نكاح المشركات

البريد الإلكتروني طباعة
بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج5 ، ص 458 ـ  459
________________________________________
(458)
2 ـ في نكاح المشركات:
قد تعرّفت على أنّ الخوارج يعدّون مخالفيهم مشركين و كافرين، فعلى قول الأزارقة جماهير المسلمين رجالاً و نساءً مشركون و مشركات، و على قول غيرهم فهم كافرون و كافرات، فحكم تزويج حرائرهم حكم تزويج الوثنيات و الكتابيات، ولأجل ذلك نذكر بعض كلماتهم ثم نعرض المسألة على الكتاب والسنّة.
كتب ابن الأزرق إلى عبد الله بن صفار و عبد الله بن اباص كتاباً جاء فيه:
و قال تعالى (لاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَـتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ) فقد حرّم الله ولايتهم و المقام بين أظهرهم واجازة شهادتهم و أكل ذبائحهم و قبول علم الدين عنهم و مناكحتهم و مواريثهم(1).
و قد تقدّم في بيان عقائد الصفريه أنّه نقل عن الضحاك الّذي هو منهم أنّه جوّز تزويج المسلمات من كفّار قومهم في دار التقيّة دون دار العلانية. و يريد من المسلمات: الحرائر من الخوارج. ومن «كفّار قومهم»: رجال سائر الفرق الاسلامية.
و يظهر من الخلاف الّذي حدث بين الابراهيمية و الميمونية أنّه يجوز بيع الجارية المؤمنة (الخارجية) من الكفرة أي المسلمون من سائر الفرق.
هذا ما وقفنا عليه من كلماتهم و نبحث عن المسألة بكلتي صورتيها:
الاُولى ـ نكاح المشركة:
اتّفق علماء الإسلام على تحريم تزويج المشركات. قال ابن رشد: «و اتّفقوا على أنّه لايجوز للمسلم أن ينكح الوثنية لقوله تعالى: (وَلاَ تُمْسِكُواْ)
________________________________________
1. الطبري: التاريخ 4 / 438 ـ 440.
________________________________________
(459)
بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ))(1) واختلفوا في نكاحها بالملك»(2).
و قال الشيخ الطوسي في المبسوط: «الضرب الثاني، الذين لاكتاب لهم ولا شبهة كتاب، و هم عبدة أوثان فلا يحلّ نكاحهم و لا أكل ذبائحهم و لا يقرّون على أديانهم ببذل الجزية و لا يعاملون بغير السيف أو الإسلام بلا خلاف»(3).
هذا كلّه حول المشركات، فلو صحّ كون جماهير المسلمات من الفرق الاسلامية مشركات عند الأزارقة، لصحّ ما قال و لكنّه لم يصح ـ وإن صحّت الأحلام ـ لما عرفت أنّ للشرك حدّاً منطقياً في القرآن الكريم، و ابن الأزرق و أتباعه و إن كانوا قرّاء و لكنّه لم يتجاوز القرآن ـ حسب تنصيص النبي الأكرم ـ صلّى الله عليه وآله وسلم ـ عن تراقيهم ولم يصل إلى دماغهم و مراكز أفكارهم، فكيف يصحّ تسمية من ارتكب الكبيرة مشركاً و لو صحّ لما و جد في أديم الأرض مسلماً إلاّ إذا كان معصوماً.
________________________________________
1. الممتحنة: 10، و الأولى أن يستدل بآية صريحة أعني قوله سبحانه:(وَلاَ تَنْكِحُواْ الْمُشْرِكَـتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ...)ـ البقرة: 221 ـ .
2. ابن رشد: بداية المجتهد 2 / 43.
3. الطوسي: المبسوط 4 / 210.

 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية