لماذا تهتم الشيعة بالخمس أكثر من الزكاة مع أنّها من أركان الإسلام ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

أيّهما ذكر في القرآن الزكاة أم الخمس ؟ عندما تذكر أركان الإسلام الخمس فإنّ من أهم أركان الإسلام وهي الزكاة ، وذلك من قول الرسول الكريم : « بني الإسلام على خمس ، شهادة ألّا إله إلا الله ، وأنّ محمّد رسول الله ، وإقامة الصلاة ، وإيتاء الزكاة ، وصوم رمضان ، وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلاً ». لذا فالزكاة هي أحد أركان الإسلام ، ومَن تركها ، فليس من المسلمين بشيء.

وفي هذا القول دلالات وأحاديث كثيرة قد لا يعتقد بها المعتقدون للمذهب الشيعي ، ويبرّرون ذلك بمن هم رواتها ، لذا فهم لا يعترفون بصحيح البخاري مثلاً أو صحيح مسلم أو غيرها من الرواة للأحاديث ، لذا فنحن سنترك السنّة النبويّة ، وما ذكرت من فضل الزكاة ومكانتها في الإسلام ، وسنستعرض مكانة الزكاة من القرآن الكريم فقط ، والذي لا أعتقد سيتجرأ أحد على نكران كتاب الله قال تعالى :

( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) [ البقرة : 43 ].

( وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ ) [ الأعراف : 156 ].

( وَلَيَنصُرَنَّ اللَّـهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّـهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ ) [ الحج : 40 ـ 41 ].

( فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ) [ التوبة : 11 ].

( وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّـهَ وَرَسُولَهُ أُولَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّـهُ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) [ التوبة : 71 ].

( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّـهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّـهَ ) [ التوبة : 18 ].

( وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ ) [ المؤمنون : 4 ].

والكثير الكثير من الآيات التي تبيّن فضل الزكاة وأهميّتها وأنّها ركن من أركان الإسلام. كون أنّ الإسلام لا يصحّ دونها ، وعليه فإنّنا لم نجد أيّ ذكر للخمس وفضله وأهميّته في كتاب الله بل أنّ في جميع كتب الشيعة عندما تبحث عن أيّ ذكر للخمس وأهميّته وفضله فلا تجدهم يذكرون أيّ آية ، لأنّ القرآن قد خلا منها ولكنهم يستدلّون بقوله تعالى :

( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ ) [ الأنفال : 41 ].

والأكثر معضلة ومشكلة هو أنّهم يقرون بأنّ الخمس يجمع لإيصاله لصاحب الزمان الحجّة الغائب ، ولا نعرف عند هذا القول لو أنّنا مشينا خلف رأيهم لمَن كان يجمع الرسول الكريم نبيّ الله الخمس ولمَن كان يدفع الصحابة الخمس ؟ فهل كان يجمع ويدفع بانتظار الغائب ؟ وهل هذا يعني بأنّ الرسول الكريم والصحابة كانوا يعلمون الغيب ؟ ولماذا كان يضع الرسول الكريم الزكاة في بيت المال ؟ إنّها ترهات والمصيبة أنّهم يستندون للخمس بالآية التي ذكرنا أعلاه :

( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّـهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ ) [ الأنفال : 41 ].

فهل يمكنكم يا سادة أن تأتونا بآيات من القرآن الكريم تتحدّث عن الخمس وفضله ؟

الجواب :

الزكاة التي ذكرت في القران الكريم والروايات الدالّة على الزكاة التي ذكرت في القران الكريم والروايات الدالّة على أهميّتها تشمل الخمس أيضاً ، لأنّ الخمس كما يظهر من الروايات تعويض للسادة عن الزكاة. وبعبارة أخرى كلّ آية أو رواية تدلّ على فضل الزكاة وأهميّتها وكونها ركن من أركان الإسلام تدلّ أيضاً على أهميّة الخمس ، لأنّه بمنزلة الزكاة حيث إنّ الله تعالى حرّم الزكاة على بني هاشم تكريماً لهم وشرّع لهم الخمس ، فلا فرق بين الخمس والزكاة إلّا من جهة المستحقّين لهما وإلّا فكلاهما واجب مالي لابدّ أن يؤدّيه المكلف قربة لله تعالى ، ويعبّر عنه بالصدقة الواجبه.

ففي الوسائل في حديث : « والنصف لليتامى والمساكين وابناء السبيل من آل محمّد عليهم السلام الذين لا تحلّ لهم الصدقة ولا الزكاة وعوضهم الله مكان ذلك بالخمس ». [ تفصيل وسائل الشيعة ، المجلّد  : 9 / الصفحة : 515 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 1 ]

وفي الكافي بسنده : عن العبد الصالح ـ الإمام موسى بن جعفر عليهما السلام ـ في حديث طويل قال : « وإنّما جعل الله هذا الخمس خاصّة لهم دون مساكين الناس وأبناء سبيلهم ، عوضاً لهم من صدقات الناس ، تنزيهاً من الله لهم لقرابتهم برسول الله صلّى الله عليه وآله وكرامة من الله لهم عن أوساخ الناس ». [ الأصول الكافي ، المجلّد : 1 / الصفحة : 540 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة ]

وقال : « وجعل للفقراء قرابة الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم نصف الخمس فأغناهم به عن صدقات الناس ». [ تفصيل وسائل الشيعة ، المجلّد : 9 / الصفحة : 514 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 1 ]

وفي حديث آخر عن سليم بن قيس الهلالي عن أمير المؤمنين عليه السلام : « ولم يجعل لنا في سهم الصّدقة نصيباً أكرم الله رسوله صلّى الله عليه وآله وأكرمنا أهل البيت أن يطعمنا من أوساخ الناس ». [ الروضة من الكافي ، المجلّد : 8 / الصفحة : 63 / الناشر : دار الكتب الإسلاميّة / الطبعة : 2 ]

والخمس يقسّم على ستّة أقسام : سهم لله ورسوله ومنهم ذوي القربى أيّ الإمام ، وسهم اليتامى وسهم المساكين وسهم أبناء السبيل من بني هاشم. فكان النبيّ صلّى الله عليه وآله في زمانه يأخذ سهم الله ورسوله ويعطي سهم ذوي القربى لعلي وفاطمة ويقسّم الباقي في فقراء بني هاشم ويتاماهم ، وبعد رسول الله يكون سهم الله وسهم رسوله للإمام المعصوم.

أمّا في زمن الغيبة فنصف الخمس يكون سهم الإمام لابدّ من إعطائه للمرجع يصرفه في الموارد التي يعلم برضى الإمام الغائب وسهم السادة يعطى للسادة الكرام.

وفي الحديث : « كان رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم إذا أتاه المغنم أخذ صفوه وكان ذلك له ثمّ يقسّم ما بقي خمسة أخماس ويأخذ خمسه ، ثمّ يقسّم أربعة أخماس بين الناس الذين قاتلوا عليه ، ثمّ قسّم الخمس الذي أخذه خمسة أخماس ، يأخذ خمس الله عزّ وجلّ لنفسه ، ثمّ يقسّم الأربعة أخماس بين ذوي القربى واليتامى والمساكين وأبناء السبيل ، يعطي كلّ واحد منهم حقّاً ، وكذلك الإمام يأخذ كما أخذ الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم ». [ تفصيل وسائل الشيعة ، المجلّد : 9 / الصفحة : 510 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 1 ]

ويظهر من هذه الرواية أنّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم كان لا يأخذ حقّه وسهمه ليتوفّر على سائر المستحقّين ، وإلّا فالخمس يقسّم ستّة أقسام كما في حديث آخر : « فأمّا الخمس فيقسم على ستّة أسهم : سهم لله ، وسهم للرسول ، وسهم لذوي القربى ، وسهم لليتامى ، وسهم للمساكين ، وسهم لأبناء السبيل ، فالذي لله فلرسول الله ، فرسول الله أحقّ به فهو له خاصّة ، والذي للرسول الله هو لذي القربى والحجّة في زمانه ، فالنصف له خاصّة والنصف لليتامى والمساكين وأبناء السبيل من آل محمّد ». [ تفصيل وسائل الشيعة ، المجلّد : 9 / الصفحة : 515 / الناشر : مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث / الطبعة : 1 ]

 
 

التعليقات   

 
+3 # حسن الذهبي 2019-10-10 08:11
احسنتم
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+3 -1 # حسين دانا 2016-08-06 19:42
سلام عليكم...
كان المصدر الرىْيسي للخمس في عهد الرسول الاكرم (ص) من غناىْم الحرب ولربما مصادر معدودة اخرى. هل كان مسمى "ارباح المكاسب موجود في ذلك الزمان وهل كان النبي يستلم الخمس تحت هذا المسمى؟
مع ذكر الروايات والاحاديث الدالة على ارباح المكاسب.

حقظكم المولى ورعاكم
َُ
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
# Aziza 2021-05-01 23:44
أولا الخمس كانت الأية موجهة للنبي وكان يطبق في حياته
وتوقف العمل به بوفاته
ثانيا كان تطبيقه في حياة النبي على مغانم الغزوات والحروب
وليس على ارباح الأعمال
فلماذا تم تحريف الخطاب الالهي؟
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+1 # السيّد جعفر علم الهدى 2021-06-06 20:50
أوّلاً : هذه الدعوى نظير ان يقال آية الزكاة متوجّهة إلى النبي وكانت تطبق في حياته وتوقف العمل بها بوفاته ، لانّ الله تعالى : ( خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا ) [ التوبة : 103 ] ؛ فهل يلتزم بذلك ؟
ثمّ ما هو الدليل على انّ الخمس كان يختص بزمان حياة النبي صلّى الله عليه وآله ، مع انّ الآية عامة ومطلقة ، والخطاب متوجّه إلى جميع المسلمين إلى يوم القيامة ، ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَىٰ وَالْيَتَامَىٰ وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) [ الأنفال : 41 ].
ثانياً : لا يختص الخمس بغنائم الحرب ، بل الآية عامة تشمل كل فائدة وربح.
فإن غنم في اللغة بمعنى فاز وربح وأفاد ، ولو فرضنا ان لفظ الغنيمة له ظهور في الغنيمة الحربية في زمان نزول الآية لكن ليس في الآية لفظ الغنيمة ، بل فيها ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم ) ، أي كل ما أفدتم وحصلتم عليه فيه الخمس. ويدلّ على ذلك قوله : ( مِّن شَيْءٍ ) ، فانّه ينطبق على القليل والكثير ، فالآية تقول الخمس واجب فيما أفدتم سواء كان قليلاً كدرهم أم كثيراً ، ومن المعلوم انّ الغنيمة الحربيّة على تصدّق على الدرهم ونحوه.
ثالثاً : انّ الله تعالى حرّم على بني هاشم الزكاة وعوّضهم بالخمس ، فيحرم إعطاء الزكاة لبني هاشم ويحرم عليهم أخذها حتّى لو كانوا فقراء ، بل يجب إعطاء الخمس لفقراء بني هاشم. فإذا كانت آية الخمس مختصّة بزمان النبي صلّى الله عليه وآله ، فمن أين وكيف يعيش فقراء بني هاشم مع حرمة الزكاة عليهم ؟
رابعاً : الروايات الواردة من طرق أهل البيت عليهم السلام الذين أمر النبي صلّى الله عليه وآله بالتمسّك بهم لتحصيل الهداية في حديث الثقلين المعروف بين الفريقين ، والذين قال عنهم النبي صلّى الله عليه وآله : « مثل أهل بيتي كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها هلك » ، تدلّ بصراحة على انّ الخمس لا يختصّ بغنائم الحرب ، بل يجب في موارد كثيرة منها :
1 ـ المعدن
2 ـ الكنز
3 ـ الغوص
4 ـ المال المختلط بالحرام
5 ـ ارباح المكاسب بل كل ما تستفيده الانسان ولو من غير تجارة وكسب
كما ورد : « والله هي الإفادة يوماً فيوماً ».
وخامساً : حتّى أهل السنّة لا يرون اختصاص الخمس بالغنائم الحربيّة ، بل يجب عندهم الخمس في الركاز كما صرحت بذلك رواياتهم ، والركاز هو المعدن والكنز.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+6 -7 # السيد جعفر علم الهدى 2016-12-08 14:42
الآية الشريفة وان ذكرت في ضمن آيات الجهاد والقتال لكنّها لا تختصّ بغنائم الحرب ، سيّما مع التعبير بقوله : ( وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُم مِّن شَيْءٍ ) [ الأنفال : 41 ] الذي يدلّ على القليل والكثير ، ولا يصدق الغنيمة على الشيء القليل ، وليس في الآية التعبير بغنيمة الحرب كما انّ الموضوع للخمس ليس هي الغنيمة لكي تختصّ بغنيمة الحرب بل كلّ ما غنمه الإنسان ، وغنم في اللغة بمعنى أفاد وفاز به فيشمل الغنائم الحربيّة ويشمل أرباح المكاسب ويشمل كلّ ما يستفيده الإنسان من الكسب وغيره ، مضافاً إلى روايات أهل البيت عليهم السلام المعتبرة المفسّرة للآية بقولهم : « والله هي الإفادة يوماً بيوم » ، بل حتّى أهل السنّة يوجبون الخمس في الركاز وهو المعدن أو الكنز ، فلا يختصّ وجوب الخمس بالغنائم الحربيّة قطعاً بحسب مفاد الآية الشريفة.
وخير دليل على ذلك انّ الزكاة محرّمة على بني هاشم ، وقد حرّمها رسول الله صلّى الله عليه وآله عليهم بإجماع المسلمين سنّة وشيعة ، وانّما بدّلهم الله تعالى بالخمس عوضاً عن الزكاة ، فإذا كان الخمس منحصراً في الغنائم الحربيّة فماذا يصنع فقراء بني هاشم إذا لم يكن هناك حرب أو لم تكن غنيمة في الحرب أو لم تكن الغنيمة وافية.
والتشريع الإسلامي لا يختصّ بزمان دون زمانٍ فمن أين يعيش الفقراء من بني هاشم مع انّهم محرومون من الزكاة ؟ وبيت المال أغلبه من الزكاة ؟
فلابدّ أن يجعل الشارع المقدّس مصدراً لاعاشتهم ، وهو الخمس كما صرحت بذلك الروايات المعتبرة.
وامّا انّ النبي صلّى الله عليه وآله هل كان يستلم خمس الأرباح أم لا ، فلم يتعرّض له التأريخ ، ولعلّه كان يستلم الخمس أو يأمر بدفعه كما يظهر من بعض الروايات.
فراجع « كتاب الخمس » للسيّد الخوئي قدّس سرّه.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

الخمس

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية