المعاد مجلى لتحقّق وعده ووعيده

البريد الإلكتروني طباعة

 

المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 173 ـ 174

 

(173)

الدليل الثالث : المعاد مجلى لتحقّق وعده ووعيده


وهناك دليل ثالث يضفي على المعاد الضرورة والقطعية ، وهو مركب من
مقدمة شرعية ، وحكم عقلي ؛ وذلك أنّه سبحانه قد وعد المطيعين بالثواب ،
والعاصين بالعقاب ، وهذه صغرى البرهان أخبر عنها الشرع . وحكم العقل
عندئذٍ واضح ، وهو أنّ إنجاز الوعد حسن ، والتخلّف عنه قبيح . نعم ، تقدم
في الدليل السابق أنّ العباد لا يستحقون الثواب بطاعتهم ، وإنّما هو جود
وتفضّل ، لكن هذا بغضّ النظر عن الوعد به ، وأمّا معه ، فالوفاء به لازم.
و الآيات الواردة في هذا المجال على قسمين : قسم يذكر فيه وعده بالقيامة
ووعده بالثواب ووعيده بالعقاب .  وقسم يذكر أنّه ينجز وعده ولا يخلف.
أمّا القسم الأول : فما يدلّ عليه كثير ، نذكر بعضه.
ـ أمّا ما يدلّ على الوعد بالقيامة ، فمنه قوله تعالى:
________________________________________


(174)


{ فَذَرْهُمْ يَخُوضُوا وَيَلْعَبُوا حَتَّى يُلاَقُوا يَوْمَهُمْ الَّذِي يُوعَدُونَ} (1).
ـ وما يدل على الوعد بالثواب ، فمنه قوله تعالى :
{ وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ * هَذَا مَا تُوعَدُونَ } (2).
ـ وما يدلّ على الوعيد بالعقاب ، فمنه قوله تعالى:
{ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ} (3).
{ وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنْ الأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ } (4).
وأمّا القسم الثاني : الذي يركّز على حكم العقل ويدعمه ، وينفي الخلف
عن وعده ، فمنه قوله تعالى:
{ رَبَّنَا إِنَّكَ جَامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لاَ رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُخْلِفُ
الْمِيعَادَ} (5).
{ وَلاَ تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لاَ تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} (6).
و على هذا الأساس يستدلّ المحقق الطوسي ، على ضرورة المعاد ، بقوله :
« و وجوب إيفاء الوعد ، يقتضي وجوب البعث » (7).


* * *


ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة الزخرف : الآية 83. لاحظ الذاريات : 60، المعارج : 44 ، الأنبياء : 103.
(2) - سورة ق: الآيتان 31 ـ 32.
(3) - سورة الحجر : الآية 43.
(4) - سورة هود : الآية 17.
(5) - سورة آل عمران : الآية 9.
(6) - سورة آل عمران : الآية 194.
(7) - كشف المراد : المقصد السادس ، المسألة الرابعة ، ص 406.

 

 

 

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية