لماذا هذه الإختلاف في الفتاوى ؟

البريد الإلكتروني طباعة

السؤال :

لا شكّ في أنّ فقهائنا يستنبطون الأحكام عن الكتاب والسنّة ، وعليه فلماذا هذه الاختلاف في الفتاوى ؟ بحيث ربّما يوجب مشاكل للناس ، كالاختلاف في العيد ، وفي أوّل الشهر ، وفي ذبح الحيوانات بالسكين ، بأنّه هل يلزم أن تكون الآلة حديداً أو يجوز بغيره ؟ أجيبونا مشكورين.

الجواب :

بعد الإيمان بالله تعالى ، وأنّ له أنبياء ورسل أُنزلت عليهم شرائع ، وسنّت فيها للبشريّة قوانين ، وهذه القوانين فيها توضيح لمنهج الحياة الفرديّة والإجتماعيّة ، وفيها أوامر ونواهي يلزم على المكلّفين الأخذ بها ، فإذا كان النبيّ صلّى الله عليه وآله حاضراً فالمكلّف يرجع إليه ، أو إلى نائبه لأخذ الحكم الشرعي منه ، كذلك بعد رحيله صلّى الله عليه وآله يرجع المكلّف إلى أوصيائه ـ وهم الأئمّة الإثني عشر من أهل البيت عليهم السلام ، أو نوّابهم ـ.

ولكن بعد أن غاب الإمام الثاني عشر عليه السلام غيبة كبرى ، أرجع الناس إلى الفقهاء العارفين بالأحكام والمستخرجين لها من الأدلّة التي ذكرها النبيّ صلّى الله عليه وآله ، وأهل بيته عليهم السلام ، أو الإجتهاد في تحصيل الحكم الشرعي عن طريق القواعد الكلّية التي طرحت على لسان النبيّ وأوصيائه عليهم السلام.

وبما أنّ الإرجاع لم ينحصر في فرد معيّن ، وإنّما صار الإرجاع إلى وصف معيّن وهم الفقهاء العارفين بالأحكام ، فكلّ من تواجد فيه هذا الوصف رجع إليه في معرفة الحكم الشرعي ، وعلى ضوء هذا الوصف يتعدّد الموصوف ، أيّ يتعدّد الفقهاء العارفين بأحكام أهل البيت عليهم السلام.

وبما أنّ الأذهان مختلفة والأذواق الفقهيّة متفاوتة ، والنظر إلى الأحكام الشرعية أو القواعد المطروحة متفاوتات ، فمن الطبيعي يحصل التفاوت بين الفقهاء في الفتوى ، ويحصل الإختلاف في الإجتهاد ، وهو كلّه دين بالنسبة إلى المكلّف ، ملزم بالرجوع والأخذ عنه ؛ لأنّ أئمّة أهل البيت عليهم السلام أمروا بذلك ، وهم أعلم وأعرف بالإختلافات وحصولها بين الفقهاء ، ومع ذلك ألزمونا بالرجوع إليهم.

وأمّا مسألة حصول مشاكل فهذه تحلّ بتحديد الفقيه الذي يرجع إليه المكلّف ، وهو المطلوب لا غير ، والتزام فتاواه والأخذ بها ، وبالتالي لا توجد أيّ مشكلة بالنسبة إليه مادام هو آخذ عن فقيه واحد ، وعالم واحد.

نعم لو عمل بالإحتياط مع معرفة طرقه يلزم فيه مشقّة وجهد ؛ لأنّ الفتاوى مختلفة ومتفاوتة ، وفي بعض الأحيان تكون على طرفي نقيض ، فإنّ مثل هذا الشخص يقع في مشكلة التعامل مع الفتاوى ، ومع ذلك توجد هناك طرق وقواعد كلّية يستطيع من خلالها معرفة الإحتياط وكيفيّة العمل به ، وكيفيّة التخلّص من المشاكل التي تواجهه حين العمل به.

وأمّا المقلّد فقد ذكرنا بأنّه مادام ملزم بالأخذ من فقيه واحد ـ على تفصيل ليس هنا محلّه فلا يقع في أيّ محذور ، ولا توجد لديه أيّ مشكلة.

 

التعليقات   

 
-1 # محمد طاهر قاسم 2019-08-25 22:51
دار حوار بين اناس لديهم دين فكان نص الحوار
من اختار امك وابوك هل الله ام امك وابوك ام انت نفسك
فكان الجواب ان الشخص هو الذي اختار امه وابوه في عالم الذر
ارجو التوضيح جزاكم الله خير الجزاء
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 
 
+1 # السيّد جعفر علم الهدى 2019-10-25 20:38
هذا غير صحيح ، بل الله تعالى هو الذي اختار ذلك ، حيث كان قدر أن يكون زيد مثلاً ابناً لعمرو في عالم الدنيا ، بالأسباب الطبيعيّة والعلل التكوينيّة ، ولما جمعهم في عالم الذرّ جمعهم على ما هم عليه في دار الدنيا ، فجمع الأب مع الأب وبالعكس ، ولم يكن عالم الذر لأجل اختيار الأبوّة والنبوّة والأمومة ، بل عالم الذي كان عالم الأخذ العهد والميثاق ، فمن الطبيعي ان يجمع الله تعالى جميع افراد البشر ، من الآباء والامّهات والأبناء والأخوة والأخوات ، على النحو الذي سوف يكونون في الدنيا ، ثم يأخذ منهم الميثاق والاقرار بربوبيّته ووحدانيّته ونبوّة محمّد صلّى الله عليه وآله وولاية علي والأئمّة عليهم السلام ، والآية تصرح بذلك : ( وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ ) [ الأعراف : 172 ] وكلمه من ظهورهم ظاهرة في ان الذريّة كانوا معلومين في عالم الذرّ ، ومأخوذين من ظهور آبائهم ، كما ان قوله بني آدم شاهد على انّ الله تعالى اختار ان يكون آدم أباً للبشر والبشر أبناؤه.
رد | رد مع اقتباس | اقتباس
 

أضف تعليق

الاجتهاد والتقليد

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية