السؤال :
هل كان النبي صلّى الله عليه وسلّم يقول عندما يؤذّن « أشهد أنّ علي ولي الله » ؟
الجواب :
اوّلاً : ليس أشهد انّ علياً وليّ الله جزءً من الأذان والإقامة بل هو مستحب مطلقاً بعد ذكر الشهادتين ، ومن يذكره في الأذان والإقامة انّما يذكره بعنوان انّه مستحب مؤكّد لا بعنوان أنّه جزء الأذان ، كما نصلّي على النبيّ وآله حينما نقول « أشهد أنّ محمّداً رسول الله » حيث انّه يستحبّ الصلاة على رسول الله صلّى الله عليه وآله متى ما ذكر حتّى في الأذان والإقامة إذ ليس الأذان والإقامة مثل الصلاة ممّا لا يجوز فيه زيادة شيء آخر من الكلام الآدمي.
ثانياً : هل كان النبي صلّى الله عليه وآله يقول في أذان الفجر « الصلاة خير من النوم » أم أنّ عمر بن الخطاب هو الذي أضافه على الأذان ؟
ثالثاً : الأحكام الشرعيّة كانت تدريجيّة ولم تشرّع دفعةً ، فلعلّ أشهد انّ عليّاً وليّ الله انّما شرع في الأذان بعد واقعة الغدير حيث قال رسول الله صلّى الله عليه وآله : « من كنت مولاه فعليّ مولاه » ولم يشرع قبله إذ لم ينصب النبي صلّى الله عليه وآله عليّاً للولاية والإمامة قبل يوم الغدير على رؤوس الاشهاد ، وانّما كان يذكر ذلك في مواطن ومواضع خاصّة.
ويشهد لذلك انّه روى في كتاب « السلافة في أخبار الخلافة » انّ سلمان ـ وهو الصحابي الجليل ـ قال في أذانه بعد واقعة الغدير « أشهد أنّ عليّاً وليّ الله » ، فشكاه بعض الصحابة إلى النبي صلّى الله عليه وآله ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله : « سمعتم خيراً » ، ولعلّ النبيّ صلّى الله عليه وآله كان يقول ذلك في الأذان والإقامة لكن يد الخيانة والحقد والتعصّب أخفى ذلك.
رابعاً : لعلّ النبي صلّى الله عليه وآله كان يرى مانعاً من الاجهار بقوله « أشهد انّ عليّاً وليّ الله » في الأذان والإقامة لأنّ القوم كانوا حديث عهد بالإسلام وكانت لديهم أحقاد بدريّة واُحديّة وحنينيّة تجاه أمير المؤمنين علي عليه السلام ، حيث قتل آباءهم وأبناءهم وإخوانهم وأبناء عشيرتهم في الحروب دفاعاً عن النبي الأعظم صلّى الله عليه وآله والإسلام ، وكان النبي صلّى الله عليه وآله يخشى من ارتداد القوم أو اقدامه على قتله وقتل علي عليه السلام كما حصل ذلك في العقبة بعد أن نصب عليّاً عليه السلام للإمامة والولاية فأرادوا قتل النبي صلّى الله عليه وآله ونفروا جملة في العقبة.


التعليقات
من كنت مولاه !!
فهذا علي مولاه !!
لم يقل ولي بل قال مولى
الولي من الولاية
المولى من التقرب والمحبة
كيف انتقل علي من ولي الرسول والناس الى ولي الله في الحديث ؟؟؟؟؟
أوّلاً : المولى من الألفاظ المشتركة الكثيرة المعاني ، يطلق على : الناصر ، المحبّ ، المعتِق ، المعتَق ، الجار ، الصاحب ، السيّد ، الأولى بالتصرف. [ لسان العرب ، ج 15 ، ص 408 ] الأصل في الاستعمال يُحدَّد بالسياق . فالنبي صلّی الله علیه وآله وسلّم لم يقل هذه الكلمة في فراغ ، بل في مقامٍ خاص بعد حادثة غدير خم حيث جمع عشرات الآلاف من المسلمين وخطب فيهم في حرّ الظهيرة بعد حجّة الوداع بحيث يضع الرجل بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدّة الرمضاء وأمر النبي صلّی الله علیه وآله وسلّم جميع من كانوا قد مرّوا بغدير أن يرجعوا ، وأمر من لم يصلوا بعد ، أن يحضروا ليشهدوا. [ أبهى المداد ، ج 1 ، ص 659 ]
وعليه ، فإنّ المراد في مثل هذا المقام العظيم ، لا يمكن أن يكون مجرّد المحبّة ، فلو كان النبي صلّی الله علیه وآله وسلّم يقصد المحبّة ، لما كان هناك حاجة لخطبة طويلة ورفع يد الإمام علي علیه السلام أمام الناس. [ السنن الكبرى للنسائي ، ج 5 ، ص 135 ]
ثانياً : النبي صلّی الله علیه وآله وسلّم لم يلقِ كلمة عابرة ، بل قال صلّی الله علیه وآله وسلّم قبلها : « ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ » قالوا : بلى يا رسول الله صلّی الله علیه وآله وسلّم فقال : « فمن كنت مولاه فهذا علي مولاه ». [ تاريخ بغداد ، ج 8 ، ص 284 ]
إذن هو صلّی الله علیه وآله وسلّم بنفسه فسّر معنى المولى بـالأولى بالتصرف ، أي : من كنت أنا أولى به من نفسه ، فعلي أولى به من نفسه. وهذا معنى الولاية لا مجرّد المحبّة.
ثالثاً : أمّا بالنسبة إلى ما سألت عن كيفيّة انتقال عليّ من وليّ الناس إلى وليّ الله فنقول :
أنّ النبي صلّی الله علیه وآله وسلّم لا يتكلّم من عند نفسه : قال الله عزّوجل : ( وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَىٰ * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَىٰ ) [ النجم : 3-4 ] . حين نصّب علياً مولى بعده ، جعله بإذن الله تعالى وليّ المؤمنين ، كما أن ولاية النبي نفسه لم تكن مجرّد محبّة بل ولاية شرعية ودينية : ( النَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ ) [ الأحزاب: 6 ] .
فكما أن النبي صلّی الله علیه وآله وسلّم وليٌّ من الله ، فهو يسلّم هذه الولاية إلى من بعده بأمر الله ، أي علي عليه السلام لذلك ترى أن الله عزوجل قرن ولايته بولاية النبي وولایة الإمام علي علیه السلام الذی وصفه في آیة ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ).
ومن ثمّ قال النبيّ صلّی الله علیه وآله وسلّم : « من كنت مولاه فهذا علي مولاه ، اللهم والِ من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصر من نصره ، واخذل من خذله » [ مجمع الزوائد ، ج 9 ، ص 105 ]. وهذا دعاء واضح بأن هذه الولاية الهيّة وليست مجرّد محبة بشريّة. ولو كان المقصود المحبّة فقط ، فلماذا دعا النبي : « اللهم انصر من نصره واخذل من خذله » ؟ أليست النصرة والخذلان مرتبطة بالقيادة والسلطة لا بالمودّة فقط ؟
رابعاً : كثير من كبار علماء السنّة فسّروا « المولى » في حديث الغدير بمعنى الإمامة والولاية ، لا مجرّد المحبّة. فمنهم الغزالي المقرّ بثبوت حديث الغدير وإجماع الأمّة على لفظه ، وأنّ عمر هنّأ علياً عليه السلام بقوله : « بَخٍ بَخٍ أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة » ، غير أنّ القوم غلبهم الهوى وحبّ الرئاسة فنبذوا ذلك وراء ظهورهم. [ سر العالمین ، ص 483 ]
فمن جميع ما ذُكِر ، ظهر أن النبي صلّی الله علیه وآله وسلّم بلسان الوحي نصب علياً وليّاً على الأمّة بعده ، أيّ الإمام والخليفة الشرعي ، لا مجرّد حبيب أو صديق. فالانتقال من « مولى الناس » إلى « وليّ الله » أمر طبيعي ، لأن ولاية الإمام علي عليه السلام مستمدّة من ولاية الله ورسوله. قال الله عزّوجل : ( إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) [ المائدة: 55 ] ، والمفسرون ـ سنّة وشيعة ـ رووا أنها نزلت في الإمام علي عليه السلام [ الکشاف ، ج 1 ، ص 624 و تفسير الرازي ، ج 12 ، ص 20 و... ].
وليس المراد انّ الله يعصمك من الناس الى يوم وفاتك ، كيف وقد توفّي النبي صلّى الله عليه وآله مسموماً باتّفاق المسلمين ، نعم أهل السنّة يدعون أنّه توفّي لأجل السم الذي دسّته اليه المرأة اليهوديّة في ذراع اهدته اليه فأكله ، فلا منافاة بين هذه الآية وخوف النبي صلّى الله عليه وآله من ان يقتل هو أو علي اذا جهر بأشهد انّ عليّاً ولي الله كلّ يوم في أذانه.
ثانياً : هل تنكر قضيّة « العقبة » التي رواها المحدّثون والمفسّرون حيث انّ المنافقين المندسّين في الصحابة نفروا الجمل الذي كان يركبه النبي صلّى الله عليه وآله ، ولكنّ الله تعالى أخبر بذلك وقد شاهد حذيفة ابن اليمان اولئك الذين أرادوا قتل النبي وعرفهم ، وكان لا يصلّي عليه صلاة الميّت ، حتّى انّ عمر كان يسأله عن اولئك الأشخاص وأنّه منهم أم لا ؟ فالخوف من الاقدام على قتله لا يتنافي مع انّ الله وعده بان يعصمه من الناس كما حصل في قضيّة العقبة.
2 : نحن لا نقول بأن الشهادة الثالثة جزء من الأذان ، وقد صرّح أكثر علماء الشيعة بذلك في كلماتهم التي لا تراجعها ، لأجل تعصّبك الأعمى.
قال زعيم الطائفة في عصره المرجع الأعلى السيد الخوئي في منهاج الصالحين / الجزء : 1 :
الفصل الثاني : فصول الأذان ثمانية عشر : الله أكبر أربع مرات ، ثم أشهد ان لا إله إلّا الله ، ثم أشهد أنّ محمّداً رسول الله ، ثم حيّ على الصلاة ، ثم حيّ على الفلاح ، ثم حيّ على خير العمل ، ثم الله أكبر ، ثم لا إله إلا الله ، كلّ فصل مرّتان.
وكذلك الإقامة ، إلّا ان فصولها أجمع مثنى مثنى ، إلا التهليل في آخرها فانه مرة ، ويزاد بعد الحيعلات قبل التكبير قد قامت الصلاة مرتين ، فتكون فصولها سبعة عشر.
ويستحب الصلاة على محمّد وآل محمّد عند ذكر اسمه الشريف ، وإكمال الشهادتين بشهادة لعلي عليه السلام بالولاية وامرة المؤمنين في الأذان وغيره.
وقال السيّد الطباطبائي صاحب العروة الوثقى ، الكتاب الذي على مدار بحوث الفقهاء والمراجع وعلماء الشيعة في العصر الأخير ، بعد ان ذكر فصول الأذان والإقامة :
ويستحب الصلاة على محمد وآل محمد عند ذكر اسمه ، وأمّا الشهادة لعلي عليه السلام بالولاية وامرة المؤمنين فليست جزءاً منهما.
فالشهادة الثالثة بعد الشهادتين مستحب في نفسها ، سواء كان في الأذان أو غيره ، والشيعة يأتون بها في الأذان بهذا العنوان ، لا بعنوان الجزئية للأذان ، فقد ورد في كتاب الاحتجاج للطبرسي ، عن القاسم بن معاوية عن الصادق عليه السلام ، انه اذا قال أحدكم لا إله إلّا الله محمّد رسول الله فليقل علي أمير المؤمنين.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة