1) الزندقة والشعوبية لسميرة الليثي ص81.
 

 

________________________________________ الصفحة 69  ________________________________________

 

وتعرض التشيع في مختلف أدوارهم إلى محن وخطوب مروّعة عدى فترات بسيطة مرت مرور الغمام كما

هو الحال في فترة البويهيين وبالجملة إنّ كتب التاريخ قد حفظت لنا صوراً مروعة من تعرض الشيعة للإبادة

أيام العباسيين وبوسع القارئ الرجوع إلى أي كتاب من كتب التاريخ الرئيسية ليرى ذلك واضحاً.

     وبعد هذا التعقيب البسيط على هذه المزاعم: أعود إلى تلاميذ المستشرقين الذين نسجوا على منوال

أساتذتهم فقلدوهم في هذا الزعم وهو فارسية التشيع ومنهم:

     1 ـ الدكتور أحمد أمين :

     يذهب الدكتور أحمد أمين إلى استيلاء الفكر الفارسي على التشيع برغم قدم التشيع على دخول

الفرس فيه وذلك لأنّ أكثر الشيعة فرس ـ على زعمه ـ فغلبت نزعاتهم على التشيع وصبغته بالفارسية

ولنستمع إلى قوله حرفياً:

     (والذي أرى كما يدلنا التاريخ أنّ التشيع لعليٍّ بدأ قبل دخول الفرس في الإِسلام ولكن بمعنى ساذج

ولكنّ هذا التشيع أخذ صبغة جديدة بدخول العناصر الاُخرى في الإِسلام وحيث أنّ أكبر عنصر دخل الإِسلام

الفرس فلهم أكبر الأثر بالتشيع(1).

     ويقول في مورد آخر : فنظرة الشيعة في عليٍّ وأبنائه هي نظرة آبائهم الأولين من الملوك

الساسانيين، وثنوية الفرس كانوا منبعاً يستقي منه الرافضة في الإِسلام فحرك ذلك المعتزلة لدفع حجج

الرافضة(2).

     إنّي أطلب من القارئ هنا التأمل في هذه اللهجة الحادة التي يفح منها الشرر والنار حتى يعرف مدى

موضوعية أحمد أمين ونظرائه، وقد دأب أحمد أمين على اجترار هذه الفكرة وترتيب الآثار عليها كما يظهر

ذلك واضحاً في كل
 

 

____________

     (1) فجر الإِسلام ص276.

     (2) فجر الإِسلام ص111.
 

 

________________________________________ الصفحة 70  ________________________________________

 

مؤلفاته، إنّ التركيبة التي تكوّن منها أحمد أمين هي الحقد والكراهية للشيعة، زائداً تقليد المستشرقين

فيما يقولونه عنهم.

     2 ـ محمد أبو زهرة :

     يذهب الشيخ محمد أبو زهرة إلى نفس رأي أحمد أمين ويضيف له: إنّ أكثر الشيعة الأوائل فرس

ولنستمع إلى ما يقوله في هذا الموضوع وهو يستعرض آراء المستشرقين ويعقب عليها قال: وفي الحق

أنا نعتقد أنّ الشيعة قد تأثروا بالأفكار الفارسية حول الملك ووراثته ويزكي هذا أنّ أكثر أهل فارس إلى

الآن من الشيعة وأنّ الشيعة الأولين كانوا من أهل فارس(1) ورحم الله أبا الطيّب المتنبي إذ يقول:

 

 

ودهر ناسه ناس صغار * وإن كانت لهم جثث ضخام

 

     وأبو زهرة مورد انطباق هذا البيت، إنّه يقول إنّ الشيعة الأولين كانوا من أهل فارس وأنا أطلب من كل

قارئ أن يستخرج لي من الشيعة الأولين خمسة من الفرس وأنا متأكد سلفاً أنّهم لا يجدون هذا العدد،

فهل تبقى بعد ذلك قيمة لأقوال مثل أبي زهرة وكم لأبي زهرة من أقوال لا تعرف التحقيق وعلى كل حال

لقد لقي الرجل ربه وأسأل الله تعالى له العفو.

     3 ـ أحمد عطية الله:

     وهذا الرجل ممن نسج على منوال المستشرقين بنسبة التشيع للفارسية فهو يرى أنّ الأفكار الشيعية

تأثرت بالفارسية عن طريق عبدالله بن سبأ الذي نقل للتشيع أكثر من رافد فكري ومن هذه الروافد:

الفارسية فقد قال بالحرف الواحد:

     وإنّ ابن السوداء انتقل إلى المدينة وبث فيها أقوالاً وآراء منافية لروح الإِسلام نابعة من يهوديته، ومن

معتقدات فارسية كانت شايعة في اليمن وبرز في
 

 

____________

     (1) تاريخ المذاهب الإِسلامية 1/41.
 

 

________________________________________ الصفحة 71  ________________________________________

 

 


صورة الداعية المنتصر لحق الإِمام عليٍّ عليه السلام وادعى أنّ لكل نبي وصياً وأنّ علياً وصي محمد الخ

(1). هذه مجرد عينة من النماذج التي نسجت على منوال المستشرقين، وإنّك لتجد هذه الفكرة عند

المتأخرين من كتاب السنة شائعة يتلقاها الخلف عن السلف ثم يحاول تعميقها وترسيخها بما يملكه هو من

عبقرية وسوف لا أتعجل الرد على الفكرة إلا بعد أن أستوفيها فأذكر لك أقوالهم في تعليل دخول الفرس

للتشيع فإنّ ذلك يكون بمثابة الروح للبحث. إنّ أبرز هذه التعليلات التي ساقوها واعتبروها مبرراً لدخول

الفرس إلى التشيع ثلاثة اُمور:
 

 

____________
(1) القاموس الإِسلامي 3/222.

 

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية