أدلّة الرجعة : وقوعها في الاُمم السابقة

البريد الإلكتروني طباعة

أدلّة الرجعة : وقوعها في الاُمم السابقة

لقد حدّثنا القرآن الكريم بصريح العبارة وبما لا يقبل التأويل أو الحمل عن رجوع أقوام من الاُمم السابقة إلىٰ الحياة الدنيا رغم ما عرف وثبت من موتهم وخروجهم من الحياة إلىٰ عالم الموتىٰ ، فإذا جاز حدوثها في الأزمنة الغابرة ، فلم لا يجوز حدوثها مستقبلاً : ( سُنَّةَ اللهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلًا ) (1).

روىٰ الشيخ الصدوق بالإسناد عن الحسن بن الجهم ، قال : قال المأمون للرضا عليه السلام : يا أبا الحسن ، ما تقول في الرجعة ؟

فقال عليه السلام : « إنّها الحقّ ، قد كانت في الاُمم السالفة ونطق بها القرآن ، وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم : يكون في هذه الاُمّة كل ما كان في الاُمم السالفة حذو النعل بالنعل والقذّة بالقذّة ، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : إذا خرج المهدي من ولدي نزل عيسىٰ بن مريم عليه السلام فصلّىٰ خلفه ، وقال صلّى الله عليه وآله وسلّم : إنَّ الإسلام بدأ غريباً وسيعود غريباً ، فطوبىٰ للغرباء. قيل : يا رسول الله ، ثمّ يكون ماذا ؟ قال صلّى الله عليه وآله وسلّم : ثمّ يرجع الحقّ إلىٰ أهله » (2).

وفيما يلي نقرأ ونتأمل الآيات الدالة علىٰ إحياء الموتىٰ وحدوث
__________________
(١) سورة الأحزاب ٣٣ : ٦٢.
(٢) بحار الأنوار ٥٣ : ٥٩ / ٤٥.
١٨
الرجعة في الاُمم السابقة :
إحياء قوم من بني إسرائيل :
قال تعالىٰ : ( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ ) (١).
فجميع الروايات الواردة في تفسير هذه الآية المباركة تدل علىٰ أنَّ هؤلاء ماتوا مدة طويلة ، ثم أحياهم الله تعالىٰ ، فرجعوا إلىٰ الدنيا ، وعاشوا مدة طويلة.
قال الشيخ الصدوق : كان هؤلاء سبعين ألف بيت ، وكان يقع فيهم الطاعون كلّ سنة ، فيخرج الأغنياء لقُوّتهم ، ويبقىٰ الفقراء لضعفهم ، فيقلّ الطاعون في الذين يخرجون ، ويكثر في الذين يقيمون ، فيقول الذين يقيمون : لو خرجنا لما أصابنا الطاعون ، ويقول الذين خرجوا ، لو أقمنا لأصابنا كما أصابهم.
فأجمعوا علىٰ أن يخرجوا جميعا من ديارهم إذا كان وقت الطاعون ، فخرجوا بأجمعهم ، فنزلوا علىٰ شط البحر ، فلمّا وضعوا رحالهم ناداهم الله : موتوا ، فماتوا جميعاً ، فكنستهم المارّة عن الطريق ، فبقوا بذلك ما شاء الله.
ثم مرّ بهم نبيّ من أنبياء بني إسرائيل يقال له أرميا (٢) ، فقال : لو شئت
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٢٤٣.
(٢) في رواية الشيخ الكليني في الكافي ٨ : ١٧٠ / ٢٣٧ عن الإمام الباقر عليه‌السلام ورواية السيوطي
١٩
يا ربِّ لأحييتهم ، فيعمروا بلادك ، ويلدوا عبادك ، ويعبدوك مع من يعبدك ، فأوحىٰ الله تعالىٰ إليه : أفتحبَّ أن أحييهم لك ؟ قال : نعم. فأحياهم الله تعالىٰ وبعثهم معه ، فهؤلاء ماتوا ، ورجعوا إلىٰ الدنيا ، ثم ماتوا بآجالهم (١).
فهذه رجعة إلىٰ الحياة الدنيا بعد الموت ، وقد سأل حمران بن أعين الإمام أبا جعفر الباقر عليه‌السلام عن هؤلاء ، قائلاً : أحياهم حتىٰ نظر الناس إليهم ، ثم أماتهم من يومهم ، أو ردّهم إلىٰ الدنيا حتىٰ سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ، ونكحوا النساء ؟
قال عليه‌السلام : ‎« بل ردّهم الله حتىٰ سكنوا الدور ، وأكلوا الطعام ، ونكحوا النساء ، ولبثوا بذلك ما شاء الله ، ثم ماتوا بآجالهم » (٢).
إحياء عزير أو أرميا :
قال تعالىٰ : ( أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَىٰ قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَىٰ عُرُوشِهَا قَالَ أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ قَالَ كَمْ لَبِثْتَ قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ قَالَ بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَىٰ طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ وَانظُرْ إِلَىٰ حِمَارِكَ وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ وَانظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ) (٣).
__________________
عن السدّي عن أبي مالك وغيره : يقال له حزقيل.
(١) الاعتقادات ، للصدوق : ٦٠ نشر مؤتمر الذكرىٰ الألفية للشيخ المفيد. والدر المنثور ، للسيوطي ١ : ٧٤١ ـ ٧٤٣ دار الفكر ـ بيروت.
(٢) تفسير العياشي ١ : ١٣٠ / ٤٣٣ المكتبة العلمية ـ طهران.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٢٥٩.
٢٠
لقد اختلفت الروايات والتفاسير في تحديد هذا الذي مرَّ علىٰ قرية ، لكنها متّفقة علىٰ أنّه مات مائة سنة ورجع إلىٰ الدنيا وبقي فيها ، ثم مات بأجله ، فهذه رجعة إلىٰ الحياة الدنيا.
قال الطبرسي : الذي مرَّ علىٰ قرية هو عزير ، وهو المروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام وقيل : هو أرميا ، وهو المروي عن أبي جعفر عليه‌السلام (١).
وروىٰ العياشي بالإسناد عن إبراهيم بن محمد ، قال : ذكر جماعة من أهل العلم أنَّ ابن الكواء الخارجي قال لأمير المؤمنين علي عليه‌السلام : يا أمير المؤمنين ، ما ولد أكبر من أبيه من أهل الدنيا ؟
قال عليه‌السلام : «‎ نعم ، أُولئك ولد عزير ، حيث مرَّ علىٰ قرية خربة ، وقد جاء من ضيعة له ، تحته حمار ، ومعه شنّة فيها تين ، وكوز فيه عصير ، فمرَّ علىٰ قريةٍ خربةٍ ، فقال : ( أَنَّىٰ يُحْيِي هَٰذِهِ اللهُ بَعْدَ مَوْتِهَا فَأَمَاتَهُ اللهُ مِائَةَ عَامٍ ) فتوالد ولده وتناسلوا ، ثمَّ بعث الله إليه فأحياه في المولد الذي أماته فيه ، فأُولئك وُلده أكبر من أبيهم » (٢).
إحياء سبعين رجلاً من قوم موسىٰ عليه‌السلام :
قال تعالىٰ : ( وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى اللهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُم مِّن بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ) (٣).
هاتان الآيتان تتحدثان عن قصة المختارين من قوم موسىٰ عليه‌السلام لميقات
__________________
(١) مجمع البيان ، للطبرسي ٢ : ٦٣٩ دار المعرفة ـ بيروت.
(٢) تفسير العياشي ١ : ١٤١ / ٤٦٨ المكتبة العلمية ـ طهران.
(٣) سورة البقرة ٢ : ٥٥ ـ ٥٦.
٢١
ربه ، وذلك أنّهم لمّا سمعوا كلام الله تعالىٰ قالوا : لا نصدّق به حتىٰ نرىٰ الله جهرة ، فأخذتهم الصاعقة بظلمهم فماتوا ، فقال موسى عليه‌السلام : «‎ يا ربِّ ، ما أقول لبني إسرائيل إذا رجعت إليهم » فأحياهم الله له ، فرجعوا إلىٰ الدنيا ، فأكلوا وشربوا ، ونكحوا النساء ، وولد لهم الأولاد ، ثم ماتوا بآجالهم (١).
فهذه رجعة أُخرىٰ إلىٰ الحياة الدنيا بعد الموت لسبعين رجلاً من بني إسرائيل ، قال تعالىٰ : ( وَاخْتَارَ مُوسَىٰ قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلًا لِّمِيقَاتِنَا فَلَمَّا أَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُم مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السُّفَهَاءُ مِنَّا ) (٢).
المسيح عليه‌السلام يحيي الموتىٰ :
ذكر في القرآن الكريم في غير مورد إحياء المسيح للموتىٰ ، قال تعالىٰ لعيسى عليه‌السلام : ( وَإِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِي ) (٣) ، وقال تعالىٰ حاكياً عنه : ( وَأُحْيِي الْمَوْتَىٰ بِإِذْنِ اللهِ ) (٤).
فكان بعض الموتىٰ الذين أحياهم عيسى عليه‌السلام بإذن الله تعالىٰ قد رجعوا إلىٰ الدنيا وبقوا فيها ثم ماتوا بآجالهم (٥).
__________________
(١) الاعتقادات ، للصدوق : ٦١.
(٢) سورة الاعراف ٧ : ١٥٥.
(٣) سورة المائدة ٥ : ١١٠.
(٤) سورة آل عمران ٣ : ٤٩.
(٥) الكافي ٨ : ٣٣٧ / ٥٣٢. وتفسير العياشي ١ : ١٧٤ / ٥١.
٢٢
إحياء أصحاب الكهف :
هؤلاء كانوا فتية آمنوا بالله تعالىٰ ، وكانوا يكتمون إيمانهم خوفاً من ملكهم الذي كان يعبد الأصنام ويدعو إليها ويقتل من يخالفه ، ثم اتّفق أنّهم اجتمعوا وأظهروا أمرهم لبعضهم ، ولجأوا إلىٰ الكهف ( وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعًا ) (١) ثم بعثهم الله فرجعوا إلىٰ الدنيا ليتساءلوا بينهم وقصتهم معروفة.
فإن قال قائل : إنَّ الله عزَّ وجلَّ قال : ( وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقَاظًا وَهُمْ رُقُودٌ ) (٢) وليسوا موتىٰ. قيل له : رقود يعني موتىٰ ، قال تعالىٰ : ( وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَإِذَا هُم مِّنَ الْأَجْدَاثِ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يَنسِلُونَ * قَالُوا يَا وَيْلَنَا مَن بَعَثَنَا مِن مَّرْقَدِنَا هَٰذَا مَا وَعَدَ الرَّحْمَٰنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ ) (٣) ، ومثل هذا كثير (٤).
وروىٰ يوسف بن يحيىٰ المقدسي الشافعي في ( عقد الدرر ) عن الثعلبي في تفسيره في قصة أصحاب الكهف ، قال : ( وأخذوا مضاجعهم ، فصاروا إلىٰ رقدتهم إلىٰ آخر الزمان عند خروج المهدي عليه‌السلام ، يقال : إنَّ المهدي يسلّم عليهم فيحييهم الله عزَّ وجلَّ ) (٥) ، وهو يدلُّ علىٰ رجعتهم في آخر الزمان.
__________________
(١) سورة الكهف ١٨ : ٢٥.
(٢) سورة الكهف ١٨ : ١٨.
(٣) سورة يس ٣٦ : ٥١ ـ ٥٢.
(٤) راجع الاعتقادات ، للصدوق : ٦٢.
(٥) عقد الدرر : ١٩٢ نشر دار النصايح ـ قم.
٢٣
إحياء قتيل بني إسرائيل :
روىٰ المفسرون أنَّ رجلاً من بني إسرائيل قتل قريباً له غنياً ليرثه وأخفىٰ قتله له ، فرغب اليهود في معرفة قاتله ، فأمرهم الله تعالىٰ أن يذبحوا بقرة ويضربوا بعض القتيل ببعض البقرة ، ليحيا ويخبر عن قاتله ، وبعد جدال ونزاع قاموا بذبح البقرة ، ثم ضربوا بعض القتيل بها ، فقام حياً وأوداجه تشخب دماً وأخبر عن قاتله ، قال تعالىٰ ( فَقُلْنَا اضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا كَذَٰلِكَ يُحْيِي اللهُ الْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ) (١).
إحياء الطيور لإبراهيم عليه‌السلام بإذن الله :
ذكر المفسرون أنّ إبراهيم عليه‌السلام رأىٰ جيفة تمزّقها السباع ، فيأكل منها سباع البرّ وسباع البحر ، فسأل الله سبحانه قائلاً ‎« يا ربِّ ، قد علمت أنّك تجمعها في بطون السباع والطير ودواب البحر ، فأرني كيف تحييها لاُعاين ذلك » ؟ قال سبحانه : ( وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَىٰ قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَىٰ وَلَٰكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي قَالَ فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ ثُمَّ اجْعَلْ عَلَىٰ كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ) (٢).
فأخذ طيوراً مختلفة الأجناس ، قيل : إنّها الطاووس والديك والحمام والغراب ، فقطعها وخلط ريشها بدمها ، ثم فرقها علىٰ عشرة جبال ، ثم أخذ بمناقيرها ودعاها باسمه سبحانه فأتته سعياً ، فكانت تجتمع ويأتلف
__________________
(١) سورة البقرة ٢ : ٧٣. وراجع قصص الأنبياء ، للثعلبي : ٢٠٤ ـ ٢٠٧ المكتبة الثقافية ـ بيروت.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٢٦٠.
٢٤
لحم كل واحدٍ وعظمه إلىٰ رأسه ، حتىٰ قامت أحياء بين يديه (١).
إحياء ذي القرنين :
اختلف في ذي القرنين فقيل : إنّه نبي مبعوث فتح الله علىٰ يديه الأرض ، عن مجاهد وعبدالله بن عمر. وقيل : إنّه كان ملكاً عادلاً.
وروي بالإسناد عن أبي الطفيل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه‌السلام : ‎ « إنّه كان عبداً صالحاً أحبَّ الله فأحبّه وناصح الله فناصحه ، قد أمر قومه بتقوىٰ الله ، فضربوه علىٰ قرنه فمات ، فأحياه الله ، فدعا قومه إلىٰ الله ، فضربوه علىٰ قرنه الآخر فمات ، فسميَّ ذا القرنين ». قال عليه‌السلام : ‎ « وفيكم مثله » (٢) يعني نفسه عليه‌السلام (٣).
وفي رواية علي بن إبراهيم عن الإمام الصادق عليه‌السلام : «‎ إنَّ ذا القرنين بعثه الله إلىٰ قومه ، فضربوه علىٰ قرنه الأيمن ، فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه إليهم بعد ذلك ، فضربوه علىٰ قرنه الأيسر ، فأماته الله خمسمائة عام ثم بعثه إليهم بعد ذلك ، فملّكه مشارق الأرض ومغاربها من حيث تطلع الشمس إلىٰ حيثُ تغرب » (٤).
إحياء أهل أيوب عليه‌السلام :
قال تعالىٰ : ( وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ ) قال ابن عباس وابن مسعود : ردَّ الله سبحانه عليه أهله ومواشيه وأعطاه مثلها معها. وبه قال الحسن
__________________
(١) راجع تفسير القمي ١ : ٩١. وتفسير العياشي ١ : ١٤٢ / ٤٦٩.
(٢) تفسير الطبري ١٦ : ٨ دار المعرفة ـ بيروت.
(٣) تفسير الطبرسي ٦ : ٧٥٦ دار المعرفة ـ بيروت.
(٤) تفسير القمي ٢ : ٤٠.
٢٥
وقتادة وكعب ، وهو المروي عن أبي عبدالله عليه‌السلام (١).
هذه الحالات جميعاً تشير إلىٰ الرجوع للحياة بعد الموت في الاُمم السابقة ، وقد وقعت في أدوار وأمكنة مختلفة ، ولأغراض مختلفة ، ولأشخاص تجد فيهم الأنبياء والأوصياء والرعية ، وهي دليل لا يُنازع فيه علىٰ نفي استحالة عودة الأموات إلىٰ الحياة الدنيا بعد الموت.
وهنا من حقنا أن نتساءل : ما المانع من حدوث ذلك في المستقبل لغرض لعلّه أسمىٰ من جميع الأغراض التي حدثت لأجلها الرجعات السابقة ؟ ألا وهو تحقيق مواعيد النبوات وأهداف الرسالات في نشر مبادئ العدالة وتطبيق موازين الحق علىٰ أرض دنّستها يد الجناة والظلمة ، وأشبعتها ظلماً وجوراً حتىٰ عادت لا تطاق ( وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِن بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ ) (٢) وقال تعالىٰ : ( فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ ).
ويعزّز الدليل علىٰ حدوث الرجعة في المستقبل كما حدثت في الاُمم الغابرة ما روي عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال : ‎« لتتبعنَّ سنن الذين من قبلكم شبراً بشبرٍ وذراعاً بذراع حتىٰ لو سلكوا جُحر ضبّ لسلكتموه » قالوا : اليهود والنصارىٰ ؟ قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «‎ فمن » (٣).
__________________
(١) تفسير الطبرسي ٧ : ٩٤. وتفسير الطبري ١٧ : ٥٨. وقصص الأنبياء ، للثعلبي : ١٤٤. والآية من سورة الأنبياء ٢١ : ٨٤.
(٢) سورة الأنبياء ٢١ : ١٠٥.
(٣) كنز العمال ، للمتقي الهندي ١١ : ١٣٣ / ٣٠٩٢٣. وروىٰ نحوه الشيخ الصدوق في كمال الدين : ٥٧٦ جماعة المدرسين ـ قم.
مقتبس من كتاب : [ الرجعة أو العودة إلى الحياة الدنيا بعد الموت ] ، الصفحة : 18 إلى 26

 

أضف تعليق

الرجعة

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية