القائلون بجواز العفو أو عدم الخلود، مرجئة أو راجية؟

البريد الإلكتروني طباعة
بحوث في الملل والنحل لأية الله الشيخ جعفر السبحاني ، ج 3 ، ص 406
________________________________________
(406)
د ـ القائلون بجواز العفو أو عدم الخلود، مرجئة أو راجية؟
قد تعرّفت على عقيدة المرجئة في الفصول السّابقة و أنّ شعارهم أنّه لا تضرّ مع الإيمان معصية، كما لا تنفع مع الشِّرك طاعة. وقد عرّفناك منهجهم و أنّ هؤلاء بهذا الشعار يغرّون الجهّال بالمعصية واقتراف الذنوب ولا يعتنون بالعمل بحجّة أنّهم مؤمنون في كلِّ حال، ويعيشون في جميع الأحوال بإرجاء العمل و يقولون: إنّ إيمان واحد منّا يعدل إيمان جبرائيل والنّبيّ الأكرم. هذه هي المرجئة.
وأمّا جمهرة المسلمين القائلون بجواز العفو وعدم الخلود، فهم راجية، يعتقدون بالعقاب والثّواب، يدعون ربّهم رغباً و رهباً، ولا يتّكلون في حياتهم على العفو و الرجاء من دون عمل، غير أنّهم يبثّون بذور الرجاء في قلوب العباد لما فيه من آثار تربويّة. وقد ذكرنا في محلِّه أنّ في القول بالعفو عن العصاة و خروجهم من النّار بالشّفاعة و غيرها، بصيص من الرجاء، و نافذة من الأمل فتحه القرآن في وجه العصاة حتّى لا ييأسوا من روح الله و رحمته، ولئلاّ يغلبهم الشّعور بالحرمان من عفوه، فيتمادوا في العصيان.
فالمرجئة من قدّموا الإيمان و أخّروا العمل، بخلاف الراجية، فإنّهم جعلوا الإيمان غير منفكّ عن العمل و ينادون بأعلى أصواتهم أنّ الإيمان بلا عمل كشجرة بلا ثمر، لا يغني ولا يسمن من جوع، ويخافون ربّهم بالغيب، ومع ذلك يرجون رحمته. فلا ينفكّ الخوف عن الرجاء، والرّهبة عن الرغبة.
 

أضف تعليق

إسئل عمّا بدا لك من العقائد الإسلامية