كيف يتمكن إقناع أهل السنّة بحدوث قضيّة فدك ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

إذا أردنا أن نبرهن للسُنّة حقيقة ما جرى لآل بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ـ ولنأخذ على سبيل المثال قضيّة فدك ـ كيف يمكننا إقناعهم بحدوثها وإعطائهم الأدلّة من كتبهم ـ لأنّهم لا يصدّقون ما ستقوله من أحاديث وبراهين إذا كانت معتبرة لدينا وليست كذلك عندهم ـ ؟

الجواب :

إنّ الأدلّة على ما يقوله الشيعة الإماميّة لا ينحصر بما ذكرته كتبهم ، حيث إنّ مصادر التشريع الإسلامي ومصادر التاريخ الإسلامي كلّها تذكر ما يدّعيه الإماميّة من وقائع وحوادث وعقائد نصّت عليها الآثار الإسلاميّة ، كما هو واضح.

وحتّى قضيّة فدك ؛ فقد ذكرت كتب التاريخ التابعة لأهل التسنّن إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قد منحها إلى فاطمة الزهراء حسب الوحي الإلهي (1) ، ولكن الخليفة الأوّل قد أخذها من السيّدة فاطمة حيث كان عمّال السيّدة فاطمة يعملون فيها (2). وما أدل على أنّها منحة من وجودها بيد فاطمة وكان عمّال فاطمة يعملون فيها ، فإن أراد الخليفة أن يأخذها فلا بدّ أن يأتي ببيّنة على أنّها للمسلمين ؛ لأنّها كانت في يد فاطمة ، واليد علامة الملكيّة (3) ، وحينئذ ادعاء أبي بكر لكونها للمسلمين يستوجب أن يأتي ببيّنة على ما يدّعيه ، ولكن عمل الخليفة الأوّل خلاف القاعدة وطلب من السيّدة فاطمة البيّنة مع أنّ فدك كانت بيدها ، واليد علامة الملكيّة. (4)

ثمّ جاءت فاطمة ببيّنة من علي والحسن والحسين وأم أيمن ، وقد ردّها الخليفة الأوّل بقوله : إنّهم يجرون النار إلى قرصهم ، وردّ شهادة أم أيمن بكونها أمرأة أعجمية. (5)

وقد فاته قول رسول الله صلّى الله عليه وآله : عليّ مع الحقّ والحقّ مع علي ؛ يميل مع الحقّ كيف ما مال. (6)

وفاته قول رسول الله : الحَسَنُ والحُسَيْنُ سَيِّدا شَبَابِ أَهْلِ الَجنَّةِ. (7)

فمن كان مع الحقّ وكان سيّد شباب الجنّة ، لا يكذب في شهادته ، « ولا يجرّ النار إلى قرصه ».

وقد فاته انّ شهادة العادل تُقبل ولو كان أعجمياً أو هندياً.

كل هذا موجود في الكتب التي تعرضت لأخذ أبي بكر فدكاً من السيّدة فاطمة ، وليس مقتصراً على كتب الشيعة الإماميّة ؛ فراجع كتب القوم تجد الشواهد على ما ذكره الاماميّة.

الهوامش

1. راجع :

كنز العمال « للمتقي الهندي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 767 / الناشر : مؤسسة الرسالة.

شواهد التنزيل « للحاكم الحسكاني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 438 / الناشر : مؤسسة الطبع والنشر التابعة لوزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي / الطبعة : 1.

ينابيع المودّة « للقندوزي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 138 / الناشر : دار الأسوة / الطبعة : 1.

2. راجع :

الكافي « للشيخ الكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 543 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 5.

الإحتجاج « للشيخ الطبرسي » / المجلّد : 1 / الصفحة : 119 ـ 120 / الناشر : دار النعمان للطباعة والنشر.

3. راجع :

فقه الحنفي : المبسوط « للسرخسي » / المجلّد : 17 / الصفحة : 50 / الناشر : دار المعرفة للطباعة والنشر والتوزيع.

فقه الحنبلي : المغني « لابن قدامة » / المجلّد : 12 / الصفحة : 207 / الناشر : دار الكتاب العربي للنشر والتوزيع.

فقه الشافعي : المهذب « للشيرازي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 413 / الناشر : دار الكتب العلميّة.

فقه المالكي : المدوّنة الكبرى « للمالك » / المجلّد : 5 / الصفحة : 187 / الناشر : دار إحياء التراث العربي.

4. راجع :

علل الشرائع « للشيخ الصدوق » / المجلّد : 1 / الصفحة : 190 ـ 191 / الناشر : منشورات المكتبة الحيدرية.

وسائل الشيعة « للشيخ الحر العاملي » / المجلّد : 18 / الصفحة : 215 / الناشر : دار إحياء التراث العربي.

بحار الأنوار « للشيخ المجلسي » / المجلّد : 29 / الصفحة : 124 ـ 125 / الناشر : مؤسسة الوفاء.

5. راجع :

فتوح البلدان « للبلاذري » / المجلّد : 1 / الصفحة : 35 / الناشر : مكتبة النهضة المصرية.

المواقف « للإيجي » / المجلّد : 3 / الصفحة : 608 / الناشر : دار الجيل / الطبعة : 1.

6. الإحتجاج « للشيخ الطبرسي / المجلّد : 1 / الصفحة : 97 / الناشر : دار النعمان للطباعة والنشر.

راجع :

الكافي « للشيخ الكليني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 294 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 5.

الخصال « للشيخ الصدوق » / الصفحة : 559 / الناشر : مؤسسة النشر الإسلامي.

المستصفى « للغزالي » / الصفحة : 170 / الناشر : دار الكتب العلميّة.

تاريخ مدينة دمشق « لابن عساكر » / المجلّد : 42 / الصفحة : 449 / الناشر : دار الفكر.

مسند أبي يعلى « لأبي يعلى الموصلي » / المجلّد : 2 / الصفحة : 318 / الناشر : دار المأمون للتراث / الطبعة : 2.

المحاسن والمساوئ « للبيهقي » / الصفحة : 37 / الناشر : دار الكتب العلميّة / الطبعة : 1.

7. مسند أحمد بن حنبل / المجلّد : 17 / الصفحة : 31 / الناشر : مؤسسة الرسالة / الطبعة : 1.

راجع :

المصنف « لابن أبي شعبة » / المجلّد : 7 / الصفحة : 512 / الناشر : دار الفكر / الطبعة : 1.

سنن ابن ماجه « للقزويني » / المجلّد : 1 / الصفحة : 44 / الناشر : دار الفكر.

أنساب الأشراف « للبلاذري » / المجلّد : 3 / الصفحة : 7 / الناشر : دار التعارف للمطبوعات / الطبعة : 1.

 
 

التعليقات   

 
-1 # احمد شعبان 2015-07-25 22:56
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقرأ اخى الحديث الشريف الذى رواه عمر وطلحة والعباس وعلي رضي الله عنهم اجمعين لقول رسول الله صلي الله عليه وسلم "لا نورث ما تركناه فهو صدقة "
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+2 # السيد جعفر علم الهدى 2015-10-30 20:35
أولاً : هذا الحديث لم ينقله إلّا أبوبكر نفسه وهو متّهم في هذه القضيّة.
ثانياً : هذا الحديث يناقض القرآن الكريم حيث ان قوله : « نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة » يخالف الآيات القرآنيّة الدالّة على انّ الأنبياء ورّثوا المال لأولادهم وذراريهم. قال تعالى على لسان زكريّا : ( وَإِنِّي خِفْتُ الْمَوَالِيَ مِن وَرَائِي وَكَانَتِ امْرَأَتِي عَاقِرًا فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) [ مريم : 5 ـ 6 ] ، والإرث في الآية بمعنى إرث المال لأنّه هو الذي ينتقل حقيقة من الموروث إلى الوارث. وامّا العلم والنبوّة فلا ينتقلان انتقالاً حقيقياً ، فالعلم ينتقل بالتعليم لا بالإرث والنبوة منصب إلهي يعطيها الله تعالى لمن هو أهل لها ، وهل كان زكريا يخاف أن يؤتى الله تعالى النبوّة لأهلها حتّى إذا لم يكن من أولاده ؟! مضافاً إلى أنّه لو كان يطلب من الله ولداً وإرثاً للنبوّة فلا معنى لقوله بعد ذلك : ( وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا ) لإستغنائه عن ذلك بقوله : ( فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا * يَرِثُنِي ) ، لأنّ وارث النبوة رضي قطعاً ولا حاجة إلى أن يقول واجعله ربّ رضيّاً ، نعم وارث المال أعمّ ولذا قال واجعله ربّ رضيّا.
ثالثاً : هل من المعقول أن يسرّ النبي بحديث إلى أبي بكر وحده ويخفيه عن أهل بيته وخصوصاً عن فاطمة الزهراء عليها السلام التي هي الوارثة وسوف تدعي الإرث ، فلماذا لم يقل لها رسول الله صلّى الله عليه وآله انّه ليس لها حقّ في تركته لأنّ الأنبياء لا يورثون المال ؟ وهل تحتمل انّ فاطمة كانت تعلم بذلك ومعذلك طالبت بالإرث ؟ وهي الطاهرة المعصومة بنصّ القرآن الكريم ؟
رابعاً : لم تكن فدك من تركة رسول الله صلّى الله عليه وآله وانّما كانت ملكاً خاصاً للزهراء عليها السلام وقد أعطاها رسول الله صلّى الله عليه وآله فدك حينما أمره الله بذلك بقوله تعالى : ( وَآتِ ذَا الْقُرْبَىٰ حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ ) [ الاسراء : 26 ] ، وكانت فدك بيد الزهراء وعمّالها حينما توفى رسول الله صلّى الله عليه وآله فأخذها أبوبكر منها عنوة وأخرج عمّالها ، وموقف الخليفة كان متناقضاً حيث أنّه أخذ فدك من يد فاطمة عليه السلام بعنوان أنّه فيء كان للمسلمين قاطبة وانّه لم يكن لفاطمة ولا لرسول الله صلّى الله عليه وآله ، ولكنّه لا يصير إرثاً للحديث الذي اخترعه « نحن معاشر الأنبياء لا نورث ما تركناه صدقة ». والعجيب أنّ عائشة صدّقته في ذلك لكنّها حينما جاء الحسين عليه السلام بجنازة أخيه الحسن عليه السلام ليجدّد العهد برسول الله صلّى الله عليه وآله ركبت البغلة ثم ّ جمعت العصابة من بني اُميّة وقالت : « لا تدخلوا بيتي من لا احبّ » ، وكيف صار بيتها إذا لم تكن تدعى الإرث من رسول الله صلّى الله عليه وآله ، ولذا قال ابن عبّاس :
لك التسع من الثمن * وبالكلّ تصرّفت
تجمّلت تبغّلت * و إن عشت تفيّلت
ثمّ دفنوا أبا بكر وعمر في بيت رسول الله صلّى الله عليه وآله من حصّة عائشة وحفصة من الإرث ، مع أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله بزعمهم لا يورّث ولو كان ما تركه رسول الله صلّى الله عليه وآله للمسلمين قاطبة ، فلماذا تصرّفوا في ملك المسلمين بدون رضاهم ؟ وهل يعقل رضا جميع المسلمين بذلك ؟
خامساً : أبوبكر لم يكن متأكّداً من صحّة حديثه « إنّا لا نورث ما تركناه فهو صدقة » لعدّة نقاط :
1 ـ تدلّ الروايات على انّه سلّم فدك لفاطمة وكاد الأمر أن يتمّ لولا ان دخل عمر وقال له : « ما هذا ؟ فقال : كتاب لفاطمة بميراثها من أبيها. فقال : ماذا تنفق على المسلمين وقدحا رتبك العرب كما ترى ، ثمّ أخذ الكتاب فشقّه » [ شرح نهج البلاغة 16 / 234 ].
2 ـ أظهر أبوبكر ندمه عند وفاته على عدم تسليم فدك لفاطمة. تاريخ الطبري 2 / 353 ، سمو المعنى في سمو الذات للعلايلي ص 18.
3 ـ أوصى أبو بكر ان يدفن إلى جوار رسول الله صلّى الله عليه وآله ولا يصحّ ذلك إلّا إذا عدل عن اعتبار روايته لأنّه استأذن ابنته أن يدفن فيما ورثته من أرض الحجرة ، ولو كان يرى ان تركة النبي صدقة مشتركة بين المسلمين عامة للزم أن يستأذن منهم وهب أن البالغين أجازوا فكيف بالأطفال والأيتام.
4 ـ أبو بكر لم ينتزع من نساء النبي وزوجاته بيوتهنّ ومساكنهنّ التي كنّ يسكنّ فيها في حياة رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فما هو سبب التفريق الذي انتج انتزاع فدك من الزهراء وابقاء بيوت نساء النبي صلّى الله عليه وآله لهنّ يتصرّفن فيها كما يتصرّف المالك في ماله حتّى تستأذن عائشة في الدفن في حجرتها ؟!!
ثمّ انّ هذه البيوت كانت للنبي صلّى الله عليه وآله قطعا لقوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ ) [ الأحزاب : 53 ] ، مضافاً إلى قوله صلّى الله عليه وآله : « انّ ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة ».
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

فاطمة الزهراء عليها السلام

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية