كيف تثبتون عصمة الأولياء مع ثبوت ذلك للأنبياء فقط ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

إخوتي أتباع المذهب الشيعي :

عصمة الأنبياء فيها دليل واضح وقطعي في القران الكريم ، وذلك لأنّهم رسل يؤدّون الأمانة والرسالة ، أمّا عصمة الأولياء ـ وخاصّة عدد معيّن أنتم تتّبعونهم ـ فلا دليل قطعي في القرآن ، بل تفسير لآيات بما أنتم ترونه يناسب. لماذا الله الرحيم يحيّر عبده بإعتقاد واجب غيبي ؟

كلّ هذا الدفاع منكم عن الموضوع كي تجعلوا الأولياء المعنيين كالرسل ، ثمّ تبنوا علی أقوالهم مذهب وتوجّه دين خاصّ ما أنزل الله به من سلطان واضح ، وكلّ ما تفعلونه يجعلكم تهملون وتبتعدون عن المقائد الأول صحاب الرسالة الحبيب المصطفی ، والدليل عند متابعة أي موضوع فقهي علی المذهب الجعفري يكون أقوال الرسول المعصوم !! إمّا قليلة أو غير موجودة مقارنة بالأولياء المتبعين منكم.

4069

الجواب :

أخي العزيز :

أوّلاً : كثير من علماء أهل السنّة لا يرون لزوم عصمة الأنبياء والرسل ، ويستدلّون بالقرآن الكريم مثل قوله تعالى : ( وَعَصَىٰ آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَىٰ ) [ طه : 121 ] ، وقوله تعالى : ( فَوَكَزَهُ مُوسَىٰ فَقَضَىٰ عَلَيْهِ قَالَ هَـٰذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ ) [ القصص : 15 ] ، وقول موسى لفرعون : ( فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ ) [ الشعراء : 20 ] ، وقوله تعالى في قصّة يوسف : ( وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلَا أَن رَّأَىٰ بُرْهَانَ رَبِّهِ ) [ يوسف : 24 ] ، وقوله تعالى للنبي محمّد صلّى الله عليه وآله : ( لِّيَغْفِرَ لَكَ اللَّـهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ ) [ الفتح : 2 ] ، وقوله تعالى أيضاً : ( عَفَا اللَّـهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ ) [ التوبة : 43 ] ، وقوله تعالى : ( وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا ) [ الإسراء : 74 ] ، وقوله تعالى : ( لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) [ الزمر : 65 ].

ومن القائلين بجواز صدور المعصية من الأنبياء ـ قبل النبوّة ـ ، المفسّر الكبير الفخر الرازي ، وأبو هذيل ، وأبو علي الجبائي.

بل قال بعضهم انّه يجوز صدور الكبائر والصغائر عن الأنبياء عمداً وسهواً وخطأً ، وهو قول الحشويّة ، وكثير من أصحاب الحديث من أهل السنّة.

نعم ، علماء الشيعة تبعاً لأئمّة أهل البيت عليهم السلام ذهبوا إلى عصمة الأنبياء والرسل من جميع المعاصي والذنوب ، بل من السهو والنسيان ، وقد ذكروا تأويلات وتوجيهات للآيات المتقدّمة لا تتنافي مع عصمة الأنبياء ؛ فراجع احتجاج الإمام الرضا عليه السلام على المأمون العباسي في حديث طويل يذكر فيه الإمام عليه السلام تأويل وتفسير الآيات. [ بحار الأنوار للشيخ المجلسي/ المجلّد : 11 / الصفحة : 78 ـ 85 ، وعيون أخبار الرضا عليه السلام للشيخ الصدوق / الصفحة : 108 ـ 114 ، والإحتجاج للطبرسي / الصفحة 233 ـ 237 ].

ثانياً : الإمامة والخلافة عند الشيعة امتداد لخطّ النبوّة والرسالة ؛ لأنّ الله تعالى ورسوله لم يتركا الأمّة سدىً وبلا راع وحجّة من الله بعد وفاة النبي صلّى الله عليه وآله ، ولذلك جمع رسول الله صلّى الله عليه وآله المسلمين وهم أكثر من مائة ألف في غدير خم بعد حجّة الوداع ، وعيّن عليّاً عليه السلام أمير المؤمنين وإماماً وخليفة من بعده ، وقال : « من كنت مولاه فعليّ مولاه اللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه ».

فراجع كتاب الغدير للشيخ الأميني ، خصوصاً الجزء الأوّل لترى مصادر هذا الحديث من طرق أهل السنّة. ومن أراد الحقّ والحقيقة فليترك التعصّب ويفحص عن الواقع بعين البصيرة.

ثالثاً : الإمام لابدّ أن يكون معصوماً كالنبي والرسول. ودليل العصمة عقلي ، ولا فرق فيه بين النبي أو وصيّه الذي نصبه الله خليفة وحجّة من الله تعالى على العباد بعد النبي صلّى الله عليه وآله ، لقوله تعالى : ( وَإِذِ ابْتَلَىٰ إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ) [ البقرة : 124 ]. والمراد من العهد هو منصب الإمامة ، فلا ينالها من ارتكب المعاصي والذنوب أو كان كافراً أو مشركاً ولو في لحظة من حياته ، لأنّ الشرك لظلم عظيم.

وقد أعطى الله تعالى لابراهيم مقام الإمامة : ( جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ) بعد أن أعطاه الله مقام النبوّة والرسالة ، بعد أن جعله خليلاً ، لأنّ الله تعالى ابتلاه بذبح ابنه إسماعيل ، وقد كان إبراهيم نبيّاً ورسولاً قبل أن يولد إسماعيل ، حيث أنّ الله رزقه الولد بعد ان كان شيخاً كبيراً ، حيث يقول : ( الْحَمْدُ لِلَّـهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ ) [ ابراهيم : 39 ]. فكان ابراهيم نبيّاً ورسولاً ثمّ أعطاه الله إسماعيل ، ثمّ ابتلاه فأمره بذبح ابنه إسماعيل ، وبعد ان نجح في الإمتحان وعمل بما أمره الله تعالى جعله الله إماماً ، ( إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ).

وقد اعترف الفخر الرازي في تفسيره بأنّه يمكن ان يكون المراد من العهد الإمامة ، قال المراد بهذا العهد إمّا عهد النبوّة أو عهد الإمامة ، فان كان المراد عهد النبوّة ثبت المطلوب ـ أيّ لزوم عصمة النبي بعد النبوّة ـ ، وان كان المراد عهد الإمامة فكذلك ؛ لانّ كلّ نبي لابدّ ان يكون إماماً يؤثم به وتقتدى به ، فالآية على جميع التقديرات تدلّ على انّ النبي لا يكون مذنباً.

 
 

التعليقات   

 
# عمرو محمد السيد محمد 2022-12-18 00:33
السلام على من اتبع الهدى وبعد فأنا لي أكثر من تعليق وأتمنى رحابة الصدر
أولاً قولك أن كثير من علماء السنه يرون عدم عصمة الأنبياء واحدة من اثنين إما جهل أو تدليس فأنا كمتبع ليس بعالم ما تعلمناه علي يد علمائنا ولم نجد لهم مخلف في مذهبنا أن العصمه واجبه لجميع الانبباء وهم من أولوا وفسروا هذه الايات وأنا ليس لدي علم أن الشيعه أولوا أو فسروا ذلك ربما قد فعلوا ذلك والله أعلم
ثانياً قولك أن الامامه عندكم هي إرادة الله أن تكون امتداداً لهدي النبوه أيضاً حجة عليكم لا لكم فإن قلتم ذلك ومعلوم أنه قد نفذ خلافها فهذا والعياذ بالله خرق لإرادة الله فقد كفرتم لقول الله سبحانه وتعالى ( إنما أمره إذا أراد شيً أن يقول له كن فيكون) وكيف تخالف إرادة الله في أمر مثل هذا لقد إدعيتم كفر الصحابة جميعاً عدا أربعه وبناً عليه يكفر كل من أتي بعدهم من علي منهجهم فكيف أن الله خالف إرادته وجعل سواد هذه الامه علي ما كان عليه الصحابه ومنهم آل البيت رضوان الله علي الجميع.
ثالثاً احتجاجك علينا بمن أقحمتهم في أهل السنه كذباً وزورا من المعتزلة وغيرهم ليس بحجه وإن كنت تريد الإحتجاج علينا فاحتج بأئمة مذهبنا وأتحداك أن تأتي بقول أحد من أعلامنا كالفقهاء الأربعه وغيرهم كثير يقول أن العصمه غير واجبه في حق الأنبياء وعليه فيجوز عليهم الوقوع في المعصية وتستشهد بإسم الكتاب وصاحبه وإلا كان كلامك مرسل وافتراء ومن أشهر الأقوال المأثورة عن أئمتنا في عصمة الأنبياء قول الإمام مالك رحمه الله ( كل يؤخذ منه ويرد عليه إلا صاحب هذا البر ) يعني النبي صلي الله عليه وسلم وقولك أيضا أن علمائنا قالوا أنه يجوز السهو والنسيان في حق الني صلي الله عليه وسلم بل ويجوز عليهم الصغائر والكبائر فهذا افتراء لا يقول به أحد من أهل القبله من الصبي حتي الشيخ فضلاً عن أن يقول ذلك أحد علمائنا ومن قال ذلك فهو كافر بالإجماع هذا في اقتراف النبي الصغائر فضلاً عن الكبائر أما السهو والنسيان في حق الانبياء فنفرق فيه بين أمرين سهوه أو نسيانه لأمر من الدين قبل تبليغه فهذا معصوم منه الانبياء وإلا ضاع الدين أما بعد التبليغ فيجوز لحكمة أرادها الله ومن ذلك مثال سهوه صلي الله عليه وسلم في صلاة الظهر فصلاها ركعتين فلما انتهي سأله أحد أصحابه أسهوٌ أم قصر قال بل سهو فشرع الله سحكما للسهو لعلمه أنه سيقع من الناس بفطرتهم فأرشدهم إلي ذلك
ختاماً كما تطلب منا أن نبحث عن الحق نطلبه أيضا منكم جميعاً معشر الشيعه فوالله ما أنتم عليه اليوم وما كان عليه أسلافكم لا يرضاه الله ورسوله ولا آل بيته الطاهرين اللهم بلغت اللهم فاشهد.
وأسف علي الاطاله
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+1 # السيّد جعفر علم الهدى 2023-03-03 15:12
أمّا روايات أهل السنّة في سهو النبي بل عدم اعتقاده بنبوّته حينما بعث ، فهي كثيرة :
أ : روى البخاري بالإسناد إلى جابر بن عبد الله انّه قال : انّ النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم جاءه عمر بن الخطاب يوم الخندق ، فقال : يا رسول الله ما كدت ان اصلّي حتّى كادت الشمس تغرب ، وذلك بعدما أفطر الصائم ، فقال النبي صلّى الله عليه وآله : والله ما صلّيتها ، فنزل النبي صلّى الله عليه وآله إلى بطحان وأنا معه ، فتوضّأ ثمّ صلّى العصر بعدما غربت الشمس ، ثمّ صلّى بعدها المغرب ، فالنبي نسي صلاة العصر فذكّره عمر.
ب : اعتراض عمر على النبي صلّى الله عليه وآله في الصلاة على عبد الله بن ابي المنافق يدلّ على انّه ارتكب ما نهاه الله عنه ، فعمر كان لا يعتقد بعصمة النبي صلّى الله عليه وآله :
لمّا توفّي عبد الله بن اُبي ، جاء ابنه إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : يا رسول الله اعطني قميصك اكفنه ، وصلّ عليه ، واستغفر له. فأعطاه قميصه ، وقال : إذا افرغت منه فآذنا. فلمّا فرغ آذنه به ، فجاء ليصلّي عليه ، فجذبه عمر ، فقال : أليس قد نهاك الله ان تصلّي على المنافقين ؟ فقال : استغفر لهم أو لا تستغفر لهم ان تستغفر لهم سبعين مرّة فلن يغفر الله لهم. فنزلت : ( وَلَا تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلَا تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ ) ، فترك الصلاة عليهم. والعجيب أنّ الله تعالى قد أيّد رأي عمر بحسب هذه الرواية. [ صحيح البخاري / ج 7 / ص 462 ]
ج : عن عائشة قالت : سمع النبي صلّى الله عليه وآله رجلاً يقرأ في المسجد ، فقال : رحمه الله لقد اذكر في كذا وكذا آية اسقطتها في سورة كذا وكذا. [ صحيح البخاري ]
د : عن أبي هريرة قال : اقيمت الصلاة وعدلت الصفوف قياما ، فخرج إلينا رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فلمّا قام مصلّاه ذكر انّه جنب ، فقال لنا : مكانكم ، ثمّ رجع فاغتسل ، ثمّ رجع إلينا ورأسه يقطر ، فكبّر فصلّينا معه.
هـ : قال عمر ـ حينما طلب النبي صلّى الله عليه وآله في مرضه وقال : ايتوني بدواة وكتف اكتب لكم ما الا تضلّوا بعدي أبداً ـ : انّ الرجل ليهجر ، وعلى الأقلّ قال : انّ النبي غلبه الوجع. والروايات بذلك كثيرة في الصحاح.
ثمّ انّ أصحّ كتب أهل السنّة هو صحيح البخاري ، وهذا كتاب يحتوي على أحاديث كثيرة تدلّ على عدم عصمة النبي صلّى الله عليه وآله بحيث لا يمكن تأويلها وتفسيرها ، ولنذكر نماذج لها :
أ : بدأ البخاري كتابه عن بدء الوحي بحديث فيه فرية على النبي صلّى الله عليه وآله ، بأنّه من الأساس لم يكن على يقين من بعثته ، بل كان في شكّ وحيرة ، وانّه اطمأنّ بنبوّته بقول ورقة بن نوفل ، ثمّ تأخّر عنه الوحي ، فعاد إليه الشكّ وقرّر ان يتخيّر.
ب : روى حديثاً بأنّ النبي صلّى الله عليه وآله غير معصوم حتّى في تبليغ الرسالة ، فقد غلبه الشيطان ، فخان الرسالة وغيّر القرآن ، واستبدل ذمّ أصنام قريش بمدحها ، وسجد لها هو والمشركون.
ج : زعم انّ نبيّنا صلّى الله عليه وآله عصبي المزاج ، سيّء الأخلاق مع المسلمين ، كما في قصّة نزول عبس وتولّى.
د : زعم انّ النبي صلّى الله عليه وآله ساذج ضعيف الشخصيّة والتدبير ، يقع في أخطاء وفظيعة ، فيصحّحها عمر ، وينزل الوحي موبخاً له ومؤيّداً لعمر.
هـ : وزعم انّ النبي ظالم لقومه قريش ، فقد ظلمهم في بدر وأخذ منهم اسارى بغير حقّ ، وأخذ من الأسرى فدية مقابل إطلاقهم ، فعاقبه الله بهزيمته في احد وجرحه وكسر أسنانه.
و : وزعم انّ النبي صلّى الله عليه وآله غلب عليه المرض في آخر حياته ، فأخذ يهذي ، وطلب من المسلمين أن يأتوه بدواة وقرطاس ، وليكتب لهم كتاباً يؤمنهم من الاختلاف والضلال إلى يوم القيامة ، فرفض ذلك عمر وقال : نبيّكم قد غلبه الوجع ، وأيّده أكثر الحاضرين ، حتّى قال ابن عبّاس : الرزيّة كلّ الرزيّة يوم الخميس.
ز : تقول عائشة : انّ النبي صلّى الله عليه وآله سحر ، ففقد ذاكرته ، وبقي ستّة أشهر مسحوراً يخيّل إليه انّه فعل الشيء وهو لم يفعله ، وأنه أتى زوجته ولم يأتها.
ح : تقرأ في البخاري انّ النبي مفرط في الجنس ، يأتي نساءه التسع في ليلة واحدة ، ويباشر زوجته وهي حائض ، ويبول وهو واقف ، وانّ عمر قال له : أحجب نساءك فلم يفعل ، فأنزل الله آية الحجاب وأمره بما أمر به عمر.
إلى غير ذلك من الأحاديث الواردة في صحيح البخاري.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

العصمة

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية