ما علاقة بين التوسّل والآية كريمة : ( وَجَعَلُوا لِلهِ أَندَادًا ) ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

ما علاقة بين التوسّل والآية كريمة : ( وَجَعَلُوا لِلهِ أَندَادًا ) ؟

الجواب :

لا ربط لهذه الآية بالتوسّل ، فان الآية تمنع عن الإعتقاد بالوهيّة غير الله تعالى وخالقيّته حيث يجعل ندّاً وشريكاً لله تعالى وتمنع أيضاً عن العبادة لغير الله تعالى حيث يجعل غير الله تعالى ندّاً وشريكاً لله تعالى في العبادة.

أمّا التوسّل فهو التقرّب إلى الله تعالى بأوليائه وجعلهم وسائط عند الله تعالى لكي يقضي حوائجنا كرامة لأوليائه ، بل الله تعالى أراد أن يظهر مقام ومرتبة أوليائه فأمرنا بالتوسّل بهم عنده ، قال تعالى : ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ) [ المائدة : 35 ] ، والوسيلة كلّ ما يتقرّب العبد به إلى الله تعالى ولا تختصّ بفعل الطاعات والعبادات ، بل تتحقّق بالتقرّب إلى الله تعالى بواسطة أوليائه ، ولذا ورد في صحيح البخاري وغيره انّ عمر بن الخطاب كان يتوسّل بالعبّاس عمّ النبي صلّى الله عليه وآله في الإستسقاء وطلب المطر من الله تعالى ويقول : « اللهم انّا كنّا نتوسّل بنبيّك فتمطرنا وها نحن نتوسّل بعمّ نبيّك » [ قال السبكي في شفاء السقام ص 160 ].

اعلم انّه يجوز يحسن التوسّل والإستغاثة والتشفّع بالنبي صلّى الله عليه وآله إلى ربّه سبحانه وتعالى وجواز ذلك وحسنه من الأمور المعلومة لكلّ ذي دين المعروفة من فعل الأنبياء والمرسلين وسير السلف الصالحين والعلماء والعوام من المسلمين ، ولم ينكر أحد ذلك من أهل الأديان ، وانّ التوسّل بالنبي صلّى الله عليه وآله جائز في كلّ حال قبل خلقه وبعد خلقه في مدّة حياته في الدنيا وبعد موته.

وقد روى السيوطي في الدر المنثور في ذيل قوله تعالى : ( فَتَلَقَّىٰ آدَمُ مِن رَّ‌بِّهِ كَلِمَاتٍ ) [ البقرة : 37 ] توسّل آدم عليه السلام بالنبي الأعظم حينما أراد التوبة من خطيئته.

وقد ذكر ابن حجر في الصواعق المحرقة ص 180 ان الإمام الشافعي كان ينشد :

     

آل النبي ذريعتي

 

وهم إليه وسيلتي

ارجو بهم أعطى غداً

 

بيد اليمين صحيفتي

ونقل عن الشافعي قول : « لقد ثبت بالتجربة انّ التوسّل بقبر موسى به جعفر الكاظم عليه السلام موجب لاستجابة الدعاء ».

وقد روى أحمد بن حنبل في المسند ج 4 /⁠ 138 عن عثمان بن حنيف :

انّ رجلاً ضريراً أتى النبي ـ صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فقال : ادع الله أن يعافيني. قال : ان تشاء دعوت لك وان تشاء اخّرت ذاك فهو خير. فقال : ادعه ، فأمره ان يتوضّأ فليحسن وضوئه فيصلّي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء :

« اللهم انّي أسألك واتوجّه إليك بنبيّك محمّد نبيّ الرحمة ، يا محمّد انّي توجّهت بك إلى ربّي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهم شفّعه فيّ ».

قال القسطلاني في المواهب اللدنيّة ج 3 ص 380 :

« انّ عمر لما استسقى بالعبّاس قال يا أيّها الناس انّ رسول الله ـ صلّى الله عليه وآله ـ كان يرى للعبّاس ما يرى الولد للوالد فاقتدوا به في عمّه واتّخذوه وسيلة إلى الله تعالى » ، ففيه تصريح بالتوسّل وبهذا يبطل قول من منع التوسّل مطلقا بالأحياء والأموات وقول من منع ذلك بغير النبي.

قال ابن الأثير في اسد الغابة ج 3 /⁠ 11 :

« واستسقى عمر بن الخطاب بالعبّاس عام الرمادة لما اشتدّ القحط فسقاهم الله تعالى واخصبت الأرض فقال عمر : هذا والله الوسيلة إلى الله والمكان منه ».

قال المحدث المشهور أبوحاتم حيان في ترجمة الإمام علي بن موسى الرضا عليه السلام :

« حين إقامتي في طوس كنت إذ أوقعت في شدّة وضيق أزور قبر علي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ واطلب من الله تعالى التخلّص منها فيستجيب الله تعالى دعائي ويرتفع عنّي ذلك الضيق ، وهذا شيء جرّبته مراراً ».

أقول : هذا مضمون كلامه ومن أراد نصّ كلامه فليراجع المصدر ـ الاصول الأربعة في ترديد الوهّابيّة ص 35 ـ.

وفي تهذيب التهذيب لابن حجر العسقلاني عن الحاكم ـ صاحب المستدرك ـ عن أبي بكر محمّد بن المؤمّل قال : « ذهبنا مع إمام الحديث أبي بكر خزيمة وأبي علي الثقفي وجمع كثير من المشايخ إلى زيارة قبر علي بن موسى الرضا ـ عليه السلام ـ بطوس ، وكان أبن خزيمة يظهر من التعظيم والتواضع في البقعة المباركة بحيث تعجبت من ذلك » [ تهذيب التهذيب ج 7 / 288 ].

 
 

أضف تعليق

التوسل

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية