السؤال :
1 ـ في حديث الكساء يقول النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم قال : « والله فزنا وَشيعَتُنا ... » ؛ فهل كان في زمن النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم شيعة ؟
2 ـ في نفس حديث الكساء نحن نقول : إنّ آية التطهير نزلت في حديث الكساء ، لكنّ السنّة يقولون : إنّها نزلت قبل ذلك وذكرت أو استدلّ بها في حديث الكساء ؛ فما الدليل أنّ الآية هذه نزلت على النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم في حديث الكساء ليقصد بها أهل البيت الذين هم تحت الكساء ؟
الجواب :
مضافاً ما ذكرناه سابقاً الدليل على اختصاص الآية الشريفة : ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) (١) بالمعصومين الأربعة عشر « النبيّ وفاطمة والأئمة الإثني عشر » ، هو أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم كان يأتي بعد نزول الآية المباركة إلى بيت فاطمة عند الفجر كلّ يوم بل في أوقات الصلاة كلّها ، ويقول : « الصلاة الصلاة رحمكم الله إنّما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهّركم تطهيراً » (٢) ؛ وقد ورد أنّ النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم فعل ذلك طوال ستّة أشهر ، بل وفي بعض روايات أهل السنّة تسعة أشهر ، وهذا يدلّ على اختصاص الآية بفاطمة وبعلها وأولادها ، ويدلّ على الإهتمام الكبير من قبل الله ورسوله لكي يطبّق هذه على أهل البيت عليهم السّلام دون غيرهم.
قال السيوطي في الدرّ المنثور في تفسير آية التطهير :
وأخرج ابن مردويه عن ابن عبّاس رضي الله عنهما ، قال : شهدنا رسول الله ـ صلّى الله عليه وسلّم ـ تسعة أشهر يأتي كلّ يوم باب عليّ بن أبي طالب عند وقت كلّ صلاة فيقول : « السّلام عليكم ورحمة الله وبركاته أهل البيت ، ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) الصلاة رحمكم الله » ، في كلّ يوم خمس مرّات. (٣)
بل روى الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي برزة قال :
صلّيت مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم سبعة عشر شهراً فإذا خرج من بيته أتى باب فاطمة فقال الصلاة عليكم ( إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيرًا ) الآية. رواه الطبراني. (٤)
ويدلّ على خروج زوجات النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم عن الآية ما رواه مسلم في صحيحه في باب فضائل عليّ بن أبي طالب عليه السّلام فقال :
فقال حصين ـ أيّ لزيد بن أرقم ـ ومَن أهل بيته يا زيد ؟ أليس نساؤه من أهل بيته ؟ قال : نساؤه من أهل بيته ، ولكنّ أهل بيته مَن حُرم الصدقة بعده. قال : ومَن هم ؟ قال : هم آل عليّ ، وآل عقيل ، وآل جعفر ، وآل عبّاس. قال : كلّ هؤلاء حُرم الصدقة ؟ قال : نعم. (٥)
وفي رواية أُخرى رواها أيضاً مسلم في صحيحه في الباب المذكور قال فيها :
... فقلنا ـ أيّ لزيد بن أرقم ـ ومَن أهل بيته ؟ نساؤه ؟ قال : لا. وأيم الله ، إنّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ، ثمّ يطلّقها فترجع إلى أبيها وقومها. أهل بيته أصله وعصبته الذين حرموا الصدقة بعده. (٦)
لا يقال : إنّ الآية أطلقت أهل البيت على الزوجة كما قال الله عزّ وجلّ ـ في قضية إبراهيم وزوجته ـ : ( رَحْمَتُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ ) (٧) ؛ لأنّ إطلاق أهل البيت على سارة كان لأجل أنّها أبنة عمّ إبراهيم ، وكانا من أصل ونسب وبيت واحد.
ثمّ إنّ شمول الآية المباركة للخمسة الطيّبة ثبت بالروايات المفسّرة للآية ، وأمّا دخول غيرهم من المعصومين من العترة الطاهرة ، فلأجل عموم لفظ الآية حيث إنّ أهل البيت يشملهم ، وبتصريح النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم وعليّ والحسن والحسين عليهم السّلام بإمامتهم وعصمتهم ، ودخولهم تحت الآية المباركة.
الهوامش
١. الأحزاب : ٣٣.
٢. زبدة البيان في أحكام القرآن / الصفحة : ٥١ / الناشر : المكتبة المرتضويّة لإحياء الآثار الجعفريّة.
الدرّ المنثور / المجلّد : ١٢ / الصفحة : ٤٣ / الناشر : مركز هجر للبحوث والدراسات العربيّة والإسلاميّة.
٣. الدرّ المنثور / المجلّد : ١٢ / الصفحة : ٤٤ / الناشر : مركز هجر للبحوث والدراسات العربيّة والإسلاميّة.
٤. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد / المجلّد : ٩ / الصفحة : ١٦٩ / الناشر : دار الكتب العربي ـ بيروت / الطبعة : ٣.
٥. صحيح مسلم / المجلّد : ٤ / الصفحة : ٢١٦ / الناشر : دار الخير.
٦. صحيح مسلم / المجلّد : ٤ / الصفحة : ٢١٧ / الناشر : دار الخير.
٧. هود : ٧٣.
التعليقات
ذكر في اثناء الإجابة : (( لا يقال : إن الآية أطلقت أهل البيت على الزوجة كما قال الله عز وجل في قضية إبراهيم وزوجته ـ : ( رحمت اللَّه وبركاته عليكم أَهل البيت ) ؛ لأن إطلاق أهل البيت على سارة كان لأجل أنها أبنة عم إبراهيم ، وكانا من أصل ونسب وبيت واحد )) ولي تعليق أرجوا أن تتقبلوه مني من فضلكم وهو التالي :
قد حصل بين بعض المتناظرين الشيعة والسنة خلط وجدال في غير موضعه ولم يكن له حاجة . عندما نتكلم عن آية التطهير فإن لفظ الآية هو : (( أهل البيت ))، وهو لفظ عام لا دلالة له على بيت ولا على أهله، أعني أنه يصدق على كل بيت مأهول بأناس سواء كانوا ذوو قرابة مع المالك او ليسوا كذلك فهم أهله ساعة تواجدهم فيه نظير لفظ "أصحاب الكهف"، إذ اللغة لا تشترط ملكيتهم حتى تطلق عليهم هذه الكلمة وهذا الذي نجده جليا واضحا في كلام ابن عباس يوم رزية الخميس نلاحظ رواية البخاري عن ابن عباس : (( قال : لما حضر النبي، قال وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب ، قال : هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده ، قال عمر :أن النبي غلبه الوجع وعندكم القرآن فحسبنا كتاب الله ، واختلف أهل البيت واختصموا فمنهم من يقول : قربوا يكتب لكم رسول الله كتابا لن تضلوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر فلما أكثروا اللغط والاختلاف عند النبي قال : قوموا عني ، قال عبيد الله : فكان ابن عباس يقول : إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم )) فما معنى قول ابن عباس ((واختلف أهل البيت واختصموا...)) هل الأزواج أم أصحاب الكساء أم الرجال المتواجدين في ذلك البيت ساعة الحدث؟ حيث قال : ((وفي البيت رجال فيهم عمر ))، فاللفظ عام يصدق على من تواجد ساعة الحدث سواء كان مالكا للبيت أو متواجدا فيه فقط وسواء من عائلة المالك او من غير عائلته المهم توجه الخطاب إليه . ومن هنا يجب الإلتفات وعدم الخلط بين لفظ "أهله" في آية موسى، ولفظ "أهل البيت" في آية التطهير، إذ لا مشكلة في صدق الأهل على الزوجه فيقال جاء مع أهله ما دامت زوجا له، ولو مجازا، ليس هذا هو موضع كلامنا ، بل لا مشكلة في دخول الزوجة أو الخادم في لفظ أهل البيت بشكل عام، إنما موضع الكلام هو ساعة نزول الآية، ما كان ذلك البيت ومن كان فيه؟ ومن هنا يتبين عدم الحاجة الى ذكر أن سارة كانت ابنة عم، إذ دخولها جاء بسبب تواجدها في البيت مع ابراهيم ساعة الخطاب فتلك الآية تؤيد موقف الشيعة وليس تضاد قولهم، كما أنه لا خلاف في المقصودين بها بين الفريقين، إنما الخلاف وقع في آية التطهير، وهو خلاف متأخر ناتج عن العصبية إذ من يراجع الطبري يجده يذكر قولين أولا اصحاب الكساء ويعدد روايات كثيرة ثم خصوص الازواج ولم يذكر سوى رواية واحدة مروية عن عكرمة الخارجي، وهذا يكشف أن السائد المعلوم للأمة هو الذي تم إيضاحه بالبيان النبوي . وتنبيه أخر حول المصطلحات المشهورة في لسان الحديث عند المخالفين، مثل "أهل بيتي" فهذا أيضا إذا أطلق إنما يدل على أصحاب الكساء وذلك عبر الاستقراء واضح لكل من يتتبع الروايات، فالمفترض عدم الخلط بين اللفظ الوارد في آية التطهير الذي هو عام لغة وإنما أصبح عنوانا ومصطلحا قرآنيا خاصا بهم عليهم السلام بعد نزول الآية وبيانها، فصار كلما ذكر تبادر الذهن اليهم عليهم السلام فلا نخلطه بحديث الثقلين الذي يخرج الازواج قطعا حيث لفظ "عترتي أهل بيتي"، العترة هم نسل ورهط وعشيرة الرجل فلا دخل للزوجة، وقيدت ب"أهل بيتي" وفيه رد لما نقل عن زيد فلا يبقى إلا الخمسة فقط عليهم السلام.
ثانياً : سياق الآيات تأبى ان تكون آية التطهير في شأن زوجات النبي صلّى الله عليه وآله ، إذ لو كان التطهير وهو العصمة من الذنوب يشملهن فلا معنى لقوله تعالى قبل ذلك : ( يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَن يَأْتِ مِنكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ ) [ الأحزاب : 30 ] ، وكيف يصدر الفاحشة ممّن حكم الله بطهارته واذهاب الرجس والمعصية عنه ؟!!
ثالثاً : انّ الآيات القرآنيّة نزلت تدريجاً ، فالسورة المشتملة على آيات متعدّدة لم تنزل دفعة على النبي صلّى الله عليه وآله بل كلّ آية نزلت في مقام خاصّ بحسب حاجة الناس ، نعم بعدما كانت الآية تنزل على النبي صلّى الله عليه وآله كان يأمر النبي ان تجعل الآية في السورة الخاصّة أو في ضمن آيات خاصّة ، فلا يكون سياق الآيات دليلاً على شمول آية التطهير لنساء النبي صلّى الله عليه وآله ، إذ لعلّ سائر الآيات نزلت في واقعة وموطن خاصّ وآية التطهير نزلت في مواطن اخرى لا ترتبط بذلك المورد الذي نزل فيه آيات نساء النبي صلّى الله عليه وآله ، بل يظهر من الأحاديث أنّ آية التطهير نزلت عدّة مرّات على النبي صلّى الله عليه وآله وجدها من دون آيات سابقة أو لاحقة ، وانّما جعلت في المصحف ضمن آيات نساء النبي صلّى الله عليه وآله.
راجع الروايات الكثيرة الواردة في تفسير الآية في كتاب فضائل الخمسة من الصحاح الستّة ج 1 / ص 275 إلى ص 290 والروايات منقولة من كتب علماء أهل السنّة.
رابعاً : الروايات الواردة في تفسير الآية وشأن نزولها من طرق أهل السنّة فضلاً عن الشيعة تصرح بوضوح انّ المراد من أهل البيت هم الخمسة الطيّبة « محمّد وعلي وفاطمة والحسن والحسين » ، وفي بعض الروايات انّ اُمّ المؤمنين اُمّ سلمة التي تروي حديث الكساء ونزول الآية اقتربت من الكساء واستأذنت النبي صلّى الله عليه وآله في الدخول تحت الكساء يشملها الآية المباركة فقال لها النبي صلّى الله عليه وآله : « أنت على خير » ولم يأذن لها في الدخول.
ثمّ الكلام كان مع زوجات النبي صلّى الله عليه وآله والخطاب ورد لهنّ ؛ فاذا كان يقصد زوجات النبي وقال : « انّما يريد الله ان يطهركن اهل البيت » ، لم يكن فيه إساءة الى رسول الله صلّآ الله عليه وآله ، لأنّ اثبات الشيء لا ينافي بثبوت ما عداه خصوصاً في هذا المقام الذي كان الخطاب والكلام مختصّاً بنساء النبي صلّى الله عليه وآله ، ولم تكن الآيات ناظرة الى النبي صلّى الله عليه وآله ولم يكن صلّى الله عليه وآله مورد خطابه ، هذا وقد صرّح القرآن الكريم وخاطب المسلمين والرسول فيهم ومعذلك لم يكن رسول الله صلّى الله عليه وآله مورد الخطاب.
قال الله تعالى : ( وَيُنَزِّلُ عَلَيْكُم مِّنَ السَّمَاءِ مَاءً لِّيُطَهِّرَكُم بِهِ وَيُذْهِبَ عَنكُمْ رِجْزَ الشَّيْطَانِ وَلِيَرْبِطَ عَلَىٰ قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّتَ بِهِ الْأَقْدَامَ ) [ الأنفال : 11 ] ؛ فهل يطهر الله بماء السماء الصحابة ويبعّد النبي صلّى الله عليه وآله عن ذلك ؟ وهل تشمل الآية النبي صلِّى الله عليه وآله مع المسلمين ؟
والحال انّ الآية تدلّ على تزلزلهم وخوفهم وغلبة الشيطان عليهم ، وعدم ثباتهم ؛ فكانوا بحاجة الى ان يربط الله على قلوبهم ويثبت أقدامهم ، ويذهب عنهم رجز الشيطان وينزل الماء ليغتسل من اُصيب بالاحتلام والجنابة.
ماذا تقول هل رسول الله صلّى الله عليه وآله كان كذلك أم انّ الآية تختصّ بالصحابة الذين كانوا معه ؟ فكيف لم يذكر الله تعالى تطهير النبي من الرجس وخاطبهم مع انّ رسول الله فيهم ولكن خصّهم بالتطهير ؟
والجواب هو ما ذكرناه انّ الرسول الأعظم لم يكن بحاجة الى نزول التهير بالنسبة اليه بل كان طاهراً مطهّراً منذ خلق.
ولو راجعت علم اصول الفقه ، لعلمت انّ ظهور الكلام ، سواء في القرآن الكريم أو في كلام آخر هو ظنّي الدلالة ، وانّما بناء العقلاء على جحيّة الظهور لأجل التفهيم والتفاهم ؛ فان الاعتماد في تفهيم المقاصد على الكلام الصريح والنص القطعي ، يوقع المتكلّمين في ضيق وجرح ، ولذا قام بناء العقلاء من أيّ لغة كانوا في التفهيم والتفاهم على ظهورات الكلام التي هي ظنيّة الدلالة ؛ فالروايات المفسّرة للقرآن الكريم أو التي تدلّ على سبب نزول الآيات ، حتّى لو كانت ظنيّة الثبوت ، إلّا انّها حجّة أيضاً ببناء العقلاء وسيرتهم الجارية على الأخذ بأخبار العدول والثقات ، وقد أمضى الشارع المقدّس هذه السيرة ، ولولاه لم يبق حجر على حجر ، ولم يثبت معظم الأحكام الشرعيّة من الواجبات والمحرّمات والقوانين الجزائيّة والأحوال الشخصيّة والعبادات والمعاملات ، لأنّ معظمها ، أو فقل جميعها ، انّما ثبتت بالأحاديث الحاكية للسنّة النبويّة بنحو الخصوص أو العموم ؛ فانّ القرآن الكريم لا يتعرض لتفاصيل الواجبات والمحرمات والمعاملات وشروطها وأجزائها ، فالأحاديث المعتبرة يمكن ان تفسّر القرآن الكريم ، او تبيّن المجمل والمتشابه من الآيات.
وقد ورد في أحاديث كثيرة من طرق أهل السنّة ـ فضلاً عن الشيعة وهذه الأحاديث متواترة ومقطوعة الصدور ، بأن أهل البيت في الآية الكريمة يخص بالنبي وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام ـ ، ومن يتقرب الى النبي صلّى الله عليه وآله بالنسب ـ على ما قيل ـ. أمّا زوجات النبي ، فالأحاديث الواردة بشأن نزول الآية تنفي شمولهن ، حيث انّ امّ سلمة صرحت بأن النبي صلى الله عليه وآله لم يأذن لها الدخول تحت الكساء ، وقال لها : أنت على مكانك وأنت إلى خير ، أيّ أنت على خير ، ولكن الآية لا تشملك ، لأنّك لست من أهل البيت. وفي بعض الأحاديث عن اُمّ سلمة قالت انّها دخلت بعد ان قضى النبي دعاءه لأهل بيته ، وهذا صريح في انّها لم تر نفسها من أهل البيت.
وأمّا سبب انّ آية التطهير ذكرت في أثناء الآيات الراجعة إلى نساء النبي صلّى الله عليه وآله ، فلأجل انّ هذه الآية لو كانت مستقلّة ، لحذفها أعداء أهل البيت ، بغضاً لعلي وفاطمة والحسن والحسين ، فانّ الله تعالى وعد ان يحفظ القرآن الكريم ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) [ الحجر : 9 ] ، لكن لا بالأسباب الغيبيّة ، بل بالأسباب الطبيعيّة التي منها ان يركب القرآن بنحو لا يحصل لدى المغرضين دواعي حذف الآيات.
ثمّ ان العدول من ضمير الجمع المؤنث الى ضمير جمع المذكر ، خير دليل على انّ الآية لا تشمل زوجات النبي صلّى الله عليه وآله. ولو قيل ان الوجه في الإتيان بضمير الجمع هو وجود النبي صلّى الله عليه وآله في ضمن أهل البيت ، قلنا نعم ، لكن كان المناسب ان تذكر هذه الآية بعد الانتهاء من الآيات الراجعة الى نساء النبي ، لكي لا يتوهّم ان الالتفات من الضمير المؤنث الى المذكر قرينة على خروج نساء النبي صلّى الله عليه وآله ، بل تكون الآية حينئذ مطلقة شاملة لزوجات النبي صلّى الله عليه وآله ، ان قلنا بصدق أهل البيت عليهنّ ، لكن أهل بيت الرجل هم أقرباءه وعصبته ، كما قال زيد بن أرقم الصحابي المعروف ، فذكر انّ المرأة تكون مع الرجل العصر من الدهر ثم يطلقها ، فتبين عنه وأهل بيت الرجل هم عصبته الذين لا يمكن افتراقهم عنه.
نعم قد يحصل الاطمينان من صدق الحديث الذي يذكرونه في الفضائل باعتبار كشفه عن كون الحديث مشهوراً ومعروفاً لم يتمكّنوا من إخفائه وكتمانه.
RSS تغذية للتعليقات على هذه المادة