ما تتعلّق بالنبوّات و الشّرائع و معاجز الأنبياء

البريد الإلكتروني طباعة
بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 3 ، ص 390 ـ 391
________________________________________
(390)
المسألة الثامنة:
ما تتعلّق بالنبوّات و الشّرائع و معاجز الأنبياء
إنّ القاضي رتّب على القول بالعدل عدّة مسائل زعم أنّها من نتائج القول به، وبما أنّ الاختلاف فيها بين المعتزلة و غيرهم بسيط، نكتفي بإيرادها إجمالاً:
1- بعث الأنبياء: قال: «ووجه اتّصاله بباب العدل هو أنّه سبحانه إذا علم أنّ صلاحنا يتعلّق بالشّرعيات، فلا بدّ من أن يعرِّفناها، لكي لا يكون مُخلاًّ بما هو واجب عليه، ومن العدل أن لا يخلّ بما هو واجب عليه».
2- لزوم اقتران النبوّة بالمعجز: قال: «إذا بعث إلينا رسولاً ليعرِّفنا المصالح، فلا بدّ من أن يدّعي النبوّة و يظهر عليه العلم المعجز الدّالّ على صدقه عقيب دعواه النُّبوة».
ثمّ فصّل حقيقة المعجز.
يلاحظ عليه: إنّ مقتضى العدل بعث الأنبياء بالدّلائل و البيّنات المثبتة لدعواهم النّبوّة، ولا تنحصر البيّنات بالمعجزات، بل المعجز إحدى الطّرق إلى التعرّف على صدق النّبي. وهناك طريقان آخران نشير إلى عنوانيهما:
أ-تصديق النبّيّ السابق (الّذي ثبتت نبوّته قطعيّاً) نبوّة النّبىِّ اللاّحق.
________________________________________
(391)
ب- جمع القرائن والشّواهد الّتي تدلّ على صدق دعواه صدقاً قطعيا(1).
3- صفات النّبي: يقول: «الرّسول لا بدّ أن يكون منزّهاً عن المنفِّرات جملة، كبيرة أو صغيرة، لأنّ الغرض من البعثة ليس إلاّ لطف العباد و مصالحهم. فلا بدّ من أن يكون مقبولاً للمكلّف.
ثمّ جوّز صدور الصّغائر عن الأنبياء الّتي لا حظّ لها إلاّ في تقليل الثّواب دون التنفير...، لأنّ قلّة الثّواب ممّا لا يقدح في صدق الرُّسل ولا في القبول منهم
»(2).
يلاحظ عليه: أنّ صدور الذّنب من النّبي يوجب زوال الثّقة بصدق قوله، فيقال: لو كان صادقاً فيما يرويه فلماذا يتخلّف عنه.
4- نسخ الشرائع: فقد ذكر جملة من الأدلّة على جواز النّسخ في الشّرائع وطرح القول بالبداء و بيّن الفرق بينه و بين النّسخ.
5- نبوّة نبيّ الإسلام و دلائل نبوّته وأنّ القرآن معجز: ثمّ بسط الكلام في إعجاز القرآن إلى أن وصل بحثه إلى القول بالتّحريف في القرآن.
ومن أعجب ما أتى به قوله إنّ الإماميّة جوّزوا فى القرآن الزّيادة و النّقصان حتّى قالوا: إنّ سورة الاحزاب كانت بحمل جمل، وإنّه قد زيد فيها، ونقص، وغيِّر و حرِّف (3).
أقول: غاب عن القاضي أنّ الإماميّة على بكرة أبيهم لم يصدر منهم هذا الكلام الرّكيك.
نعم، روى القرطبي عند تفسيره سورة الأحزاب من عائشة قالت: كانت سورة الأحزاب تعدل على عهد رسول الله صلَّى الله عليه و آله و سلَّم مائتي آية، فلمّا كتب المصحف لم يقدر منها إلاّ على ما هي الآن(4).
تمّ الكلام حول الأصل الثّاني والفروع الّتي تترتّب عليه.
________________________________________
1. قد فصلنا تلك الطرق في بحوثنا الكلامية لاحظ الالهيات ج3 ص 61ـ114. 2. شرح الاصول الخمسة: ص 574 ـ 575. 3. شرح الاصول الخمسة: ص 601. 4. تفسير القرطبي: ج 14، ص 113.
 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية