الإشكال الأوّل

البريد الإلكتروني طباعة

المصدر : الإلهيات على هدى الكتاب والسنّة والعقل : للشيخ جعفر السبحاني ، ج4 ، ص 350 ـ 351

 

 

(350)

الأمر السابع : الإشكالات المثارة حول الشفاعة


هناك إشكالات مثارة حول الشفاعة ناشئة من قياس الشفاعة الواردة في
الشريعة الإسلامية بالشفاعة الرائجة بين الناس ، ولو عرف المستشكلون
الاختلاف الماهوي بين الشفاعتين ، لما اجترأوا على إلقاء هذه الشبهات.


*الإشكال الأوّل :


إنّ جميع المعاصي تشترك في هدم الحدود والجرأة على المولى ، فأي معنى
لشمول الشفاعة لبعض ألوان الجرائم والمعاصي دون البعض الآخر؟


والجواب :


إنّ للجرم مراتب ، كما أنّ المجرمين على درجات من النفسانيات
والروحيات ، فلا يستوي من أحرق منديل أحد عدواناً بمن أحرق مصنعاً كبيراً
له ، وفرق بين شاب ينظر إلى المرأة الأجنبية نظراً ممزوجاً بالسوء ، وآخر يعتدي
________________________________________


(351)

عليها بالعنف ، فإذا اختلف الجرمان ، اختلف المجرمان من حيث النفسانيات
والروحيات ، وهناك مجرم قد حافظ على روابطه الإيمانية مع الله ، وعلى علاقاته
الروحية مع الشفيع بحيث لا يعد المجرم غريباً عن كلا المقامين ، ومجرم قد قطع
كلتا العلاقتين ، وصار أجنبياً عنهما ، فتشريع الشفاعة في حق الأوّل دون الثاني ،
لا يعد تفريقاً في القانون.
والّذي يوضح ذلك أنّ الله سبحانه فرّق بين الذنوب ، فقال بأنّ الشرك لا
يغفر إلا مع التوبة ، وأمّا غيره فيغفر وإن لم تقع التوبة.
قال سبحانه : { إِنَّ اللَّهَ لاَ يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ
يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا} (1).
وأنت إذا أحطت بما ورد حول الذنوب من العقوبات المختلفة ، وتقسيمها إلى
كبائر وصغائر ، تقف على أنّ قبول الشفاعة في حق بعض دون بعض ، ليس
ترجيحاً بلا مرجح.
ــــــــــــــــــــــــــــ
(1) - سورة النساء : الآية 48 .

 

 

 

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية