السلام عليكم يا أهل بيت النبوة والرحمة

البريد الإلكتروني طباعة

السلام عليكم يا أهل بيت النبوة والرحمة

السلام عليكم يا أهل بيت النبوّة

كثير من العامّة يترفّعون عن ذكر جملة ( عليه ‌السلام ) ، أو ( سلام الله عليه ) بعد ذكر اسم أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب ، أو أحد الأئمّة من أهل البيت سلام الله تعالى عليهم ، ويضعون بدلاً منها كرّم الله وجهه ، أو رضيّ ‌الله ‌عنه ، ممّا يوحي للناس بأنّ في ذلك شبهة تحريم أو كراهة ، وأنّ ما يتلفّظ به الشيعة عند ذكر الإمام هو بدعة ، ولحرص أهل السنّة على اجتناب البدعة كما يدّعون ، فإنّهم لا يقولون ذلك ويترفّعون عنه ، وتأبى أنفسهم تحمّله ، وإذا سمعوه من أحد ، فإنّهم يبدون الامتعاض الشديد ، وعدم الإقرار.

ويصل الحدّ في أغلب الأحيان إلى الإنكار. فقد قال ابن كثير في تفسيره :

وقد غلب هذا في عبارة كثير من النساخ للكتب أن يفرد عليّ رضي ‌الله ‌عنه بأنْ يقال عليه السلام من دون سائر الصحابة ، أو كرّم الله وجهه ؛ وهذا وإن كان معناه صحيحاً لكن ينبغي أن يسوّى بين الصحابة في ذلك ، فإنّ هذا من باب التعظيم والتكريم ، فالشيخان وأمير المؤمنين عثمان أولى بذلك منه (1) ، أي من عليّ بن أبي طالب.

فهكذا هي الأمور عندهم بشأن ما يتعلّق بأهل البيت عليهم السلام ، لا يستطيعون قبوله وإن كان صحيحا ويعترفون بأنّه صحيح ، لكنّهم بعد ذلك ينكرونه.

فهل لهذا الإنكار دليل عندهم ؟ أو هو الحكم على الأشياء بدون استدلال بحسب الهوى أو التقليد الأعمى ؟ وإذا قلنا إنّ كلّ ما عند الشيعة لابدّ وأنْ تجد له أصل عند أهل السنّة ، فهل لهذه الجملة وذكرها ما يستدلّ به من عندهم ؟.

نعم ! فهناك عشرات الأدلّة والبراهين تدلّل وبشكل صريح على أنّ ذكر جملة عليه السلام لأمير المؤمنين عليّ وللسيّدة فاطمة الزهراء وللحسن والحسين والأئمّة من أهل البيت عموماً ، كان أمراً طبيعياً يفعله السنّة كما الشيعة في العصور كلّها.

ولكنّ المشكّكين والمبغضين لأهل البيت عليهم السلام ، وبسبب قلّة اطّلاع على مصادرهم وجهلهم بمحتوياتها ، يعتقدون أنّها بدعة ابتدعها الشيعة والعياذ بالله ، حتّى أنّ بعضهم تجاوز الأمر الى أبعد من ذلك ، فقد أخبرني ابني الأكبر ، أن أحد أساتذة التربية الإسلاميّة في مدرسته يجيزها ويأمر بها لأبي بكر وعمر فقط ، وعندما وقف ابني في أحدى المرات وذكر اسم أمير المؤمنين علي أضاف بعدها عليه السلام ، فاستنكر الأستاذ ذلك وقال للصبيّ :

هذا حرام ، فقال له ابني : ألم تجيزها لأبي بكر وعمر. قال الأستاذ نعم ، فقط لهما لأنّهما من العظماء. فيا للأسف فإنّ هذا الأستاذ يدّعي الترفع عن البدع وبينها يضطجع ، فهكذا الحال عندنا.

وإليك عزيزي القارئ بعضٌ من أئمّة أهل السنّة بأسمائهم وكتبهم الذين طبّقوا استعمال جملة عليه السلام عند ذكر أسماء أهل البيت عليهم السلام ، على سبيل المثال لا الحصر.

فلقد ذكرها القرطبي في الجامع لأحكام القرآن عند تفسيره آية : ( فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ) (2) من سورة البقرة وأيضاً عند تفسير آية ( وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ) (3). من سورة النساء حيث يذكر أنّه روي عن داود الأودي عن الشعبي عن عليّ عليه السلام : لا يكون المهر أقلّ من عشرة دراهم (4). وعند تفسيره سورة لقمان الآية (5) وعند تفسيره سورة الانشقاق الآية (6) ، وكذلك عند تفسيره سورة الكوثر يقول : وأما ما روي عن عليّ عليه السلام " (7) ...

كما ذكرها الطبريّ في جامع البيان مئات المرّات في تفسيره لسورة النساء والأنعام وسورة الأعراف والتكوير وغيرها من السور.

كما ذكر الحاكم في المستدرك جملة عليه السلام لأمير المؤمنين عليّ ، وكذلك بعد ذكر اسم فاطمة الزهراء ، والحسن والحسين. انظر كتاب المغازي والسرايا ، وكتاب معرفة الصحابة.

وفي تحفة الأحوذي وجدتها في كتاب الزهد بَابُ مَا جَاءَ في إِنْذَارِ النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم قَوْمَه. يذكر فاطمه ويضيف عليها السلام.

كما ذكرها الحافظ العراقي في تخريج أحاديث الإحياء مرّات عديدة.

وكذلك في تهذيب سنن أبي داوود لابن القيّم ، في كتاب المناسك ، باب صفة حجّة النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم. وأيضاً في حاشية السندي على النسائي في كتاب عشرة النساء ، باب حبّ الرجل بعض نسائه أكثر من بعض.

كما وردت في صحيح البخاري في أكثر من مرّه في حقّ عليّ وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام. ومعروف عند أهل السنّة أنّه أصحّ كتاب بعد القرآن عندهم. فقد ذكرها البخاري في أبواب سترة المصلّي ، باب المرأة تطرح عن المصلّي شيئاً من الأذى (8) ، وأيضاً في كتاب الجهاد والسير ، باب لبس البيضة (9) ، وفي كتاب الخمس ، باب فرض الخمس (10) ، وفي كتاب الخمس ، باب الدليل على أنّ الخمس لنوائب رسول الله صلّى الله عليه وسلّم والمساكين (11).

وأيضاً في أبواب الجزية والموادعة ، باب طرح جيف المشركين في البئر (12).

وفي كتاب فضائل الصحابة ، باب مناقب عليّ بن أبي طالب (13). كما ذكر البخاري في عنوان كامل في باب : مناقب قرابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، ومنقبة فاطمة عليها السلام بنت النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

باب مناقب فاطمة عليها السلام. قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « فاطمة سيّدة نساء أهل الجنة » (14).

وفي باب : ما لقي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأصحابه من المشركين بمكّة (15). وفي كتاب المغازي باب حديث بني النضير (16). وفي كتاب المغازي ، باب مرض النبيّ صلّى الله عليه وسلّم ووفاته (17) ، وفي نفس الباب أيضاً : حدّثنا سليمان بن حرب : حدّثنا حمّاد ، عن ثابت ، عن أنس قال : لمّا ثقل النبيّ صلّى الله عليه وسلّم جعل يتغشّاه ، فقالت فاطمة عليها السلام : واكرب أباه ، فقال لها : « ليس على أبيك كرب بعد اليوم ». فلمّا مات قالت : يا أبتاه ، أجاب ربّاً دعاه ، يا أبتاه ، من جنة الفردوس مأواه ، يا أبتاه ، إلى جبريل ننعاه ، فلمّا دفن قالت فاطمة عليها السلام : يا أنس ، أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم التراب (18).

وفي كتاب فضائل القرآن ، باب كان جبريل يعرض القرآن على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم.

قال مسروق ، عن عائشة ، عن فاطمة عليها السلام : أسرّ إلي النبيّ صلّى الله عليه وسلّم : « أنّ جبريل كان يعارضني بالقرآن كلّ سنة ، وإنّه عارضني العام مرّتين ، ولا أراه إلا حضر أجلي » (19).

وفي كتاب النكاح ، باب ولا يبدين زينتهنّ إلا لبعولتهنّ (20) ، وفي كتاب النفقات ، باب عمل المرأة في بيت زوجها (21). وفي كتاب النفقات باب خادم المرأة (22) ، وفي كتاب الطب ، باب حرق الحصير ليسدّ به الدم (23) ، وفي كتاب الأدب ، باب التبسّم والضحك (24) ، وفي كتاب الاستئذان ، باب من ناجى بين يدي الناس (25) ، وفي صحيح البخاري أيضاً وبعنوان واضح في كتاب المغازي ، باب بعث علي بن أبي طالب عليه السلام ، وخالد بن الوليد رضي‌ الله ‌عنه ، إلى اليمن قبل حجّة الوداع (26).

وفي صحيح البخاري ، كتاب مناقب الصحابة ، باب مناقب الحسن والحسين عن أنس بن مالك قال : أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين بن عليّ عليه السلام ، فجعل في طست ، فجعل ينكث ، وقال في حسنه شيئاً ، فقال أنس : كان أشبههم برسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وكان مخصوبا بالوسمة فقال له زيد بن أرقم رضي ‌الله ‌عنه : ارفع قضيبك ، فقد رأيت فم رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في موضعه (27).

وفي نيل الأوطار للشوكاني ، عن الحسن بن عليّ عليه السلام قال : « علّمني رسول اللَّه صلّى الله عليه وسلّم كلمات أقولهنّ في قنوت الوتر ، اللَّهمّ اهدني فيمن هديت وعافيني فيمن عافيت ، وتولّني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شرّ ما قضيت ، فإنّك تقضي ولا يقضى عليك ، إنّه لا يذلّ من واليت ، تباركت ربّنا وتعاليت » (28).‏

عزيزي القارئ ، هذا قليل من كثير جدّاً ، قدّمته بين يديك ممّا احتوته كتب وصحاح وتفاسير أئمّة أهل السنّة ، للدلالة على صحّة ما عليه أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، حتّى تكون مطمئنّاً أنّهم لا يطبّقون شيئاً إلا وله الأدلّة الدامغة على صحّته من أدلّة خصومهم ، وإذا أردت المزيد فما عليك إلا مراجعة مصادرهم.

ثمّ إنّ المسلمين تحيّتهم فيما بينهم السلام ، فإذا دخل مسلم على فرد أو جماعة من إخوانه ، فإنّه ينبغي عليه إلقاء السلام عليهم ، وهذا مجمع عليه عند كلّ طوائف المسلمين.

ولا يقال إنّ السلام مسنون على الأحياء فقط ، وإنّ هؤلاء الأئمّة من أهل البيت قد ماتوا ، فلا يجوز ذلك في حالة الأموات ، لا يقال ذلك ، لأنّه قول لا دليل عليه لا في الكتاب ولا في السنّة ، وليس هناك أيّ دليل ينهى عنه.

ولو فرضنا أنّه للأحياء فقط كما يدّعي البعض ، فإذا لم نعتبر أهل البيت عليهم السلام أحياء فمن هم الأحياء إذن ، أليس الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون بدلالة كتاب الله الذي لا يأتيه الباطل ؟ قال تعالى في سورة البقرة الآية : ( وَلَا تَقُولُوا لِمَن يُقْتَلُ فِي سَبِيلِ الله أَمْوَاتٌ بَلْ أَحْيَاءٌ وَلَـ?كِن لَّا تَشْعُرُونَ ) (29).

وقال تعالى في سورة آل عمران الآية : ( وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِندَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ الله مِن فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِم مِّنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ) (30).

ومن المعلوم أنّ أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب والأئمّة من ذريته عليهم السلام قتلوا في سبيل الله ، ومرتبتهم عند الله أعلى من مرتبة الشهداء بدلالة الآيات والأحاديث التي صرّحت بأنّهم الصديقون والصادقون عند ربّهم ، ومعلوم أنّ الصدّيق أفضل عند الله من الشهيد.

قال تعالى في سورة النساء : ( وَمَن يُطِعِ الله وَالرَّسُولَ فَأُولَـئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ الله عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَـئِكَ رَفِيقًا ) (31) فالصدّيقون مقدّمون على الشهداء ، وإذا كان الشهداء أحياء فالصدّيقون من باب أولى.

روى الحاكم في المستدرك ، في كتاب معرفة الصحابة ، عن عليّ عليه السلام قال : إنّي عبد الله ، وأخو رسوله ، وأنا الصدّيق الأكبر ، لا يقولها بعدي إلا كاذب ، صلّيت قبل الناس بسبع سنين ، قبل أنْ يعبده أحد من هذه الأمّة.

ورواه ابن ماجة في سننه (32). قال المحقّق في الزوائد : هذا إسناد صحيح ، رجاله ثقات ، رواه الحاكم في المستدرك عن المنهال وقال : صحيح على شرط الشيخين (33).

وروى الطبراني عن أبي ذرّ وسلمان قالا : أخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم بيد عليّ فقال : هذا أوّل من آمن بي ، وأوّل من يصافحني يوم القيامة ، وهذا الصدّيق الأكبر ، وهذا فاروق هذه الأمّة ، وهذا يعسوب المؤمنين (34).

وكذالك بقيّة أهل البيت الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً ، والأئمّة من أهل البيت من ذريّة الحسين عليهم السلام ، هم الصدّيقون بدلالة الآيات والأحاديث التي تذكر فضائلهم ومنزلتهم ، كآية المباهلة ، وآية التطهير ، وآية المودة ، وحديث الثقلين ، وحديث الغدير ، وحديث السفينة وغيرها (35).

وعلى ذلك فإنّه لا يقال إنّهم عليهم السلام أموات ، بل إنّ رسول الله حيّ وهو أفضل منهم ، وهم أفضل من الشهداء.

ثمّ إنّه من الثابت في السنّة النبويّة ، أنّ المسلم إذا أراد زيارة مقابر المسلمين ، أنْ يسلّم على الأموات في تلك المقابر ، كما تواتر عن رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في الأحاديث الصحيحة.

فقد روى مسلم في صحيحه عن عائشة أنّها قالت : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ( كلّما كان ليلتها من رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ) يخرج من آخر الليل إلى البقيع. فيقول : السلام عليكم دار قوم مؤمنين .... ورواه ابن ماجة والنسائي وغيرهم عن عدد عائشة تارة وأبي هريرة تارة أخرى (36).

فها هو المسلم مأمور بالسلام على من في القبور من المسلمين العاديّين ، ومن المؤكّد أنّ مقابر المسلمين فيها من كان طائعا لله ومن هو عاص ، وهذه النصوص تأمر بالسلام عليهم ، فما بالك برسول الله ، وأمير المؤمنين عليّ ، وبضعة رسول الله فاطمة الزهراء وسيّدي شباب أهل الجنّة الحسن والحسين عليهم الصلاة والسلام.

أمّا بالنسبة للصلاة عليهم ، فأمرها واضح وضوح الشمس في رابعة النهار ، فقد روى البخاري في صحيحه عن كعب بن عجرة قال : سألنا رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فقلنا : يا رسول الله ، كيف الصلاة عليكم أهل البيت ، فإنّ الله قد علّمنا كيف نسلّم عليكم ؟ قال : « قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد ، كما صلّيت على إبراهيم ، وعلى آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ، اللهمّ بارك على محمّد وعلى آل محمّد ، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم ، إنّك حميد مجيد ». ورواه مسلم وغيره كثير (37). وهذه الروايات توجب الصلاة على أهل البيت بعد الصلاة على رسول الله.

ثمّ إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم قد نهى عن بتر الصلاة عليه من خلال حذف الصلاة على أهل البيت حيث قال : لا تصلّوا عليّ الصلاة البتراء ، فقالوا : وما الصلاة البتراء قال : أنْ تقولوا اللهمّ صلّ على محمّد وتمسكون ، بل قولوا : اللهمّ صلّ على محمّد وعلى آل محمّد (38).

من كلّ ما سبق ، فإنّه لا يبقى مجال لمشكّك بأنّ الصلاة والسلام على أهل البيت هو أمر شرعيّ مفروض على المسلمين ، لا يجوز لمن يدّعي العلم أنْ يترفّع عنه ، أو يظهر امتعاضاً عند سماعه ، كأنّه حريص على عدم إدخال البدع في الدين.

والسؤال الذي يرد ، لماذا حذفوا ذكر الآل عند الصلاة على النبيّ محمّد صلّى الله عليه وآله وسلّم ، مع أنّه أمر مفروض من الله كما قدّمنا بالأدلّة المتظافرة والتي تفوق حدّ الحصر. ولست بمقتنع أنّ علماء أهل السنّة لم يطّلعوا على تلك الأدلّة والبراهين التي توجب الصلاة على محمّد وآل محمّد ، بل إنّني متأكّد أنّهم محّصوها وعرفوها ، ومعلوم عند المسلمين أنّ من لم يصلّ على آل محمد بعد التشهد في الصلاة فصلاته باطلة وجب عليه إعادتها ، بل كلنا نعرف ومنذ نعومة أظافرنا أبيات الشعر التي قالها الإمام الشافعي :

يَا أهل بَيْتِ رَسُولِ الله حُبُّكُمُ

 

فَرْضٌ مِنَ الله فِي القُرْآنِ أَنْزَلَهُ

يَكْفِيكُمُ مِنْ عَظِيمِ القدر أَنَّكُمُ

 

مَنْ لَمْ يُصَلِّ عَلَيْكُمْ لاَ صَلاَةَ لَهُ (39)

وكذلك بالنسبة للسلام على الأئمة من أهل البيت ، فكما ذكرت أنّ أمر السلام عليهم كان ظاهراً ومعروفا بين المسلمين ، بل ومذكور في مئات الروايات والتي أظهرتُ عدداً مختصراً منها من صحيح البخاري وغيره رَوماً للاختصار ، فليس معقولاً أنّ عالماً من علماء أهل السنّة لم يقرأ كتبه ومصادره.

فلماذا إذن التمعّض والإنكار لما أمر الله به وأقرّه المسلمون ؟

لماذا لا نسمع سنّيّاً يصلّي على آل محمّد كما أمر الله تعالى ؟

لماذا هذا الترفّع والتمنّع عن طاعة الله ورسوله ؟ لأنّ من لم يطع الله في أمر أوجبه على الناس وفرضه عليهم ، فإنّه لابدّ أن يكون مطيعاً لشيطانه وهواه ، فماذا بعد الحقّ إلا الضلال.

أمّا من الذي يطبّق هذا الأمر الإلهي من المسلمين ؟ ، فهم فقط الشيعة أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، فهم دائما كما نرى ونسمع يسلّمون على أهل البيت ، ويصلّون عليهم طاعة لله واقتداء برسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم.

فأين هذا الأمر الإلهي يا علماء أهل السنّة والجماعة ؟. وإذا تركتموه ورفضتموه وامتعضتم منه وعارضتم أمر ربّكم ، فلماذا تشكّكون بأتباع السنّة الصحيحة ، أتباع مدرسة أهل البيت عليهم السلام ، أَلأنَهُم مطيعون لله ورسوله ؟.

أو أنّه ليس عندكم اعتبار لهذا الأمر الإلهي ؟.

أجيبونا ، وإذا كنتم لا تريدون الجواب وتترفّعون عنه ، فعلى الأقلّ كفّوا ألسنتكم وأيديكم عن أتباع الرسول الأكرم وأهل بيته وشيعتهم ، ولا تحسدوا المؤمنين على إيمانهم وحبّهم وطاعتهم لرسول الله وأهل بيته المعصومين الطاهرين ، رزقنا الله حبّهم وطاعتهم وزيارتهم في الدنيا ، وشفاعتهم في الآخرة ، إنّه نعم المولى ونعم المجيب.

الهوامش

1. تفسير ابن كثير 3 : 524.

2. البقرة : 196 ، وأنظر تفسير القرطبي 2 : 392 حيث قال : واحتجّوا بأحاديث عن عليّ عليه السلام.

3. النساء : 24.

4. تفسير القرطبي ( الجامع لأحكام القرآن ) 5 : 129.

5. تفسير القرطبي ( الجامع لأحكام القرآن ) 14 : 53.

6. تفسير القرطبي ( الجامع لأحكام القرآن ) 19 : 269.

7. تفسير القرطبي ( الجامع لأحكام القرآن ) 20 : 220.

8. راجع صحيح البخاري 1 : 194 ، 3 : 1066 ، 1125 ، 1133 ، 1163 ، 1358 ، 1374 ، 1399 ، 4 : 1481 ، 1612 ، 1619 ، 1911 ، نشر دار ابن كثير ، اليمامة ، بيروت ، الطبعة الثالثة ، 1407 هـ ـ 19887 م.

9. نفس المصدر السابق.

10. نفس المصدر السابق.

11. نفس المصدر السابق.

12. نفس المصدر السابق.

13. نفس المصدر السابق.

14. نفس المصدر السابق.

15. نفس المصدر السابق.

16. نفس المصدر السابق.

17. نفس المصدر السابق.

18. نفس المصدر السابق.

19. نفس المصدر السابق.

20. صحيح البخاري 5 : 2009 ، 2051 ، 2162 ، 2258 ، 2317 ، 4 : 1580 ، دار ابن كثير.

21. نفس المصدر السابق.

22. نفس المصدر السابق.

23. نفس المصدر السابق.

24. نفس المصدر السابق.

25. نفس المصدر السابق.

26. نفس المصدر السابق.

27. صحيح البخاري 3 : 1370 ، دار ابن كثير.

28. نيل الأوطار 3 : 51.

29. البقرة : 154.

30. آل عمران : 169 ـ 170.

31. النساء : 69.

32. المستدرك على الصحيحين 3 : 112 ، سنن ابن ماجة 1 : 44.

33. سنن ابن ماجة بتحقيق محمد فؤائد عبدالباقي 1 : 44 ، ويقصد من الزوائد هو كتاب مصباح الزجاجة في زوائد ابن ماجة للإمام البوصيري.

34. المعجم الكبير 6 : 269.

35. وقد تقدّم ذكر الجميع أثناء طيّات البحث.

36. صحيح مسلم 3 : 63 ، سنن ابن ماجة 1 : 493 ، 2 : 1439 ، سنن النسائي 1 : 94 ، 4 : 93 ـ 94.

37. صحيح البخاري 4 : 118 ، 6 : 27 ، صحيح مسلم 2 : 16 ، سنن ابن ماجة 1 : 293 ، سنن الترمذي 1 : 301.

38. الصواعق المحرقة 2 : 430.

39. الصواعق المحرقة 2 : 435.

مقتبس من كتاب : نهج المستنير وعصمة المستجير / الصفحة : 335 ـ 345

 

أضف تعليق

الصلاة على محمّد وآله

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية