ما قاله الإمام الصادق عليه السلام لأبي بصير حول الشيعة
أبو بصير ، قال : دخلت على أبي عبد الله جعفر بن محمّد عليه السلام ، وقد كبر سنّي وذهب بصري وقرب أجلي ، مع أنّي لست أدري ما أرد عليه.
فقال : وإنّك لتقول هذا يا أبا محمد ، أما علمت أن الله يكرم الشباب منكم ويجلّ الشيخ.
قلت : هذا لنا يا ابن رسول الله ؟
فقال : نعم ، وأكثر منه.
قلت : زدني يا ابن رسول الله.
قال : أما سمعت قول الله تعالى : ( رِجالٌ صَدَقُوا ما عاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ ) (1) أما أنه إيّاكم عنى [ إذ ] وفيتم بما أخذ عليكم من عهدنا ولم تستبدلوا بنا غيرنا ، هل سررتك يا أبا محمّد ؟
قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.
قال : رفض الناس الخير ورفضتم الشرّ ، وافترقوا على فرق وتشعّبوا على شعب ، وتشعّبتم مع أهل بيت نبيّكم ، فابشروا ثمّ ابشروا ، فأنتم والله المرحومون المتقبل من محسنكم المتجاوز عن مسيئكم ، من لم يكن على ما أنتم عليه لم يتقبّل منه حسنة ، ولا يتجاوز له سيّئة ، هل سررتك يا أبا محمّد ؟
قلت : بلى زدني ، جعلت فداك.
قال : فان الله تعالى وكلّ ملائكة من ملائكته يسقطون الذنوب عن شيعتنا كما يسقط الورق عن الشجر أو ان سقوطه ، وذلك قوله :
( الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ ) (2) فاستغفار الملائكة والله لكم دون هذا الخلق كلّهم ، هل سررتك يا أبا محمّد ؟
قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.
فقال : ذكركم الله تعالى في قوله : ( وَقالُوا ما لَنا لا نَرى رِجالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِنَ الْأَشْرارِ. أَتَّخَذْناهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصارُ ) (3) فأنتم والله في الجنّة تحبرون وفي النار تطلبون ، هل سررتك يا أبا محمّد ؟
قلت : نعم جعلت فداك ، [ فزدني ].
قال : ذكركم الله تعالى في كتابه ، فقال : ( يَوْمَ لا يُغْنِي مَوْلًى عَنْ مَوْلًى شَيْئاً وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ إِلاَّ مَنْ رَحِمَ اللهُ ) (4) والله ما استثنى أحدا غير علي وأهل بيته وشيعته.
ولقد ذكركم الله في موضع آخر من كتابه ، فقال : « اولئك ( مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً ) (5) فرسول الله صلّى الله عليه وآله في هذا الموضع من النبيّين ونحن الصدّيقون والشهداء ، وأنتم الصالحون ، هل سررتك يا أبا محمّد ؟
قلت : نعم جعلت فداك ، فزدني.
قال : قد ذكركم الله تعالى في كتابه ، فقال : ( يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً ) (6) والله ما عنى غيركم ، هل سررتك يا أبا محمّد ؟
قلت : نعم جعلك فداك ، فزدني.
قال : ذكركم الله تعالى في كتابه : ( هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ ) (7) ، فأنتم والله اولو الألباب ، هل سررتك يا أبا محمّد ؟
قلت : نعم ، فزدني جعلت فداك.
قال : قال الله تعالى : ( إِنَّ عِبادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطانٌ ) (8) أنتم عباده الذين عنى بذلك ، هل سررتك يا أبا محمّد ؟
[ قلت ] (9) : نعم ، فزدني جعلت فداك.
قال : كلّ آية في كتاب الله تسوق إلى الجنّة وتذكر الخير فهي فينا ، وكلّ آية تحذر الناس وتذكر أهلها فهي في عدوّنا ومن خالفنا.
ثمّ سمع الناس يعجون يومئذ بالأبطح ، فقال عليه السلام : ما أكثر العجيج وأقلّ الحجيج ، والله ما يقبل إلّا منك ومن أصحابك يا أبا محمّد ... الحديث.
الهوامش
1. الأحزاب : ٢٣.
2. غافر : ٧.
3. ص : ٦٢ و ٦٣.
4. الدخان : ٤١ و ٤٢.
5. النساء : ٦٩.
6. الزمر : ٥٣.
7. الزمر : ٩.
8. الحجر : ٤٢.
9. وفي الأصل : قال.
مقتبس من كتاب : [ شرح الأخبار في فضائل الأئمّة الأطهار ] / المجلّد : 3 / الصفحة : 464 ـ 467