السجدة وما يصحّ السجود عليه

البريد الإلكتروني طباعة

السجدة وما يصحّ السجود عليه

واتّخاذ الأرض مسجداً ، فإن الواجب المتسالم عليه على المصلّي لدى جميع الأمّة المسلمة على بكرة أبيهم أن يسجد على الأرض ، ومرفوعة : جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً. من المتّفق عليه ، أصفق عليها أئمّة المذاهب ، ولا مندوحة لدى الاختيار والامكان من السجود عليها ، أو على ما ينبت منها كما يأتي حديثه.

وأخذ الصحابة الأوّلين حصاة المسجد عند حرارتها في الظهائر وتبريدها بتقليبها باليد كما سيوافيك حديثه يومئ إلى عدم كفاية غيرها مهما يتمكّن المصلّي من السجود عليها ولو بالعلاج ورفع العذر.

وكذلك حديث افتراشه صلّى الله عليه وآله تحت يديه اللباس عند حرارة الحصاة وبرودتها والسكوت عن الافتراش على المسجد والسجود عليه يؤيّد ايجاب السجدة على التراب فحسب ليس الا.

وأمّا حين عدم تيسّر السجود عليها والتمكّن منه لحرارة قارصة أو لايجاب عذر آخر فلا وازع عندئذ من السجود على غيرها. إذ الضرورات تبيح المحظورات.

والأحاديث الواردة في الصلاة على الحصير والفحل (1) والخمرة وأمثالها تسوغ جواز السجدة على ما ينبت من الأرض غير المأكول والملبوس.

والأنسب بالسجدة التي ان هي الّا التصاغر والتذلّل تجاه عظمة المولى سبحانه. ووجاه كبريائه. ان تتّخذ الأرض لديها مسجداً يعفر المصلّي بها خدّه ويرغم أنفه ، لتذكر الساجد لله طينته الوضيعة الخسيسة التي خلق منها ، واليها يعود ، ومنها يعاد تارة أخرى ، حتّى يتعظ بها ، ويكون على ذكر من وضاعة أصله ، ليتأتى له خضوع روحي ، وذل في الباطن. وانحطاط في النفس ، واندفاع في الجوارح إلى العبوديّة ، وتقاعس عن الترفع والأنانيّة ، ويكون على بصيرة من أنّ المخلوق من التراب حقيق وخليق بالذلّ والمسكنة ليس الا.

ولا توجد هذه الأسرار قطّ وقطّ في المنسوج من الصوف والديباح والحرير ، وأمثاله من وسائل الدعة والراحة ، ممّا يري للانسان عظمة في نفسه ، وحرمة وكرامة ومقاماً لديه ، ويكون له ترفعاً وتجبراً واستعلاءاً وينسلخ عند ذلك من الخضوع والخشوع.

وها نحن نقدّم إلى القارئ جميع ما جاء في الصحاح الستّ ، وغيرها من اُمّهات المسانيد والسنن ، من سنّة رسول الله صلّى الله عليه وآله الواردة فيما يصحّ السجود عليه ، ونمضي على ضوئها ونتّخذها سنّة متبعة ، وطريقة حقه لا محيد عنها ، وهي على ثلاثة أقسام.

ما يدلّ على السجود على الأرض

1 ـ جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً.

وفي لفظ مسلم : جعلت لنا الأرض كلّها مسجداً ، وجعلت تربتها لنا طهوراً اذا لم نجد الماء.

وفي لفظ الترمذي : جعلت لي الأرض كلّها مسجداً وطهوراً ، عن علي ، وعبد الله بن عمر ، وأبي هريرة ، وجابر ، وابن عبّاس ، وحذيفة ، وأنس ، وابي امامة ، وأبي ذر. ‌‌‌

وفي لفظ البيهقي : جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً.

وفي لفظ له أيضاً : جعلت لي الأرض طيّبة ومسجداً وأيما أدركته الصلاة صلى حيث كان (1).

2 ـ الأرض لك مسجداً حيثما أدركت الصلاة فصل قاله صلّى الله عليه وآله لأبي ذر (2).

3 ـ ابن عبّاس : انّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم سجد على الحجر. أخرجه الحاكم في المستدرك : 3 / 473 وصحّحه هو والذهبي.

4 ـ أبو سعيد الخدري قال : أبصرت عيناي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى أنفه أثر الماء والطين (3).

5 ـ رفاعة بن رافع مرفوعاً : ثمّ يكبّر فيسجد فيمكن جبهته حتّى تطمئن مفاصلة وتستوي.

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى : 2 / 102.

6 ـ ابن عبّاس ، وأنس ، وبريدة باسناد صحيح مرفوعاً : ثلاثة من الجفاء : يمسح جبهته قبل ان يفرغ من صلاته وفي لفظ واثلة بن الأسقع : لا يمسح الرجل جبهته من التراب حتّى يفرغ من الصلاة (4).

7 ـ جابر بن عبد الله قال : كنت أصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاة الظهر ، فآخذ بيدي قبضة من حصى في كفي تبرد حتّى أسجد عليها من شدّة الحرّ.

وفي لفظ لأحمد : كنّا نصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاة الظهر، وآخذ بيدي قبضة من حصى فأجعلها في يدي الاُخرى حتّى تبرد ثمّ أسجد عليها من شدّة الحرّ.

وفي لفظ البيهقي : كنت أصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم صلاة الظهر فآخذ قبضة من الحصى في كفي حتّى تبرد ، وأضعها بجبهتي اذ سجدت من شدّة الحرّ.

فقال البيهقي : قال الشيخ : ولو جاز السجود على ثوب متّصل به لكان ذلك أسهل من تبريد الحصى في الكف ووضعها للسجود عليها ، وبالله التوفيق.

مسند أحمد : 1 / 327 ، السنن الكبرى : 2 / 105.

8 ـ أنس بن مالك : كنّا نصلّي مع رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في شدّة الحرّ فيأخذ أحدنا الحصباء في يده فاذا برد وضعه وسجد عليه. السنن الكبرى : 2 / 106.

9 ـ خباب بن الأرت قال : شكونا الى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم شدّة الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا.

السنن الكبرى : 2 / 105 ، 107 ، نيل الأوطار : 2 / 268.

10 ـ عمر بن الخطاب : مطرنا من الليل فخرجنا لصلاة الغداة فجعل الرجل يمرّ على البطحاء فيجعل في ثوبه من الحصباء فيصلّي عليه ، فلمّا رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ذاك قال : ما أحسن للذا البساط. فكان ذلك أوّل بدء الحصباء. وأخرج أبو داود عن ابن عمر : مطرنا ذات ليلة فأصبحت الأرض مبتلة فجعل الرجل يأتي بالحصى في ثوبه في فيبسطه تحته. الحديث.

أبو دواد : 1 / 75 ، السنن الكبرى : 2 / 440.

11 ـ عياض بن عبدالله القرشي : رأى رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رجلا يسجد على كور عمامته فأومأ بيده : ارفع عمامتك ، وأومأ الى جبهته.

« السنن الكبرى : 2 / 105 ».

12 ـ علي أمير المؤمنين : اذا كان أحدكم يصلّي فليحسر العمامة عن جبهته.

« السنن الكبرى : 2 / 105 ».

13 ـ نافع : ان عبد الله بن عمر كان اذا سجد وعليه العمامة يرفعها حتّى يضع جبهته بالأرض.

« السنن الكبرى : 2 / 105 ».

14 ـ عبادة بن الصامت انّه كان اذا قام الى الصلاة حسر العمامة عن جبهته.

« السنن الكبرى : 2 / 105 ».

15 ـ أبو عبيدة : انّ ابن مسعود كان لا يصلّي أو لا يسجد الّا على الأرض.

أخرجه الطبراني في الكبير وعنه في المجمع : 2 / 57.

16 ـ ابراهيم انّه كان يقوم على البردي ويسجد على الأرض. قلنا: ما البردي ؟ قال : الحصير.

أخرجه الطبراني في الكبير ، وعنه في المجمع : 2 / 57.

17 ـ صالح بن حيوان السبائي : ان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم رأى رجلاً يسجد بجنبه وقد اعتمّ على جبهته فحسر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم عن جبهته.

السنن الكبرى : 2 / 105 ، نصب الراية للزيلعي : 1 / 386.

فيما ورد من السجود على غير الأرض من دون أيّ عذر

1 ـ أنس بن مالك : أن جدّته مليكة دعت رسول الله صلّى عليه وسلّم لطعام صنعته له فأكل منه ثمّ قال : قوموا فلاُصلّي لكم ، قال أنس : فقمت إلى حصير لنا قد اسودّ من طول ما لبس. فنضحته بماء فقام رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ، وصففت ، واليتيم وراءه ، والعجوز من ورائنا. الحديث.

أخرجه البخاري في صحيحه : 1 / 101 ، وفي صحيح النسائي : 2 / 57 بلفظ :

انّ أم سلمة سألت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أن يأتيها فيصلّي في بيتها فتتّخذه مصلّى فأتاها فعمدت الى حصير فنضحته بماء فصلّى عليه وصلّوا معه.

وفي لفظ ابن ماجة في سننه : 1 / 255 قال : صنع بعض عمومتي للنبي طعاماً فقال للنبي صلّى الله عليه وسلم : انّي احبّ أن تأكل في بيتي وتصلّي فيه قال : فأتاه وفي البيت فحل من هذه الفحول فأمر بناحية منه فكنس ورش فصلّى وصلّينا معه.

فقال : قال أبو عبدالله ابن ماجة : الفحل هو الحصير الذي قد اسودّ.

وفي سنن البيهقي : 2 / 421 : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يقيل (6) عند اُم سليم فتبسط له نطعاً فتأخذ من عرقه فتجعله في طيبها ، وتبسط له الخمرة ويصلّي عليها.

وفي السنن : 2 / 436 بلفظ :

كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم احسن الناس خلقاً فربّما تحضره الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثمّ يقوم فنقوم خلفه فيصلّي بنا. قال : وكان بساطهم من جريد النخل.

وفيه أيضاً بلفظ :

انّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم دخل بيتاً فيه فحل فكسح ناحية منه ورش فصلّى عليه.

قال في هامش السنن : الفحل : حصير معمول من سعف فحال النخل.

وأخرجه الترمذي في الصحيح : 2 / 128 ملخصاً : عن أنس قال : نضح بساط لنا فصلّى عليه.

2 ـ ابن عبّاس : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي على الخمرة.

صحيح الترمذي : 2 / 126 قال الامام ابن العربي المالكي : الخمرة حصير الصلاة.

3 ـ أبو سعيد الخدري : انّه دخل على النبي صلّى الله عليه وسلّم ، فرأيته يصلّي على حصير يسجد عليه.

صحيح مسلم : 2 / 62 ، 128 (7).

4 ـ ميمونة اُمّ المؤمنين : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأنا حذائه وربّما أصابني ثوبه اذا سجد ، وكان يصلّي على خمرة.

البخاري : 1 / 101 ، مسلم : 2 / 128 ، ابن ماجة : 1 / 320 ، النسائي : 2 / 57 ، البيهقي : 2 / 421.

وأخرج مسلم : 1 / 168 عن عائشة قالت : قال لي رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : ناوليني الخمرة من المسجد قالت : انّي حائض فقال : انّ حيضتك ليست في يدك.

5 ـ ابن عمر : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي على الخمرة ويسجد عليها.

أخرجه الطبراني في الكبير والأوسط.

6 ـ اُمّ سلمة اُمّ المؤمنين : كان لرسول الله حصير وخمرة يصلّي عليها. أخرجه أبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط ، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح ، وعن اُمّ حبيبة مثله صحيحاً كما في المجمع : 2 / 57.

7 ـ أنس : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي على الخمرة ويسجد عليها.

أخرجه الطبراني في الأوسط والصغير بأسانيد بعضها صحيح ، رجاله ثقات كما في المجمع : 2 / 57.

فيما ورد من السجود على غير الأرض لعذر

1 ـ أنس بن مالك : كنّا إذا صلّينا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فلم يستطع أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض من شدّة الحرّ طرح ثوبه ثمّ سجد عليه.

وفي لفظ البخاري : كنّا نصلّي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدّة الحرّ في مكان السجود.

وفي لفظ مسلم : كنّا نصلّي مع النبي صلّى الله عليه وسلّم في شدّة الحرّ فاذا لم يستطع (8) أحدنا أن يمكن جبهته من الأرض بسط ثوبه فسجد عليه.

وفي لفظ : كنّا إذا صلّينا مع النبي صلّى الله عليه وسلّم فيضع أحدنا طرف الثوب من شدّة الحرّ مكان السجود (9).

قال الشوكاني في النيل : الحديث يدلّ على جواز السجود على الثياب لاتقاء حرّ الأرض ، وفيه اشارة الى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل ، لتعليق بسط ثوب بعدم الاستطاعة ، وقد استدلّ بالحديث على جواز السجود على الثوب المتّصل بالمصلّي ، قال النووي : وبه قال أبو حنيفة والجمهور اهـ.

2 ـ أنس بن مالك : كنّا إذا صلّينا خلف رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالظهائر سجدنا على ثيابنا اتقاء الحر.

أخرجه ابن ماجة في صحيحه : 2 / 216 وقال الامام السندي في شرحه : الظهائر جمع ظهيرة وهي شدّة الحرّ نصف النهار « سجدنا على ثيابنا » الظاهر انّها الثياب التي هم لابسوها ضرورة ان الثياب في ذلك الوقت قليلة ، فمن أين لهم ثياب فاضلة ؟ فهذا يدلّ على جواز أن يسجد المصلّي على ثوب هو لابسه كما عليه الجمهور اهـ. وعلى هذه الصورة يحمل ما جاء عن ابن عبّاس : رأيت رسول الله يصلّي يسجد على ثوبه (10).

وأخرج البخاري في الصحيح : 1 / 101 في باب السجود على الثوب في شدّة الحرّ : وقال الحسن : كان القوم يسجدون على العمامة والقلنسوة ويداه في كمه.

لفت نظر :

هناك حديث حمله الفقهاء على هذه الصورة أيضاً مع انّه ليس فيه ذكر عن السجدة على الثوب ، ألا وهو :

عن ابن عبّاس : رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في كساء أبيض في غداة باردة يتقي بالكساء برد الأرض بيده ورجله.

وفي لفظ أحمد : لقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم في يوم مطير وهو يتّقي الطين إذا سجد بكساء عليه يجعله دون يديه إلى الأرض إذا سجد.

وعن ثابت بن صامت : انّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قام يصلّي في مسجد بني عبدالأشهل وعليه كساء ملتفّ به يضع يده عليه يقيه برد الحصا.

وفي لفظ : رأيته واضعاً يديه في ثوبه إذا سجد.

في لفظ ابن ماجة : فرأيته واضعاً يديه على ثوبه إذا سجد (11).

قال الشوكاني في نيل الأوطار : الحديث يدلّ على جواز الاتقاء بطرف الثوب الذي على المصلّي ولكن للعذر ، امّا عذر المطر كما في الحديث ، أو الحرّ والبرد كما في رواية ابن أبي شيبة وهذا الحديث مصرح بأن الكساء الذي سجد عليه كان متّصلاً به اهـ.

ونحن لم نر هذا الحمل في محلّه اذ الحديث لا يدلّ بظاهره الّا على اتقاء رسول الله صلّى الله عليه وسلّم بالكساء برد الأرض بيده ورجله فحسب ، وليس فيه ايعاز قطّ الى السجدة والجبهة ، وسبيله سبيل حديث السيّدة عائشة : كان رسول الله إذا صلّى لا يضع تحت قدمية شيئاً الّا انّا مطرنا يوماً فوضع تحت قدمية نطعاً (12).

وهناك مرفوعة أخرجها أحمد في المسند : 4 / 254 عن محمّد بن ربيعة عن يونس بن الحرث الطائفي عن أبي عون عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال : كان رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يصلّي أو يستحب أن يصلّي على فروة مدبوغة (13).

والاسناد ضعيف بالمرة وبمثله يستدلّ في الأحكام ، فيه يونس بن الحرث ، قال أحمد : أحاديثه مضطربة ، وقال عبدالله بن أحمد : سألته عنه مرة اُخرى فضعفه. وعن ابن معين : لا شيء ، وقال أبو حاتم : ليس بقوي ، وقال النسائي : ضعيف. وقال مرة : ليس بالقوي ، وقال ابن أبي شيبة : سألت ابن معين عنه فقال : كنا نضعفه ضعفاً شديداً. وقال الساجي : ضعيف الا انّه لا يتّهم بالكذب.

تهذيب التهذيب : 11 / 437.

وفيه أبو عون عبيدالله بن سعيد الثقفي الكوفي قال أبو حاتم كما في الجرح والتعديل لابنه : هو مجهول. وقال ابن حجر : حديثه عن المغيرة مرسل.

على ان متن المرفوعة ساكت عن السجدة وحكمها ، والملازمة بين الصلاة على الفروة والسجدة عليها منتفية.

القول الفصل :

هذا تمام ما ورد في الصحاح ، والمسانيد مرفوعاً وموقوفاً فيما يجوز السجود عليه برمته ، ولم يبق هناك حديث لم نذكره ، وهي تدلّ بنصّها على أنّ الأصل في ذلك لدى القدرة والإمكان الأرض كلّها ، ويتّبعها المصنوع ممّا ينبت منها أخذاً بأحاديث الخمرة عنه والفحل والحصير والبساط ، ولا مندوحة عنها عند فقدان العذر ، وأمّا في حال العذر وعدم التمكّن منها فيجوز السجود على الثوب المتّصل دون المنفصل لعدم ذكره في السنة.

وأمّا السجدة على الفراش والسجاد والبسط المنسوجة من الصوف والوبر والحرير ، وأمثالها والثوب المنفصل فلا دليل يسوغها قطّ ، ولم يرد في السنّة أيّ مستند لجوازها ، وهذه الصحاح الستّ وهي تتكفّل بيان أحكام الدين ولا سيّما الصلاة التي هي عماده ، لم يوجد فيها ولا حديث واحد ، ولا كلمة ايماء وايعاز إلى جواز ذلك.

وكذلك بقيّة أصول الحديث من المسانيد والسنن المؤلّفة في القرون الأولى الثلاثة ليس فيها أيّ أثر يمكننا الاستدلال به على جواز ذلك من مرفوع أو موقوف ، من مسند أو مرسل.

فالقول بجواز السجود على الفرش والسجاد والالتزام بذلك. وافتراش المساجد بها للسجود عليها كما تداول عند الناس بدعة محضة. وأمر محدث غير مشروع. يخالف سنّة الله وسنّة رسوله ، ولن تجد لسنّة الله تحويلاً. وقد أخرج الحافظ الكبير الثقة أبو بكر ابن أبي شيبة باسناده في المصنّف في المجلّد الثاني عن سعيد بن المسيّب وعن محمّد بن سيرين : انّ الصلاة على الطنفسة محدث ، وقد صحّ عن رسول الله صلّى الله عليه وآله قوله : شرّ الأمور محدثاتها ، وكلّ محدثة بدعة.

الهوامش

1. الفحل بمعنى الخمرة.

2. صحيح البخاري : 1 / 86 ، 113 ، صحيح مسلم : 2 ، 64 ، صحيح النسائي : 2 / 32 ، صحيح أبي داود : 1 / 79 ، صحيح الترمذي : 2 / 114 ، السنن الكبرى : 2 / 433 ، 435.

3. صحيح النسائي : 2 / 32.

4. صحيح البخاري : 1 / 173 ، 198 ، 2 / 253 ، 254 ، 256 ، 258 ، 259 ، سنن أبي داود : 1 / 143 ، 144 ، السنن الكبرى : 2 / 104.

5. أخرجه البزار والطبراني راجع مجمع الزوايد : 83 ، 84.

6. من قال يقيل قيلولة. نام في القائلة : أيّ منتصف النهار.

7. وأخرجه ابن ماجة في السنن : 1 / 321 ، والترمذي في جامعه : 2 / 127 وليس فيها : يسجد عليه.

8. في لفظ ابن ماجة : لم يقدر.

9. البخاري : 1 / 101 ، مسلم : 2 / 109 ، ابن ماجة : 1 / 321 ، أبو داود : 1 / 106 ، سنن الدارمي : 1 / 308 ، مسند أحمد : 1 / 100 ، السنن الكبرى : 2 / 10 ونيل الأوطار : 2 / 268.

10. أخرجه أبو يعلى. والطبراني في الكبير.

11. سنن ابن ماجة : 1 / 321 ، السنن الكبرى : 2 / 108 ، نصب الراية : 1 / 386 ، نيل الأوطار : 2 / 269 ، 275.

12. أخرجه الطبراني في الأوسط ، والبيهقي : 2 / 436 ، وضعفه الهيثمي في المجمع : 2 / 57 ، لمكان ابراهيم بن اسحاق الضبي في اسناده.

13. وأخرجه أبو داود : 1 / 106 ، والبيهقي في السنن : 2 / 420 بالاسناد المذكور.

مقتبس من كتاب : [ السجود على التربة الحسينية ] / الصفحة : 27 ـ 49

 

أضف تعليق

السجود

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية